أنقرة تتهم واشنطن وموسكو وطهران بـ«فرض مصالحها» في سوريا

تقرير يسلط الضوء على انتشار الليرة التركية في إدلب

TT

أنقرة تتهم واشنطن وموسكو وطهران بـ«فرض مصالحها» في سوريا

أكدت أنقرة رفضها محاولات إضفاء الشرعية على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، متهمة الولايات المتحدة وروسيا وإيران بالتعاطي مع الملف السوري من منطلق مصالحها الإقليمية فقط.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، خلال مشاركته في ندوة نظمتها عبر الفيديو، ليل الجمعة السبت، مؤسسة «كونراد أديناور» الألمانية، إن الأسد «فاقد للشرعية». وانتقد كالين كلاً من الولايات المتحدة، وروسيا، وإيران، قائلاً إنها لم تتعاط مع الملف السوري إلا من أجل مصالحها الإقليمية، قائلاً إن الأخطاء التي ارتكبتها تلك الدول في سوريا انطلاقاً من مصالحها هي نفسها التي ارتكبت من قبل في العراق. وأكد كالين أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه مع روسيا في 5 مارس (آذار) لا يزال صامداً رغم «استفزازات النظام».
كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، انتقد، في مقابلة تلفزيونية، أول من أمس، العقوبات الأميركية على النظام السوري ضمن «قانون قيصر»، محذراً من سعي الولايات المتحدة إلى تقسيم سوريا وإقامة منطقة خاصة للأكراد.
كان كالين ذكر، في وقت سابق، أن تركيا لا ترى في بشار الأسد زعيماً، مشدداً على ضرورة إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في سوريا.
على صعيد آخر، ألقت وكالة أنباء «الأناضول» الرسمية التركية الضوء، في تقرير لها، أمس، على تداول الليرة التركية في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، وسط تجاهل رسمي في أنقرة للتطرق إلى هذا الموضوع.
وذكرت الوكالة، في تقريرها الذي بثته أمس (السبت)، أن الليرة التركية ساهمت في إنعاش أسواق محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غربي سوريا، بعد البدء في تداولها بدلاً عن الليرة السورية، التي شهدت قيمتها هبوطاً قياسياً خلال الفترة الماضية.
ونقلت «الأناضول» عن أحد أصحاب شركات الصرافة في بلدة سرمدا في إدلب، يدعى محسن حمود، أن أسواق إدلب شهدت انتعاشاً مع تداول الليرة التركية بالمنطقة، وأن الوضع الاقتصادي تحسن إلى حد ما مع دخول الليرة التركية إلى المنطقة، معرباً عن أمله في اتساع نطاق تداولها في مختلف القطاعات في إدلب.
وأشار علي أبو راس، وهو صاحب محل للبقالة في سرمدا، إلى تزايد الطلب على الليرة التركية من قبل المواطنين والتجار، وأن العمال في المنطقة بدأوا يتقاضون أجورهم بالليرة التركية، قائلاً إنهم «ممتنون لذلك».
وقال أحد المواطنين إنهم بحاجة إلى بعض الوقت ليتعودوا على الأسعار بالعملة التركية، مشيراً إلى أن استخدام الليرة التركية سيساهم في تطوير واستقرار الأسواق.
وبعد انخفاض قيمة العملة المحلية السورية، بشكل قياسي، في الفترة الأخيرة، بدأ سكان إدلب في استخدام الليرة التركية للحفاظ على قوتهم الشرائية، وسط تقارير عن قيام أنقرة بضخ كميات كبيرة من الفئات الصغيرة من الليرة التركية.
ومنذ توغلها العسكري في شمال سوريا مع عملية «درع الفرات» في 2016، ثم «غصن الزيتون» في 2018، وأخيراً «نبع السلام» في 2019، تقوم تركيا بعملية لإلحاق المناطق الخاضعة لها وللفصائل الموالية لها لتصبح تابعة إدارياً، ومرتبطة في مختلف خدماتها مع الولايات التركية الحدودية، فضلاً عما رصدته تقارير عن عمليات تغيير في البنية الديموغرافية لتلك المناطق.
وتأثر اقتصاد النظام السوري بشكل كبير، منذ وضع يده على أملاك رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، وكذلك بعد دخول قانون «قيصر» الأميركي الذي يتضمن عقوبات على النظام، حيز التنفيذ.
وهبطت قيمت الليرة السورية إلى 2650 للدولار، في تعاملات الأمس، في حين كان سعر الصرف لا يتخطى الـ50 ليرة للدولار قبل عام 2011.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.