أجهزة ذكية تكشف «الموزّعين الصامتين» لـ«كورونا»

تقنيات قابلة للارتداء تساهم في رصد الانتشار مبكراً

الساعات والتطبيقات الذكية تساهم في رصد الأمراض
الساعات والتطبيقات الذكية تساهم في رصد الأمراض
TT

أجهزة ذكية تكشف «الموزّعين الصامتين» لـ«كورونا»

الساعات والتطبيقات الذكية تساهم في رصد الأمراض
الساعات والتطبيقات الذكية تساهم في رصد الأمراض

من بين أبرز مشكلات مقاومة فيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض (كوفيد – 19)، هو الفئة التي تسمى بـ«الموزعين الصامتين»، أي الذين ينتشرون في المجتمع وينشرون الفيروس، ولا توجد عليهم أي أعراض تنبههم، أو تنبه مخالطيهم أنهم يحملون الأعراض. وبينما لا يوجد حل لاكتشاف مثل هذه الحالات، بدأ بعض الباحثين ينظرون أخيرا إلى أجهزة قابلة للارتداء مثل «ساعة آبل»، كنظام إنذار مبكر محتمل للفيروس القاتل.
وفي مايو (أيار) 2020. قال علماء في معهد روكفيلر لأمراض الأعصاب بجامعة ويست فيرجينيا بأميركا، إنهم أنشأوا منصة رقمية يمكنها اكتشاف أعراض (كوفيد – 19)، حتى ثلاثة أيام قبل ظهورها باستخدام (حلقة أورا) الذكية، وهي جهاز تتبع اللياقة البدنية والنشاط القابل للارتداء.

رصد الأعراض
ويستخدم التطبيق الذي طوره الباحثون، الذكاء الصناعي للتنبؤ بظهور الأعراض ذات الصلة بكوفيد - 19 مثل الحمى والسعال وصعوبات التنفس والإرهاق، بأكثر من 90 في المائة من الدقة، وفقاً للجامعة.
وقال الباحثون إن النظام يمكن أن يقدم أدلة على الإصابة في الأشخاص الذين لم تظهر عليهم أعراض بعد، ما يساعد على معالجة إحدى المشكلات في اكتشاف واحتواء التفشي القاتل.
بشكل منفصل، قام معهد سكريبس للأبحاث بتسجيل أكثر من 30 ألف شخص متطوع في دراسة مماثلة تهدف إلى استخدام الأجهزة القابلة للارتداء للعثور على الأشخاص «عديمي الأعراض».
وكان باحثو سكريبس أظهروا بالفعل قيمة الأجهزة القابلة للارتداء في التنبؤ بالإنفلونزا في دراسة نشرت في يناير (كانون الثاني) 2020 في المجلة البريطانية «ذي لانسيت». وتقول جينيفر رادين، عالمة الأوبئة في سكريبس، التي تقود البحث، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعهد، إن المؤشرات المبكرة تشير إلى أن الأجهزة «لديها القدرة على تحديد الأشخاص الذين لا يعانون من أعراض واضحة».
ويتم استخدام الأجهزة القابلة للارتداء مثل متعقب اللياقة البدنية (حلقة أورا)، لمراقبة التغيرات الجسدية الدقيقة التي يمكن أن تشير إلى الإصابة بفيروس قبل ظهور الأعراض، ويأمل باحثو سكريبس في إظهار أن بيانات الأجهزة القابلة للارتداء قد تكون أكثر موثوقية من اختبارات درجة الحرارة. وتضيف رادين: «40 في المائة من الأشخاص الذين يصابون بـكوفيد - 19 ليس لديهم حمى، وبالتالي فإن مثل هذه الأجهزة الذكية أفضل من فحص درجة الحرارة».
على سبيل المثال، تعد الزيادة في معدل ضربات القلب أثناء الراحة مؤشراً جيداً قبل الإصابة، ويمكن قياسه بدقة من قبل معظم الأجهزة القابلة للارتداء. وتقول رادين «نرى هذه التغيرات (في معدل ضربات القلب) قبل أربعة أيام من بدء إصابة شخص ما بالحمى».
ويقول إريك توبول، مدير معهد سكريبس، إن فكرة استخدام الأجهزة القابلة للارتداء واعدة لأن الملايين أصبح لديهم ساعة ذكية أو حلقة أورا.

