السودان يدعو لتجنّب التصعيد في ملف سد النهضة

سد النهضة الإثيوبي (أ.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ب)
TT

السودان يدعو لتجنّب التصعيد في ملف سد النهضة

سد النهضة الإثيوبي (أ.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ب)

دعا السودان، اليوم (الأحد)، لتجنّب التصعيد في ملف سد النهضة الإثيوبي، عقب إحالة مصر الملف إلى مجلس الأمن الدولي.
وقال وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس، لعدد محدود من الصحافيين: «لا نريد الذهاب إلى التصعيد. والتفاوض هو الحل الوحيد»، دون أن يشير بشكل صريح إلى مسألة إحالة مصر الملف لمجلس الأمن الدولي.
وقدّمت مصر إلى مجلس الأمن طلباً تدعوه فيه «إلى التدخّل من أجل تأكيد أهمّية مواصلة الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، التفاوض بحسن نيّة، تنفيذاً لالتزاماتها وفق قواعد القانون الدولي من أجل التوصّل إلى حلّ عادل ومتوازن لقضيّة سدّ النهضة الإثيوبي»، حسبما جاء في بيان للخارجية المصرية.
وشدد عباس على ضرورة توقيع اتفاق بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان) قبل بدء أديس أبابا ملء بحيرة السد في الأول من يوليو (تموز) المقبل، بناء على ما تم الإعلان عنه.
وقال حسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية» إن «توقيع اتفاق (يُعدّ) شرطاً أساسياً بالنسبة لنا للبدء في ملء السد... من حق السودان أن يطالب باتفاق قبل الملء».
ويأتي ذلك في ظل تعثّر المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا. وفشلت الدول الثلاث في التوصّل إلى اتفاق فيما بينها.
وتقول إثيوبيا إنّ الكهرباء المتوقع توليدها من سد النهضة الذي تبنيه على النيل الأزرق لها أهمية حيوية من أجل الدفع بمشروعات تنمية في البلد البالغ عدد سكانه أكثر من 100 مليون نسمة.
لكن مصر تقول إن السد يهدّد تدفق مياه النيل التي ينبع معظمها من النيل الأزرق، ما يحمل تداعيات مدمرة بالنسبة لاقتصادها ومواردها المائية والغذائية.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس (السبت)، إن بلاده ملتزمة بالدبلوماسية لحل أزمتها مع إثيوبيا حول بناء السد. وأضاف: «عندما تحركنا إلى مجلس الأمن... كان (السبب) هو الحرص مننا على أن نأخذ المسار الدبلوماسي والسياسي حتى نهايته».
وبدأت إثيوبيا بناء السد في عام 2011. ومع الانتهاء منه، سيصبح أكبر سد هيدروكهربائي في أفريقيا.
وأشار المفاوض القانوني السوداني هشام كاهن إلى تراجع إثيوبيا عن المسائل التي تم الاتفاق عليها في واشنطن». وقال: «نتفاوض على اتفاقية دولية ملزمة لكل الأطراف... وإثيوبيا تراجعت عما اتفقنا عليه في واشنطن».
ونهاية فبراير (شباط) ، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية التوصل إلى اتفاق ودعت إثيوبيا إلى التوقيع عليه، بينما رأت مصر أنه «عادل ومتوازن».
واتهمت إثيوبيا الولايات المتحدة بأنها «لا تتحلى بالدبلوماسية» وتحابي أطرافاً معينة في محاولتها حل الخلاف بشأن سد النهضة.
وأوضح وزير الري السوداني ياسر عباس أنه تم التوافق على «القضايا الفنية» لكنه أشار إلى وجود «نقاط قانونية» عالقة.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».