طائرات فوق صوتية لعبور المحيطات... ومسيّرة لنقل ركاب المدن

مشاريع كبرى لغزو أجواء العالم

«درون كندا» لإيصال البضائع إلى المناطق النائية
«درون كندا» لإيصال البضائع إلى المناطق النائية
TT

طائرات فوق صوتية لعبور المحيطات... ومسيّرة لنقل ركاب المدن

«درون كندا» لإيصال البضائع إلى المناطق النائية
«درون كندا» لإيصال البضائع إلى المناطق النائية

تقدّمت مدينة لوس أنجليس، نهاية العام الماضي، بدعوة ضدّ إدارة الطيران الفيدرالية لأنها «سمحت لعدد لا يعدّ ولا يحصى من الطائرات بالتحليق على علوّ منخفض فوق المنازل والمدارس والحدائق العامة».

ضجيج وتلوث
صحيح أنّ خطوة الإدارة هذه تواجه بعض الانتقادات، إلا أنّ قلّة من الناس سيعدونها خاطئة بعد إعلان الإدارة اعتمادها لغرض مساعدة خطوط الطيران في مطارات كثيرة في البلاد على الحدّ من استخدام الوقود، وتخفيف انبعاثات الكربون. ولكن الطيران في ممرّات جويّة مختصرة في هذه المطارات، ومنها مطار «هوليوود بوربانك»، يضع الأحياء المجاورة لها تحت وطأة ضجيج الطائرات، الأمر الذي دفع مدن أخرى بالسير على خطى لوس أنجليس في تحدّي برنامج إدارة الطيران الفيدرالية.
إنّ المخاوف التي نشرتها هذه التقنية الواعدة على نطاق واسع يجب أنّ تكون درساً لصناعة الطيران التي تواصل تقدّمها على جبهات كثيرة.
وتتلقّى طائرات الدرون المستخدمة في توصيل الطرود إلى المكاتب والمنازل دعماً دعائياً واسعاً، بينما لا تزال جهود إعادة إحياء السفر بالطائرات الفوق صوتية بعيدة عن الإعلام، دون أن ننسى حماس كثيرين لسيناريو مستقبلي يتحدّث عن تحليق مركبات أجرة طائرة دون طيّار فوق المدن.
وعدت ميليندا باغلارييلو، مديرة الشؤون البيئية في «مجلس المطارات الدولي - أميركا الشمالية»، أنّ «الناس يشعرون بالحماس تجاه هذه التطورات، وما يدور في فلكها من أخبار. ولكن بعيداً عن نظرة الخيال العلمي إلى هذه التقنية الجذّابة، فهناك سياسات يجب أن تناقش».
ولكنّ الحقيقة هي أنّ تطبيق هذا الأمر ليس بسهولة الحديث عنه، لا سيما أن الأطراف نفسها التي تملك حصّة استثمارية في هذه التقنيات الناشئة لا تعرف إلى أين ستؤول الأمور.