إنذار مبكر
وفي الوقت نفسه، بدأت شركة «إيفيداشين»، وهي شركة ناشئة للتكنولوجيا الصحية في كاليفورنيا، مشروعاً لإنتاج خوارزمية إنذار مبكر من الأجهزة القابلة للارتداء التي يرتديها 300 شخص معرضين لخطر الإصابة بالفيروس التاجي، بتمويل من حكومة الولايات المتحدة ومؤسسة بيل ومليندا غيتس.
وبقول لوكا فوشيني، الشريك المؤسس لـ«إيفيداشين» في تقرير نشرته وكالة الأنباء الفرنسة في 7 يونيو (حزيران) 2020، إن البحث يهدف إلى «تحديد متى وأين قد يصاب الناس بكوفيد - 19 بشكل أكثر فاعلية، ويمكن أن يتيح التدخلات في الوقت الفعلي للحد من انتشار النتائج ومراقبتها».
وتعمل شركة «فيتبيت» المنتجة لساعات تحمل نفس الاسم مع الباحثين في المشاريع التي يمكن أن تسمح بالكشف المبكر عن أمراض مثل (كوفيد – 19). ويسلط أحدث الأبحاث الضوء على كيفية تكييف أجهزتها التي تم تطويرها في البداية لاستخدامات اللياقة البدنية والاستجمام، لإجراء أبحاث طبية مهمة.
وبدأت «آبل» دراسات حول كيفية اكتشاف ساعتها الذكية لمشاكل القلب، وتعمل (فيتبيت) مع حوالي 500 مشروع مختلف للبحث في قضايا السرطان والسكري والجهاز التنفسي والقضايا الصحية الأخرى.
ويقول العلماء إن الأجهزة القابلة للارتداء يمكن أن توفر بيانات عن درجة حرارة الجسم، ومعدلات القلب والجهاز التنفسي، وأنماط النوم والأنشطة، وغيرها من المؤشرات التي يمكن استخدامها كأدوات للتشخيص.
وأعلن باحثون من جامعة ستانفورد في أبريل (نيسان) عن خطط للمشاركة في بحث حول الأجهزة القابلة للارتداء، بالتعاون مع سكريبس للكشف عن كوفيد - 19. وغيرها من الأمراض.

مراقبة طبية
يقول مايكل سنايدر، رئيس علم الوراثة في كلية الطب بجامعة ستانفورد «تقوم الساعات الذكية وغيرها من الأجهزة القابلة للارتداء بإجراء العديد والعديد من القياسات يومياً، على الأقل 250 ألفاً، وهو ما يجعلها أجهزة مراقبة قوية».
ورغم أهمية هذه الأجهزة إلا أن الدكتور محمد عواد، استشاري الأمراض الصدرية بوزارة الصحة المصرية، يقلل من الاعتماد الكامل على نتائجها. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الأجهزة قد تنبه المستخدمين إلى وجود مشكلة في معدل ضربات القلب أو درجة حرارة الجلد أو أي علامة أخرى من علامات العدوى، لكنها لا تغني عن الذهاب للطبيب من أجل التأكد».
ويضيف «هذه الأفكار من الصعب تعميمها، بسبب تكلفة مثل هذه الأجهزة الذكية، لكن يمكن للحكومات التدخل لتوفيرها لفئات محددة من الأكثر عرضة للإصابة مثل الموظفين الحكوميين الذين تتطلب طبيعة عملهم التواصل المباشر مع عشرات المواطنين يوميا».



طريقة علمية مصرية لتحسين مكافحة الآفات الزراعية بـ«المبيدات النانوية»

القطن من المحاصيل الاستراتيجية المهمة في مصر (رويترز)
القطن من المحاصيل الاستراتيجية المهمة في مصر (رويترز)
TT

طريقة علمية مصرية لتحسين مكافحة الآفات الزراعية بـ«المبيدات النانوية»

القطن من المحاصيل الاستراتيجية المهمة في مصر (رويترز)
القطن من المحاصيل الاستراتيجية المهمة في مصر (رويترز)

يُعدّ القطاع الزراعي من الركائز الأساسية للاقتصاد المصري؛ إذ يُسهم بنحو 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ويُعد القطن من المحاصيل الاستراتيجية المهمة، ليس بوصفه مصدراً رئيساً للألياف فحسب، بل أيضاً في إنتاج الزيت وتغذية الحيوانات؛ مما يعزّز أهميته الاقتصادية من خلال توفير فرص العمل وزيادة الإيرادات من النقد الأجنبي. ومع ذلك تواجه زراعة القطن تحديات كبيرة نتيجة للآفات الحشرية، وعلى رأسها دودة ورق القطن المصرية التي تُلحق أضراراً جسيمة بهذا المحصول الحيوي. وتعتمد برامج المكافحة الحالية بشكل كبير على المبيدات التقليدية، التي تترك آثاراً بيئية ضارة، وتؤثر سلباً في الكائنات غير المستهدفة وفي مقدمتها البشر، وتُسهم في تطوير مقاومة الآفات.

