اعتمد مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لأول مرة منذ ثماني سنوات، قراراً يطالب إيران رسمياً بالتعاون الكامل دون تأخير، في تنفيذ معاهدة حظر الانتشار النووي والبروتوكول الإضافي والكفّ عن منع مفتشي الوكالة من دخول موقعين يُشتبه بقيامها بأنشطة نووية.
وأفاد موقع الوكالة الدولية أمس، بأن قرار بريطانيا وفرنسا وألمانيا نال موافقة أغلبية 25 عضواً من مجلس الحكام، فيما امتنعت سبع دول عن التصويت، وسط معارضة الصين وروسيا وغياب دولة من الأعضاء الـ35 عن جلسة التصويت.
ويأتي القرار بعد التقريرين الأخيرين للوكالة الدولية للطاقة الذرية اللذين انتقدت فيهما إيران على عدم إتاحة موقعين حددتهما لعمليات تفتيش فرق الوكالة الدولية، بموجب البروتوكول الإضافي واتفاقية معاهدة حظر الانتشار النووي، ومواصلة إيران عدم الرد على أسئلة الوكالة المتعلقة بالمواد النووية غير المعلنة والأنشطة المحتملة.
وهذا أول قرار تصوِّت عليه الوكالة التابعة للأمم المتحدة منذ 2012 ينتقد إيران بشأن برنامجها النووي. وأثار رفض إيران المتواصل السماح بعمليات تفتيش لموقعين، توتراً في علاقاتها مع الوكالة الدولية.
وأغلق الاتفاق النووي الإيراني مع القوى الكبرى في عام 2015 ملف ما تعتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأطراف دولية أنه برنامج سرّي للأسلحة الذرية توقف في عام 2003، لكن حصول إسرائيل على ما يوصف بأنه جزء من «أرشيف» عمل إيران السابق قدم على ما يبدو أدلة جديدة ومفاتيح لأسرار حول الأنشطة القديمة.
وتشتبه الوكالة في أن هناك أنشطة يُحتمل أن تكون لها صلة بتطوير أسلحة نووية نُفذت في أوائل العقد الأول من القرن في هذين الموقعين. وأشارت إيران إلى أن الوكالة تسعى إلى دخول الموقعين بناءً على المعلومات الإسرائيلية، وهو ما تصفه بأنه أمر غير مقبول. وتقول أيضاً إن ملف الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول أنشطتها القديمة قد أُغلق.
ونقلت «رويترز» عن مدير الوكالة رافاييل غروسي، قوله للصحافيين: «أعتقد أن الإعلان واضح. أعتزم الجلوس مع إيران قريباً جداً لمحاولة حل ذلك بأسرع وقت ممكن. سأبدأ مع السفير هنا... ثم سنرى».
من جانبه، أعلن سفير إيران الدائم لدى المنظمات الدولية كاظم غريب آبادي، أن بلاده «ترفض القرار رفضاً تاماً وستتخذ الإجراءات المناسبة والمطلوبة» وحمّل مسؤولية تبعات القرار للدول التي دفعت به إلى التصويت. وقال إن «القرار لن يؤدي إلى تشجيع إيران لإتاحة الموقعين بناءً على مزاعم بلا أساس ولا يمارس ضغطاً عليها».
وذهب غريب آبادي أبعد من ذلك، عندما وجه «نصائح عدة إلى الأمانة العامة في الوكالة الدولية» وهي أن «تلتزم حدود صلاحياتها» و«تثمّن تعاون إيران والوكالة» وأن «تقوم بمهمتها باحترافية وبشكل مستقل وحيادي». وزاد: «ألا تقدم بيانات ومواقف متسرعة، لمن يريدون استغلالها وأصحاب الأجندة السياسية». وأضاف: «تصرفوا بطريقة لكي لا تواجهوا تهماً بتدمير آخر خندق للتعددية في فيينا وتدمير الاتفاق النووي».
