الأمن الجزائري يشن أكبر حملة اعتقال منذ اندلاع «الحراك»

انتقادات لقائد الجيش بسبب خوضه في تعديل الدستور

TT

الأمن الجزائري يشن أكبر حملة اعتقال منذ اندلاع «الحراك»

قال ناشطون بالحراك الشعبي الجزائري، إن قوات الأمن اعتقلت 500 شخص أول من أمس، خلال مظاهرات بعدة مناطق، وأنه سيتم عرض 33 منهم على النيابة اليوم. وفي غضون ذلك، احتج حزب معارض على تدخل قائد أركان الجيش بالنيابة، اللواء سعيد شنقريحة، في الجدل حول مسودة تعديل الدستور.
وأكد أعضاء بـ«اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين»، لـ«الشرق الأوسط»، أن قوات الأمن نفذت أكبر حملة اعتقال منذ اندلاع المظاهرات في 22 من فبراير (شباط) 2019، والتي تم تعليقها منذ ثلاثة أشهر بسبب جائحة «كورونا». وتمت غالبية الاعتقالات - حسب سعيد صالحي، قيادي «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» - في 23 ولاية (من 48 ولاية).
وأفادت مصادر من جهاز الشرطة بأن ولاية تيزي وزو، كبرى مناطق القبائل وتقع شرقي العاصمة، شهدت أكبر عدد من الاعتقالات. وأكدت المصادر نفسها أنه تم إطلاق سراح عديد من المعتقلين في اليوم نفسه، غالبيتهم شباب تقل أعمارهم عن 18 سنة، ونساء.
وخرج عدد كبير من الأشخاص في كثير من مناطق البلاد في مظاهرات، أول من أمس، وفي وقت واحد، استجابة لدعوات في شبكة التواصل الاجتماعي لاستئناف الحراك الشعبي. وعلى عكس منطقة القبائل التي عاشت احتجاجات تخللتها مواجهات مع قوات الأمن، ظل الوضع هادئاً بالعاصمة.
ويرجح أن المتظاهرين الذين سيتم تقديمهم لوكلاء النيابة اليوم، ستوجه لهم تهم «المس بالوحدة الوطنية»، و«التجمهر في أماكن عامة دون رخصة»، و«الإساءة لمسؤولين حكوميين».
من جهة أخرى، ستستجوب النيابة اليوم الناشطة السياسية المعارضة الطبيبة أميرة بوراوي، التي اعتقلها الدرك الأربعاء الماضي. وذكر محامون زاروها في مكان احتجازها بمقر الدرك، جنوبي العاصمة، أن سبب اعتقالها منشورات لها بحسابها في «فيسبوك»، عُدت مسيئة بحق الرئيس عبد المجيد تبون ومسؤولين بالدولة.
وأظهرت السلطات من خلال هذه الاعتقالات رفضاً حاداً لعودة الحراك. وكان الرئيس تبون قد صرح بأنه بحاجة إلى وقت لتلبية مطالب المتظاهرين التي طرحوها خلال عام من الاحتجاج في الشارع؛ لكن بدا أن قطاعاً واسعاً منهم غير مقتنع بأنه قادر على محو آثار التسيير لشؤون البلاد، في فترة 20 سنة من حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة؛ خصوصاً في مجال الحريات.
إلى ذلك، هاجم حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» المعارض، في بيان أمس، أصدره عقب اجتماع قيادته، خوض رئيس أركان الجيش بالنيابة، سعيد شنقريحة، في وثيقة تعديل الدستور، المطروحة للنقاش منذ السابع من مايو (أيار) الماضي.
وجاء في البيان أن «رفض هيئة الأركان العامة النأي بنفسها عن اللعبة السياسية التي تهيمن عليها الأجنحة المتصارعة في النظام، يعرِّض مؤسسة الجيش لكل أنواع الانحرافات. وفي دولة القانون تبقى جميع القرارات، بما فيها قرار اللجوء إلى استخدام القوة، من اختصاص القادة المنتخبين ديمقراطياً، أي المسؤولين أمام الشعب»، في إشارة إلى حادثة قتل شاب متظاهر بأقصى جنوب البلاد على يد عسكري أطلق عليه النار. وكانت وزارة الدفاع قد نفت مسؤولية الجيش في هذه القضية التي جرت أطوارها الأسبوع الماضي، في بلدة حدودية مع مالي.
وكان اللواء شنقريحة قد ذكر خلال زيارة لمنطقة عسكرية أن «إعداد مسودة الدستور من طرف مختصين في القانون الدستوري، وفي وقت قياسي أيضاً، كان من أهم الورشات التي أطلقها الرئيس تبون منذ انتخابه رئيساً للجمهورية». وشدد على «أهمية وضع دستور جديد لإعادة تنظيم الحياة السياسية في البلاد، لتتلاءم مع متطلبات ومستجدات المرحلة الجديدة».
ورسمياً، تقول قيادة الجيش إنها انسحبت من السياسة منذ أكثر من 30 سنة، على خلفية توجه البلاد نحو التعددية؛ غير أن ممارسة الحكم أثبتت أنها كانت وراء كل الخيارات السياسية في السنوات الأخيرة، وخصوصاً اختيار رئيس البلاد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.