طيران فوق صوتي
ظهر الطيران فوق الصوتي للمرّة الأولى عام 1976، مع طائرة الكونكورد التي استمرّت في العمل حتى عام 2003، ما يعني أنّه ليس تقنية جديدة، وأنّ التوقعات المحيطة بعودته ليست بعيدة عن الحقيقة. ويرى بليك شول، مؤسس شركة «بوم سوبرسونيك» مديرها التنفيذي، أنّه في حال عاد الطيران فوق الصوتي اليوم إلى التشغيل، يجب أن يحمل معه نموذجاً تجارياً أفضل يكون بمتناول عدد أكبر من المسافرين.
وفي مقابلة إذاعية للحديث عن طائرة «أوفرتور» (Overture) فوق الصوتية التي يعمل على تطويرها، قال شول إنّ «الطيران فوق الصوتي سيعود هذه المرّة بأسعار مدروسة مناسبة للأشخاص القادرين على السفر في درجة رجال الأعمال، ودفع مبلغ يقارب 5 آلاف دولار للرحلة من نيويورك إلى لندن».
ولكن الضربة الحقيقية التي سيواجهها الطيران فوق الصوتي ستكون في تأثيره على زيادة انبعاثات الكربون، إذ يُقال إن هذا النوع من الطيران سيقضي على جهود خطوط الطيران الساعية لتخفيف بصمتها الكربونية لأنّه يستهلك كمية وقود أكبر بكثير من التي يستهلكها الطيران المستخدم حالياً للمسافر الواحد. وكان متحدّث باسم شركة «بوم» قد كشف أنّ الطائرات الجديدة ستحمل ما يتراوح بين ألف وألفي راكب خلال السنوات العشر الأولى من خدمتها.
ومن جهته، كشف دان راثرفورد، أحد معدّي دراسة أجراها المجلس الدولي للنقل النظيف حول التأثيرات البيئية لهذه الطائرات، أنّ «كمية ثاني أوكسيد الكربون التي تنتجها ألفا طائرة فوق صوتية خلال سنوات خدمتها يوازي خمس ميزانية الكربون الكاملة للطيران الدولي. ولا شكّ أنّ هذا الأمر سيزيد من صعوبة التزام صناعة الطيران بالتحدّي الذي وضعته لخفض حصتها من انبعاثات الكربون إلى النصف».
ولا بد من الإشارة إلى أنّ إحياء هذه الطائرات من جديد في هذا الوقت الحساس الذي يشهد امتعاضاً من النمو المتزايد للسفر الجوّي، ولّد حالة من التراجع.

خدمات «الدرون»
أظهر مسح أجراه موقع «أنماند إيرسبيس»، المتخصص بصناعة الطيران الآلي، أنّ عدد الدول التي تسمح اليوم، أو ستسمح قريباً، باستخدام الطائرات ذاتية القيادة (الدرون) لخدمات التوصيل، وصل إلى 45. ولكنّ هذه التقنية لا تزال بعيدة جداً عن التقدّم المطلوب من الأنظمة القادرة فعلاً على تنظيم المجال الجوي.
وترى إيزابيل ديل بوزو دي بوزا، مديرة قسم إدارة النشاط الجوي للطائرات الآلية في شركة «إيرباص»، أنّ «حقيقة طيران كثير من المركبات في وقت واحد تولّد نوعاً من التعقيد. فطائرات الدرون آلية، ولا يمكن التواصل معها، في حين أنّ إدارة حركة الملاحة الجوية لا تزال تعتمد حتّى اليوم على التواصل الصوتي».
ومن جهته، يرى مايكا زهرا، المدير الرئيس التنفيذي لشركة «درون ديلفري كندا» أنّ الانطباع السائد يوحي للناس بأنّهم قريباً سيتلقون جميع طرودهم بواسطة طائرات الدرون، إلّا أنّ التقنية المتوفّرة حالياً صالحة للاستخدام في مجالات محدودة، أبرزها التطبيقات المحصورة بين الشركات، وخدمات التوصيل إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها، وحالات أخرى أولويتها السرعة.
وتعمل غالبية طائرات الدرون بالبطارية، ما يعني أن بصمتها الكربونية أقلّ من وسائل النقل الأخرى، ولكنّ أهمية هذه الميزة تتراجع عند مقارنتها بكلفة الشروط المطلوبة لتشغيل هذه المركبات، كالمخازن التي تعمل بالطاقة التقليدية، والمرافئ المخصصة لطائرات الدرون، ومحطات الشحن.

