السودان يرفض تمسك إثيوبيا بملء سد النهضة قبل توقيع اتفاق

سد النهضة كما يبدو في صورة عبر الأقمار الصناعية التقطت في 18 مايو الماضي (أ.ب)
سد النهضة كما يبدو في صورة عبر الأقمار الصناعية التقطت في 18 مايو الماضي (أ.ب)
TT

السودان يرفض تمسك إثيوبيا بملء سد النهضة قبل توقيع اتفاق

سد النهضة كما يبدو في صورة عبر الأقمار الصناعية التقطت في 18 مايو الماضي (أ.ب)
سد النهضة كما يبدو في صورة عبر الأقمار الصناعية التقطت في 18 مايو الماضي (أ.ب)

اعتبر السودان تمسك إثيوبيا ببدء ملء «سد النهضة» قبل الوصول إلى اتفاق، يضر بمصالحه ويؤثر على أحد سدوده، وجدد رفضه القاطع لأي تحرك أحادي قبل التوصل إلى اتفاق ثلاثي يضم مصر. وجددت إثيوبيا الجمعة، غداة فشل المفاوضات الثلاثية في الوصول إلى اتفاقية قانونية، ورفع الأمر لرؤساء الدول، تمسكها بالشروع في الملء الأول لبحيرة السد في يوليو (تموز) المقبل، واعتبرت الأمر قضية سيادية تتفق مع القوانين الدولية. وقال وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارجاشو، أن بلاده ستمضي في ملء خزان سد النهضة «حتى دون اتفاق». وقال في مقابلة مع وكالة «أسوشيتد برس»: «إذا تعين علينا انتظار مباركة الآخرين، فقد يظل السد عاطلاً لسنوات وهذا لن نسمح بحدوثه».
وقالت وزيرة الخارجية السودانية أسماء محمد عبد الله في بيان صحفي حصلت عليه «الشرق الأوسط» أمس، إن حكومتها ترفض بشكل قاطع أي تحرك أحادي من شأنه إلحاق الضرر بالسودان، والبدء في عملية ملء سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بسلامة وتشغيل «سد الروصيرص» السوداني. وشددت المسؤولة السودانية على أهمية «التزام الأطراف كافة بالتفاوض بحسن نية، ومراعاة قواعد القانون الدولي ذات الصلة، وتغليب روح التعاون المحقق لمصالح شعوب الدول الثلاث».
وأكدت عبد الله استمرار السودان في بذل الجهود كافة، في إطار مبادرته المطروحة حالياً، والهادفة لاستمرار التفاوض والحوار، باعتباره أفضل وسيلة لتحقيق مصالح الدول الثلاث في سبيل الوصول إلى اتفاق عادل ومتوازن، وقالت: «السودان حريص على حماية وتأمين مصالحه القومية ملتزماً في ذلك بمبادئ القانون الدولي، وبتغليب لغتي التعاون والحوار».
وأكدت عبد الله تحقيق جولات التفاوض التي جرت لتقدم ملموس في القضايا الفنية، ما يؤكد أفضلية التفاوض كوسيلة للوصول إلى اتفاق، وأضافت: «الخلاف لا يزال قائماً بشأن بعض القضايا القانونية الجوهرية، ما حتم إحالة الملف إلى رؤساء الوزراء في الدول الثلاث، بهدف التوصل إلى توافق سياسي يفضي بدوره إلى استئناف واستكمال التفاوض في أسرع وقت ممكن».
وأشارت الوزيرة السودانية إلى مشاركة مراقبين من الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، في المفاوضات الأخيرة، وطالبت بدور «أكثر فاعلية في تقريب وجهات النظر، ودفع جهود التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة» يقوّم هؤلاء الوسطاء.
ونقلت تقارير صحافية عن رئيس اللجنة الفنية الإثيوبية لمفاوضات سد النهضة قاديون آسفا، تمسك أديس أبابا ببدء الملء الأول في يوليو (تموز) المقبل، كما حددت في وقت سابق. ورأى أن قرار بلاده بملء السد في الموعد الذي حددته، حق سيادي يتسق مع القانون الدولي، الذي يتيح لإثيوبيا الاستفادة من مواردها في تحقيق التنمية ومحاربة الفقر وتوفير الكهرباء للمواطنين، وأضاف: «لن نأخذ إذناً من أحد لملء السد».
وأوضح أن عملية الملء ستسير وفقاً للخطة الوطنية التي وضعت من قبل دون تغيير، وأن حكومته أبلغت الأطراف رسمياً في المفاوضات، وأن بلاده لن تستجيب لما سماه «لغة التهديد والضغوط»، بيد أنه عاد ليقول: «في حال تعذر الاتفاق، فإن مسألة ملء السد قرار وطني لا رجعة عنه».
وكان وزير الري السوداني ياسر عباس، قد أشار الأربعاء، إلى خلافات في الجوانب القانونية تتعلق بتوقيع اتفاقية إلزامية الاتفاقية وطرق تعديلها، بيد أنه عاد وأكد ما سماه التقدم الكبير المحرز في الملفات الفنية المتعلقة بأمان السد، والملء الأول للسد والتشغيل طويل الأمد، وتبادل البيانات والدراسات البيئية واللجنة الفنية للتعاون. ونقلت «الشرق الأوسط» الخميس، عن المسؤول السوداني اتفاق الوفود الثلاثة على تكليف الفرق القانونية مواصلة المداولات بحضور المراقبين، وأن التفاوض رفع لمستوى رؤساء الوزراء.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.