وفي وقت لاحق، قال غريب آبادي للتلفزيون الإيراني إن طهران ستبلغ أن قرار الوكالة الدولية «غير ملزم بالضرورة للدول الأعضاء». وعن إمكانية تجاوب إيران مع طلبات التفتيش، قال إن طهران لديها «مخاوف» و«ما لم ترتفع المخاوف لن يكون أي تعاون مع الوكالة الدولية في هذا الشأن».
وروسيا والصين هما البلدان الوحيدان اللذان صوّتا ضد النص. وأكد السفير الروسي لدى الوكالة ميخائيل أوليانوف، أنه يخشى من أن يأتي بـ«نتائج عكسية» على العلاقات مع طهران، رغم أنه قال: «بينما نشدد على ضرورة قيام طهران والوكالة الدولية بتسوية هذه المشكلة دون تأخير».
وأسفت الصين أيضاً في إعلان أمام المجلس لمبادرة «متسرعة» وحمّلت واشنطن مسؤولية انتهاج سياسة ممارسة «ضغوط قصوى» على إيران. وأبلغ سفيرها لدى المنظمات الدولية، وانغ كوان، أعضاء المجلس بأنه «قلق للغاية» بشأن القرار. ونقلت عنه «أسوشييتد برس» قوله إنه «يمكن أن يحدد عملية، في ظل الظروف الحالية، قد تعيد القضية النووية الإيرانية إلى مفترق طرق مليء بالشكوك مرة أخرى».
وصوتت واشنطن لصالح القرار رغم أنها كانت ترغب في أن يكون أكثر صرامة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية كريستوفر برغر، إن «القرار مرّ بأغلبية قوية»، مضيفاً أنه يهدف إلى تشجيعٍ على التعاون مع الوكالة الدولية.
والأحد الماضي، أبلغ غروسي، مجلس حكام الوكالة بأن طهران على مدار أكثر من أربعة أشهر، رفضت طلبات التفتيش للموقعين، لافتاً في الوقت عينه إلى أنها لم تشارك في مناقشات بنّاءة لتوضيح تساؤلات طرحتها الوكالة بخصوص وجود مواد ونشاطات نووية لم تبلغ طهران الوكالة الدولية عنها.
وردّت طهران، الاثنين، بتحذير أعضاء المجلس من «نتائج عكسية» للقرار وبأن «أي مقاربة سياسية أو قرار للمجلس سيضر بالتأكيد بالمستوى الحالي للتعاون بين إيران والوكالة».
وترى طهران أنها «غير ملزمة بتطبيق كل الطلبات التي تقوم على ادّعاءات خبيثة يحيكها خصومها»، وتتهم إسرائيل بتسليم الوكالة الوثائق التي تطرح تساؤلات حول المواقع المشبوهة.
وفي محاولة أخيرة لمنع القرار كان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، قد كتب في تغريدة على «تويتر»، أول من أمس: «من الممكن التوصل إلى حل مناسب» بخصوص طلب الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال: «ينبغي لمجلس المحافظين ألا يسمح لأعداء الاتفاق النووي بتعريض مصالح إيران العليا للخطر. يتعين على الدول الأوروبية الثلاث ألا تكون تابعة بعد التقاعس عن أداء واجباتها الواردة في الاتفاق النووي». وأضاف: «ليس لدينا ما نخفيه. ما جرى من تفتيش داخل إيران خلال السنوات الخمس الماضية أكثر مما حدث في تاريخ الوكالة الدولية للطاقة الذرية. من الممكن التوصل إلى حل مناسب لكن إصدار قرار سيدمر ذلك».
وكالة الطاقة الذرية تعتمد قراراً يطالب إيران بالتعاون «دون تأخير»
الصين وروسيا صوّتتا ضده... وطهران رفضته
وكالة الطاقة الذرية تعتمد قراراً يطالب إيران بالتعاون «دون تأخير»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة