السراج يبحث مع تبون «خطة الجزائر» لإنهاء الاقتتال الليبي

TT

السراج يبحث مع تبون «خطة الجزائر» لإنهاء الاقتتال الليبي

قال مصدر حكومي جزائري إن اللقاء الذي جمع أمس رئيس البلاد عبد المجيد تبون، برئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج، تناول تنسيقاً بين الجزائر ومصر وتونس لتجاوز الأزمة الليبية. ودامت زيارة السراج إلى الجزائر، أمس، ساعات قليلة، بحث خلالها تطورات الوضع في ليبيا مع رئيس الوزراء عبد العزيز جراد، ووزير الخارجية صبري بوقادوم، قبل استقباله من طرف الرئيس تبون. وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية أن الزيارة «تدخل في إطار الجهود المكثفة المتواصلة التي تبذلها الجزائر من أجل استئناف الحوار بين الأشقاء الليبيين، لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، يكون قائماً على احترام إرادة الشعب الشقيق، وضمان وحدته الترابية وسيادته الوطنية، بعيداً عن التدخلات العسكرية الأجنبية».
وبحسب البيان، فقد زار السراج الجزائر «على رأس وفد مهم». وأكد مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل المسؤولين الجزائريين الذين التقاهم السراج، أكدوا على خطورة التدخل السياسي والعسكري لدول أجنبية عن المنطقة، في الأزمة الليبية». كما تناولت اللقاءات، حسب المصدر نفسه: «خطة جزائرية لإنهاء الصراع بين الأطراف الليبية»، دون أن يشرح المصدر تفاصيلها.
وبحسب المصدر الحكومي: «يتعلق الأمر بمبادرة جزائرية، يجري الإعداد لها منذ أشهر، تتمثل في جمع أطراف الصراع بالجزائر لبحث حل سياسي»؛ مشيراً إلى أن الجزائر عرضت المبادرة على مصر وتونس «ولم تبديا اعتراضاً عليها». كما تم التطرق – حسبه - إلى مبادرة التسوية التي أعلنت بالقاهرة منذ أسابيع.
وكان رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، قد زار الجزائر الأسبوع الماضي، ونقل عن رئيسها أنه «سيبذل قصارى جهده للم شمل الليبيين، وجمعهم حول طاولة الحوار للوصول إلى حل، طبقاً لمخرجات مؤتمر برلين». كما أبدت الجزائر انزعاجاً من «التدفق المكثف للسلاح إلى ليبيا من الخارج منذ اجتماع برلين» الذي عقد مطلع العام.
وترى الجزائر أن أي حل للأزمة في جارتها الشرقية «لن ينجح من دون إشراكها كطرف فاعل بالمنطقة». كما تعتبر نفسها «أكثر بلدان المنطقة تضرراً من تداعيات الحرب في ليبيا، بسبب تسريب السلاح، وتسلل إرهابيين ومهربي البشر عبر حدودها».
وصرح الرئيس تبون، خلال لقاء صحافي في 12 من يونيو (حزيران) الجاري، بأن «كل الأطراف في ليبيا لا تعترض على الوساطة التي تقترحها الجزائر لإيجاد حل للأزمة يحقن دماء الجزائريين»، وأكد أن الجزائر «ليست لها أطماع توسعية ولا اقتصادية في ليبيا، فهمها الوحيد هو وقف اقتتال الأفرقاء فيما بينهم؛ لأننا كجزائريين عشنا محنة شبيهة، ونعرف ماذا يعني سقوط أرواح»، في إشارة إلى فترة الصراع مع الإرهاب في تسعينات القرن الماضي. وبحسب تبون، فإن «دور الوسيط الذي تقترحه الجزائر لا يعترض عليه السيد فايز السراج، ولا السيد خليفة حفتر، كما لا تعترض عليه القبائل الليبية».
كما ذكر تبون في لقائه الصحافي أيضاً أن «حسم الأزمة في ليبيا لا يمكن أن يكون عسكرياً، والجزائر التي تقف على المسافة نفسها من جميع الأطراف، مستعدة للمساعدة في إنهاء الأزمة، ومرافقة الليبيين في تنظيم شؤونهم الداخلية، أثناء بناء المؤسسات وتنظيم الانتخابات»، مضيفاً أن «البلد يشهد مداً وجزراً بين هذا وذلك، والمبدأ الأساسي الذي عبَّرنا عنه بوضوح هو أن الحسم لن يكون عسكرياً. وكل الدول، بما فيها العظمى، مع خطة الجزائر ومقاربتها»، غير أنه لم يوضح مضمون «الخطة».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».