طائرات ركاب مسيّرة
يُشار إلى مركبات النقل الجوّي المُدني على أنّها طائرات درون كبيرة مطوّرة لنقل الركّاب. وقد بدأت شركة «إي هانغ» (EHang) الصينية باختبار طائرة دون طيّار قادرة على حمل راكبين، ووضعت خططاً لبدء تسيير رحلاتها في مدينة غوانزو. أمّا طائرة «أوبر إيليفيت» (Uber Elevate)، فمن المزمع أن تبدأ رحلاتها في عام 2023، في مدينتين في الولايات المتحدة وفي ملبورن الأسترالية.
ويرى فريد ريد، المدير العام لقسم النقل في شركة «إير بي إن بي» الرئيس الأسبق لشركة تعمل في تطوير طائرات النقل المدني، أنّ «هذه الطائرات ستصبح متوفرة بمئات الآلاف خلال 20 عاماً».
وإذا افترضنا أنّه محقّ، فهذا يعني أنّ الطيران سيصبح جزءاً مؤثراً في حياتنا اليومية، وسنرى المرافئ الجويّة في كلّ مكان نظراً لأهميتها في ربط مراكز النقل في مختلف المدن، وربط هذه المدن بالمناطق النائية.
ومن جهته، صرّح إريك أليسون، مدير «أوبر إيليفيت»، بأنّ «الإقلاع من الأرض يتطلّب منّا التعامل بذكاء وتأنٍّ مع اختيار مواقع المرافئ الجويّة، بالإضافة إلى تأمين اتصال الحافلات والنقل العام والسيّارات، لتنشيط الحركة ومنح الناس خيارات أكثر».
ويرى النقّاد أن ترويج أوبر لمكاسب النقل الجوي وأفضليته على الطرقات المزدحمة، من خلال التركيز على الدور الذي لعبته خدمات مشاركة وسائل النقل في زيادة الازدحام على الأرض، أمر مثير للسخرية. وكانت هيئة النقل في مقاطعة سان فرانسيسكو قد كشفت أنّ النقل المشترك تسبب بزيادة الازدحام بنسبة 50 في المائة بين 2010 و2016.
وتسير شركة «إي هانغ» الصينية بسرعة نحو تفعيل النقل الجوي المُدني، ولكن تقدّم هذه الصناعة في الولايات المتحدة لن يكون بالسرعة نفسها، لأنّه محكوم بالحصول على تراخيص المركبات وترسيم المجال الجوي، والموافقات المطلوبة لوضع نظام جديد لحركة النقل الجوي، وإنشاء المرافئ الجوية. وترى ديل بوزو دي بوزا أنّ المطلوب هنا هو «نظام مركّب للأنظمة».

- خدمة «نيويورك تايمز».



«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية
TT

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

في المستقبل، يمكن تغطية سيارتك الكهربائية بألواح شمسية -ليس فقط على السطح، ولكن في جميع أنحاء الجزء الخارجي من السيارة- بفضل طلاء خاص.

وسواء كنت تقود السيارة أو كانت متوقفة، يمكن لهذا الطلاء الشمسي حصاد الطاقة من الشمس، وتغذيتها مباشرة في بطارية السيارة الكهربائية. وربما يبدو الأمر وكأنه شيء من كتاب خيال علمي، إلا أن الباحثين في شركة «مرسيدس بنز» يعملون بالفعل على جعله حقيقة واقعة.

عجينة لطلاء شمسي

يقول يوشين شميد، المدير الأول لشركة «مستقبل القيادة الكهربائية» Future Electric Drive، للبحث والتطوير في «مرسيدس بنز» الذي يستكشف تقنيات السيارات الكهربائية في مرحلة مبكرة: «نحن ننتج مئات السيارات يومياً، وسطح السيارة مساحة كبيرة جداً. فلماذا لا نستخدمها لحصاد طاقة الشمس؟».

إن المادة الكهروضوئية التي تبحثها شركة مرسيدس تشبه العجينة التي يمكن وضعها على الجزء الخارجي للسيارة. يبلغ سمك الطلاء 5 ميكرومترات فقط (يبلغ متوسط ​​سمك شعرة الإنسان نحو 100 ميكرومتر)، ويزن 50 غراماً لكل متر مربع.

