تسعى مصر إلى «تأمين» دعم القوى الكبرى لموقفها حيال نزاع «سد النهضة» الإثيوبي، بعد أن أحالت القضية إلى مجلس الأمن الدولي، بانتظار الرد الإثيوبي. ووفق بيان للخارجية المصرية، قدم الوزير سامح شكري لنظيره الروسي سيرغي لافروف، خلال اتصال هاتفي أمس، شرحاً لـ«مستجدات الملف».
وروسيا هي إحدى الدول الخمس الكبرى التي تمتلك حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن، بجانب الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا.
وتنشد القاهرة دعم 9 أعضاء على الأقل من أعضاء المجلس الـ15، مع تأمين عدم استخدام أي من الدول الخمس دائمة العضوية حق النقض «الفيتو»، وتصويتهم لصالح قرار متوازن يحمي «حقوقها المائية»، في مواجهة إثيوبيا التي تستعد بدورها لتفنيد الشكوى المصرية، قبل أو بعد انعقاد اجتماع المجلس الأمن، بحسب دبلوماسيين وخبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».
وقدمت مصر طلباً إلى مجلس الأمن، تدعوه فيه «إلى التدخل من أجل تأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، التفاوض بحسن نية، تنفيذاً لالتزاماتها، وفق قواعد القانون الدولي، للتوصل إلى حل عادل متوازن لقضية سد النهضة الإثيوبي».
وتستهدف مصر من اللجوء إلى مجلس الأمن المضي قدماً في «المسار الدبلوماسي والسياسي حتى نهايته»، بحسب الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أمر جيشه، في تصريحات له أول من أمس، بـ«الاستعداد لتنفيذ أي عملية داخل أو خارج البلاد لحماية أمنها القومي».
وتوقفت المحادثات الثلاثية، بين مصر وإثيوبيا والسودان، مرة أخرى الأسبوع الماضي، لكن هذه المرة قبل نحو أسبوعين فقط من البدء المتوقع لملء خزان سد النهضة الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار، ويتم بناؤه قرب حدود إثيوبيا مع السودان.
وقال وزير الخارجية المصري إن بلاده أحالت الملف إلى مجلس الأمن لـ«منع نشوب توتر قد يؤثر على المنطقة»، لافتاً إلى أن الجانب الإثيوبي دائماً ما رفض أي تدخل أو وساطة لحل الأزمة الحالية.
وأضاف شكري، في تصريحات تلفزيونية أمس: «أبدينا مرونة بالغة، ولم نجد بديلاً عن اللجوء لمجلس الأمن لمنع نشوب توتر قد يكون له تأثيره»، مشيراً إلى اقتراح بلاده إيكال المهمة إلى البنك الدولي وأجهزته الفنية، لثقتها في أنها قضية علمية، لا سياسية، ليضع اتفاقاً «من منظور فني وقانوني حول عمل السد، لكن للأسف الجانب الإثيوبي دائماً ما رفض أي تدخل أو وساطة، وهو مستمر في ذلك».
ونوه شكري إلى مسؤولية مجلس الأمن في «الحفاظ على السلم والأمن القومي»، مشيراً إلى أن «قضية السد تمس مستقبل أكثر من 150 مليون مصري وسوداني».
وسبق أن رفضت إثيوبيا كذلك التوقيع على اتفاق نهائي بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، برعاية أميركية، مطلع العام الحالي، عبر مفاوضات أشرفت عليها وزارة الخزانة الأميركية، وحضرها البنك الدولي.
وبدأت إثيوبيا في عام 2011 في بناء سد النهضة على النيل الأزرق بهدف توليد الكهرباء، وتخشى مصر من إضرار السد بحصتها من المياه التي تبلغ نحو 55 مليون متر مكعب سنوياً، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق.
وترفض مصر اعتزام إثيوبيا ملء خزان السد بـ«شكل أحادي» في يوليو (تموز) المقبل، دون توقيع اتفاق نهائي شامل. وبينما تستعد إثيوبيا للرد على الشكوى المصرية، فإن على القاهرة «مهمة تأمين تفهم ودعم 9 أعضاء على الأقل من أعضاء المجلس، وعدم استخدام أي من الدول الخمس دائمة العضوية لحق الفيتو»، كما يشير السفير محمد مرسي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق.
وحدد الدبلوماسي المصري السابق، لـ«الشرق الأوسط»، عدداً من العقبات التي تقف في طريق الطلب المصري، والتي تتطلب جهداً دبلوماسياً، ومنها «صدور قرار من دون صياغات واضحة تقبل أكثر من تفسير يتسم بالعمومية، ودعوة الدول الثلاث لاستئناف المفاوضات دون وضع ضوابط لهذه المفاوضات تحول دون استمرار التعنت الإثيوبي، أو أن يتضمن القرار إجراءات أخرى تطيل أمد النزاع».
ويعد اللجوء لمجلس الأمن «خياراً محفوفاً بالمخاطر»، وفقاً للخبير السياسي الدكتور مالك عوني، مدير تحرير مجلة «السياسة الدولية» في مصر، الذي أشار في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الإطار القانوني الدولي القائم يؤسس على الإرادة السياسية للقوى العظمى، من خلال آلية مجلس الأمن الدولي... وللأسف، فرغم أن هذه الإرادة مؤسسة للشرعية الدولية والقانون الدولي، فإنها في الممارسة العملية لا تتقيد بأي مبادئ، باستثناء مصالح هذه القوى العظمى».
ولمجلس الأمن الدولي صلاحيات تتضمن دعوة إثيوبيا إلى التوقف عن ملء خزان السد، أو العودة إلى المفاوضات حتى الوصول لاتفاق، أو أن تكون هذه المفاوضات برعاية أممية، كما يشير أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة محمد سامح عمرو الذي قال لـ«سبوتنيك» إن «هذه المسألة عندما ترفع لمجلس الأمن، ويجدها تهدد السلم والأمن، سيعمل المجلس تحت مظلة الفصل السادس والفصل السابع من الميثاق، ما يعطي له الصلاحيات كافة لأن يطلب من الدول، أو يتخذ من الإجراءات ما يراه لوقف حالة التهديد للأمن والسلم».
مصر تسعى إلى «تأمين» دعم القوى الكبرى في مواجهة رد إثيوبي منتظر
بعد مخاطبة مجلس الأمن لحل نزاع «سد النهضة»
مصر تسعى إلى «تأمين» دعم القوى الكبرى في مواجهة رد إثيوبي منتظر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة