في فلسطين... لم يكن الوباء سوى واحدة من المعارك

في فلسطين... لم يكن الوباء سوى واحدة من المعارك
TT

في فلسطين... لم يكن الوباء سوى واحدة من المعارك

في فلسطين... لم يكن الوباء سوى واحدة من المعارك

في فلسطين شكلت مواجهة الفيروس منذ اللحظة الأولى معركة لا مجال فيها سوى للانتصار، وسرعان ما رفع الجميع هنا شعار «سننتصر... يجب أن ننتصر على الوباءين» متأثرين ربما بالمعركة طويلة الأمد مع الاحتلال.
لكنها كانت معركة مختلفة تماما. لقد حارب الدكتور محمد البلبول لمدة 78 يوما بدون كلل أو ملل على جبهة كورونا، وهي نفس الفترة التي قضاها مضربا عن الطعام في السجون الإسرائيلية قبل 4 أعوام، يوما وراء يوم في مواجهة «الموت»، وفي المعركتين نجا وانتصر.
ويروي البلبول لـ«الشرق الأوسط» كيف أنه دخل معركة الإضراب بإرادته واختار الوقت المناسب لها وكان يعرف نتائجها «شهيدا أو محررا»، لكن معركة كورونا فرضت نفسها عليه بدون أن يعرف النتيجة.
وقال البلبول «ليست المرة الأولى التي أواجه فيها الموت. خضت إضرابا عن الطعام في السجون 78 يوما لكن لم أكن قلقا مثلما كنت في هذه المعركة. في الإضراب كنت أعرف ماذا أفعل من أواجه من هو عدوي وما هو مصيري. لكن في المعركة مع كورونا كان كل شيء مجهولا وغير مفهوم ولم يكن أحد يعرف مصيره».
منذ اليوم الأول التي اكتشف فيه الفيروس في مدينة بيت لحم في الخامس من شهر مارس «آذار» المنصرم، تفرغ البلبول كليا من أجل سحب عينات من مرضى ومخالطين وهي مهمة كانت انتحارية آنذاك وتنحى عنها زملاء. يتذكر كيف كان عليهم سحب العينات من كبار سن وصغار ونساء باختلاف تقبلهم للأمر وكيف كان عليهم لعب أدوار مختلفة منها أمنية ومنها إرشادية، بما يشمل تتبع خارطة المخالطين في مطاردة صعبة ومرهقة. في يومه الأول تمكن من كشف 6 مصابين وأدرك أنها معركة مختلفة مع عدو مختلف.
وقال «قلقت. فهمت أننا أمام خطر حقيقي. ومعركة طويلة وصعبة مجهولة وغير مفهومة لكننا كنا قد أعلنا الحرب وبدأنا مع إجراءات فيها الكثير من المبالغة». أضاف «أول قرار أخذته، غادرت المنزل وتركت زوجتي وطفلي. لقد خفت أن أورطهم في معركة ليست لهم خفت أيضا على عائلتي الكبيرة على أصدقائي على البلد». لقد كانت بداية مربكة وليست متعلقة به وحده.
في الإضراب كان قراراه وحده ومصيره وحده كما يقول، لكن في كورونا أنه مصير البلد والناس.
كان يعرف البلبول طبيعة عدوه في السجن، وهو عدو قتل والده قبل ذلك، غير أنه لم يكن يدرك ماهية عدوه الجديد «الكورونا» لأنه «غير معروف وغير واضح ويمكن أن يأتيك من مأمن». رغم ذلك، لم يكن ينهي البلبول إلى جانب طاقم وزارة الصحة في بيت لحم خلال الأسابيع الأولى عمله قبل الرابعة فجرا بينما ترزح المدينة كلها تحت إغلاق محكم.
إنها تجربة تفوق بالنسبة للبلبول تجربة الإضراب عن الطعام شجاعة، وتستحق أن تروى بكل تفاصيلها، ما لها وما عليها.
بعد 78 يوما كانت وزيرة الصحة تحتفل بالنصر في بيت لحم، لكن البلبول كان يستريح استعدادا لمعركة جديدة.
لم يكد يستريح حتى سجلت إصابة جديدة في بيت لحم قبل أيام وتم رصد مصاب آخر زار محكمة المدينة.
إنه جاهز مع رفاقه لجولة أخرى على أمل الانتصار النهائي على «الوباء» المستجد بانتظار الانتصار الأكبر على «الوباء» القديم.


مقالات ذات صلة

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.


غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».