مبيدات نانوية

لذا تبرز الحاجة إلى تطوير مبيدات آمنة بيئياً وقابلة للتحلل الحيوي. وتتركز الأبحاث الحديثة على تطوير المبيدات النانوية بصفتها بديلاً واعداً؛ إذ توفّر تقنية النانو إمكانات واسعة لتعزيز استقرار المبيدات وفاعليتها، وتوفير نظام تحرير بطيء للمركبات النشطة، ما يُسهم في مكافحة الآفات بشكل فعال ويحد من التلوث البيئي.

ويُعد «الكيتوزان النانوي»، المستخلص من قشور الكائنات البحرية؛ مثل: الجمبري وسرطان البحر، خياراً واعداً في هذا المجال؛ إذ يتميّز بكونه غير سام وقابلاً للتحلل البيولوجي. كما يُسهم في تعزيز آليات الدفاع النباتي ضد الآفات، ما يمهّد الطريق نحو زراعة أكثر استدامة تتضمّن وعياً بيئياً.

وفي السياق، نجح باحثون مصريون بالمركز القومي للبحوث في تطوير مبيد حشري نانوي يعتمد على «الكيتوزان النانوي»، وهو بوليمر حيوي قابل للتحلل يُستخلص من القشريات، وذلك بهدف تعزيز مكافحة دودة ورق القطن، وتحسين مستوى الأمان، وتقليل السمية للخلايا البشرية.

وفي ظل التهديدات المستمرة التي تواجه محصول القطن الذي يُعد من المحاصيل الرئيسة للاقتصاد المصري، أثبتت الدراسة أن إضافة «الكيتوزان النانوي» إلى المبيدات التقليدية ترفع من فاعليتها وتُطيل مدة تأثيرها، ونُشرت نتائج البحث في عدد 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من دورية «International Journal of Biological Macromolecules»، التي تُعد من المجلات العالمية ذات التأثير القوي.

ووجد الباحثون أن هذه التركيبة النانوية ساعدت في تمديد فترة تأثير المبيد في نبات القطن؛ إذ زاد الوقت الذي يستغرقه المبيد لفقدان نصف فاعليته من نحو 17 يوماً في المبيدات التقليدية إلى أكثر من 40 يوماً. كما أظهرت التجارب انخفاضاً كبيراً في معدلات السُمية، ما يجعل هذا المبيد بديلاً بيئياً أكثر أماناً، بالإضافة إلى تعزيزه دفاعات النباتات ضد الآفات، وتقليل الحاجة إلى الرش المتكرر للمبيدات.

فاعلية كبيرة

يقول الباحث الرئيس للدراسة في قسم الميكروبيولوجيا الزراعية بالمركز القومي للبحوث في مصر، الدكتور أسامة درويش، إن تركيبة «الكيتوزان النانوي» أظهرت فاعلية كبيرة ضد دودة القطن مقارنة بالمبيدات التقليدية، وهذا التحسين في الفاعلية قد يؤدي إلى مكافحة الآفات بشكل أكثر كفاءة؛ ما يسمح باستخدام جرعات أقل ويقلّل من التأثير البيئي للمبيدات.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن تمديد فترة تأثير المبيدات بفضل هذه التركيبة يوفّر حماية مستدامة ضد غزو الآفات، ويقلل من الحاجة إلى تكرار رش المبيدات. كما أظهرت الدراسة قدرة «الكيتوزان النانوي» على تقليل سمية المبيدات على الكائنات غير المستهدفة، بما في ذلك البشر؛ مما يقلّل المخاطر المحتملة على صحة الإنسان والبيئة.

وأشار إلى أن «الكيتوزان النانوي» يتميّز بكونه مادة قابلة للتحلل وغير سامة؛ مما يجعله بديلاً صديقاً للبيئة مقارنة بالمواد الاصطناعية التقليدية، وهذا يُسهم أيضاً في تقليل التأثير البيئي طويل الأمد لاستخدام المبيدات.

ونبّه درويش إلى أن نتائج هذه الدراسة قد تُسهم في تسليط الضوء على إمكانية استخدام المبيدات المعتمدة على «الكيتوزان النانوي»، لتقليل التأثيرات البيئية وتعزيز حماية المحاصيل بطريقة أكثر استدامة.وأكد أن تحسين فاعلية المبيدات وتقليل سميتها على الخلايا البشرية يمكن أن يُسهم في تطوير مبيدات حشرية أكثر أماناً وفاعلية؛ مما يدعم ممارسات الزراعة المستدامة، ويقلل من الاعتماد على المبيدات الكيميائية.