بيروت تسعى إلى التفاوض مع واشنطن لطلب استثناءات من «قانون قيصر»

TT

بيروت تسعى إلى التفاوض مع واشنطن لطلب استثناءات من «قانون قيصر»

لا يزال «اللقاء الوطني» الذي دعا إليه الرئيس ميشال عون يوم الخميس المقبل يتراوح بين الانعقاد والإلغاء ليس بسبب احتمال اعتذار رؤساء الحكومات السابقين عن الحضور فحسب، وإنما في حال ارتأت قيادات الصف الأول من المدعوين أن تتمثل بمندوبين عنها، مع أن جدول أعماله لا يتضمن أي بنود يمكن أن تُحدث انقساماً بين المشاركين باعتبار أنها من الثوابت، مثل تحصين السلم الأهلي وتدعيم العيش المشترك والإصرار على خفض منسوب الاحتقان المذهبي والطائفي.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية مواكبة للتحضيرات الجارية لعقد اللقاء بأن بعض المدعوين اتصلوا بالدوائر المعنية في بعبدا لاستيضاحها في خصوص جدول الأعمال، وكان الجواب أنه يتعلق فقط بالثوابت الوطنية التي تحظى بإجماع المدعوين.
وبالنسبة إلى موقف الحكومة من «قانون قيصر»، علمت «الشرق الأوسط» أن لا نية لدى عون لإدراجه على بساط البحث في لقاء بعبدا، إلا إذا بادر من يشارك فيه إلى طرحه من خارج جدول الأعمال مع أن من يعارض الموقف الذي أعلنه الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله في هذا الخصوص يرى أن لا مبرر لطرحه بذريعة أن للبنان ما يكفيه من المشكلات وليس في حاجة إلى استحضار مشكلة ذات بعد إقليمي ودولي تنعكس على علاقته بالإدارة الأميركية التي أصدرت هذا القانون.
وكشفت المصادر أن الرئيسين نبيه بري وحسان دياب تطرقا في اجتماعهما أول من أمس إلى «قانون قيصر» من زاوية مبادرة الحكومة إلى التواصل مع واشنطن للحصول على استثناءات تتعلق بعدم منع لبنان من جر 220 ميغاوات من سوريا للتعويض عن النقص في التيار الكهربائي واستخدامها لتغذية بعض المناطق به، خصوصاً تلك التي تعاني من التقنين المبرمج الذي يستهدفها. ولفتت إلى أن تشمل هذه الاستثناءات مرور الشاحنات المحملة بالمنتوجات الزراعية والصناعية اللبنانية إلى الدول العربية عبر البوابة السورية، وقالت إنه سبق لواشنطن أن استجابت لطلب العراق في استمرار جر حاجته من الكهرباء من إيران المدرجة على لائحة العقوبات الأميركية، وكشفت أن الأردن وافق على الاستجابة لطلب لبنان تزويده بالطاقة التي يشتريها الأردن من سوريا في حال لم تستجب واشنطن لطلب لبنان الحصول على استثناءات، لكن دمشق أبلغت من اتصل بها لهذا الغرض رفضها جر الطاقة من الأردن إلى لبنان عبر أراضيها. وقالت مصادر نيابية إن موقف لبنان لن يقدم أو يؤخر بالنسبة إلى العقوبات المفروضة على النظام في سوريا، وبالتالي يجب أن يتبع سياسة النأي بالنفس.
وذكرت المصادر النيابية أن بعض المدعوين إلى لقاء بعبدا يجرون مشاورات تنطلق من ضرورة إدخال تعديل على جدول الأعمال يدفع باتجاه تبني مقاربة الخسائر المالية التي أنجزتها اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة المال والموازنة النيابية، لأن هذه المقاربة أدت إلى حسم التباين حول الأرقام المالية وشكلت نقطة التقاء بين البرلمان والحكومة وكانت موضع توافق بين رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة حسان دياب.
واعتبرت أن مجرد تبني لقاء بعبدا هذه المقاربة سيقود حتماً إلى بدء التفاوض الفعلي بين الحكومة وصندوق النقد الدولي لأن التناقض داخل الوفد اللبناني المفاوض كان وراء تأخيره، ورأت أن هذه المقاربة يجب أن تكون مقرونة برزمة من الإصلاحات المالية والإدارية بدءاً بإعادة تأهيل قطاع الكهرباء باعتماد الحلول الدائمة بدلاً من الموقتة لإنتاج الطاقة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.