وقود شمسي لآلاف الكيلومترات

في سيارة رياضية متعددة الأغراض SUV متوسطة الحجم، ستشغل العجينة، التي تطلق عليها مرسيدس أيضاً طلاءً شمسياً، نحو 118 قدماً مربعة، ما ينتج طاقة كافية للسفر لمسافة تصل إلى 7456 ميلاً (12000 كم) في السنة. ويشير صانع السيارة إلى أن هذا يمكن أن يتحقق في «ظروف مثالية»؛ وتعتمد كمية الطاقة التي ستحصدها هذه العجينة بالفعل على قوة الشمس وكمية الظل الموجودة.

طلاء مرن لصبغ المنحنيات

ولأن الطلاء الشمسي مرن، فيمكنه أن يتناسب مع المنحنيات، ما يوفر فرصاً أكبر للطاقة الشمسية مقارنة بالألواح الشمسية الزجاجية التي لا يمكن ثنيها، وبالتالي لا يمكن تثبيتها إلا على سقف السيارة أو غطاء المحرك. يُعدّ الطلاء الشمسي جزءاً من طلاء متعدد الخطوات يتضمن المادة الموصلة والعزل والمادة النشطة للطاقة الشمسية ثم الطلاء العلوي لتوفير اللون (يشكل كل ذلك معاً عمق بـ5 ميكرونات).

لن تكون هذه الطبقة العلوية طلاءً قياسياً للسيارات لأنها لا تحتوي على صبغة. بدلاً من ذلك، ستبدو هذه الطبقة أشبه بجناح الفراشة، كما يقول شميد، وستكون مادة شديدة الشفافية مليئة بجسيمات نانوية تعكس الأطوال الموجية من ضوء الشمس. كما يمكن تصميمها لتعكس أطوال موجية محددة، ما يعني أن السيارات الكهربائية يمكن أن تأتي بألوان أخرى.

وسيتم توصيل الطلاء الشمسي أيضاً عن طريق الأسلاك بمحول طاقة يقع بجوار البطارية، الذي سيغذي مباشرة تلك البطارية ذات الجهد العالي.

تأمين أكثر من نصف الوقود

ووفقاً للشركة فإن متوسط سير ​​السائق هو 32 ميلاً (51.5 كم) في اليوم؛ هناك، يمكن تغطية نحو 62 في المائة من هذه الحاجة بالطاقة الشمسية من خلال هذه التكنولوجيا. بالنسبة للسائقين في أماكن مثل لوس أنجليس، يمكن أن يغطي الطلاء الشمسي 100 في المائة من احتياجات القيادة الخاصة بهم. يمكن بعد ذلك استخدام أي طاقة إضافية عبر الشحن ثنائي الاتجاه لتشغيل منزل شخص ما.

على عكس الألواح الشمسية النموذجية، لا يحتوي هذا الطلاء الشمسي على أي معادن أرضية نادرة أو سيليكون أو مواد سامة أخرى. وهذا يجعل إعادة التدوير أسهل. وتبحث «مرسيدس» بالفعل عن كيفية جعل إصلاحه سهلاً وبأسعار معقولة.

يقول شميد: «قد تكون هناك مخاوف من أن سيارتي بها خدش، فمن المحتمل أن لوحة الباب معطلة»، وتابع: «لذا اتخذنا احتياطاتنا، ويمكننا بسهولة القول إن لدينا تدابير مضادة لذلك».

ومع تغطية المركبات الكهربائية بالطلاء الشمسي، لن يكون هناك الكثير من القلق بشأن شبكات الشحن، أو الحاجة إلى قيام الناس بتثبيت أجهزة الشحن في منازلهم. ويقول شميد : «إذا كان من الممكن توليد 50 في المائة أو حتى أكثر من قيادتك السنوية من الشمس مجاناً، فهذه ميزة ضخمة ويمكن أن تساعد في اختراق السوق».

ومع ذلك، فإن حقيقة طلاء سيارتك الكهربائية بالطاقة الشمسية لا تزال على بعد سنوات، ولا تستطيع مرسيدس أن تقول متى قد يتم طرح هذا على طرازاتها، لكنها شركة واثقة من تحقيقها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً