مسؤول أمني لـ («الشرق الأوسط»): حصار «بيت المقدس» يدفعه لتبني عمليات قديمة في مصر

لغط يحيط إعلان «داعش» مصرع عضو مصري في عملية انتحارية بكوباني

إسلام يكن المصري الداعشي
إسلام يكن المصري الداعشي
TT

مسؤول أمني لـ («الشرق الأوسط»): حصار «بيت المقدس» يدفعه لتبني عمليات قديمة في مصر

إسلام يكن المصري الداعشي
إسلام يكن المصري الداعشي

بالتزامن مع الحصار الخانق الذي يفرضه الجيش المصري على عناصر الإرهاب في سيناء، أعلن تنظيم أنصار بيت المقدس، أبرز التنظيمات الإرهابية الناشطة في شبه الجزيرة المصرية، عن تبنيه لعدد من العمليات التي جرت خلال الفترة السابقة، لكن مسؤولا أمنيا مصريا رفيعا أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «العمليات التي أعلن عنها التنظيم الإرهابي أخيرا تظهر حجم الضغوط التي يواجهها على أرض الواقع، ولجوءه لتبني عمليه جرت منذ عدة أشهر أبرز دليل على إفلاسه».
ومن بين العمليات التي تبناها التنظيم، الذي يعد تنظيما إرهابيا في مصر وعدد كبير من الدول من بينها الولايات المتحدة، تبني عملية اغتيال مهندس بترول أميركي في منطقة الصحراء الغربية جرت في أغسطس (آب) الماضي. حيث أوضح التنظيم على حساب منسوب له بموقع «تويتر» مسؤوليته عن اختطاف وقتل خبير البترول الأميركي وليم هندرسون، في الصحراء الغربية لمصر، ونشر صورا لعدد من الهويات الشخصية لهندرسون من بينها جواز سفره، لإثبات شخصية الخبير البترولي.
كما نشر التنظيم، الذي أعلن مبايعة تنظيم داعش الإرهابي منتصف الشهر الماضي، بيانا لعدد من العمليات التي نفذها خلال الشهر الماضي في سيناء، والتي استهدف فيها عددا من رجال الجيش والشرطة، وذلك في محاولة للرد على هجمات القوات على معاقله وبؤره في محافظة شمال سيناء.
وقال المسؤول الأمني المصري الرفيع لـ«الشرق الأوسط» إن «تبني التنظيم لعمليات سابقة، بعضها يعود إلى عدة أشهر مضت، يعد أبرز دليل على حصار التنظيم، ونجاح القوات المنتشرة في سيناء في فرض ضغط لا يهدأ وحالة أمر واقع عملياتية على عناصره»، مؤكدا اعتقاده أن «تلك البيانات أبرز دليل على إفلاس التنظيم وغل يديه».
وحول عملية اغتيال المهندس الأميركي هندرسون، قال المصدر الأمني إن «المعلومات المتاحة حول الحادث تشير إلى أن هندرسون كان يعمل لصالح شركة (أباتشي) الأميركية للبترول، كمدير لفرعها لدى مصر، وشريك أجنبي لشركة (قارون) للبترول. وأنه تم اكتشاف الحادث والعثور على جثمان هندرسون بالقرب من مقر الشركة في طريق الواحات (غرب مصر) صباح يوم 6 أغسطس (آب) الماضي»، وأشارت التحريات وقتها إلى أن القتل كان مقترنا بسرقة سيارة الضحية، ولم يتثن وقتها التأكد من إذا ما كان الاغتيال بغرض السرقة أم استهدافا للشخص نفسه. وأوضح المصدر أن القتل ربما كان غرضه الحصول على سيارة الضحية الرباعية لتنفيذ عملية إجرامية في المنطقة، وهو الاحتمال الأقرب، خصوصا إذا وضع في الاعتبار أن أحدا «وقتها» لم يتبن العملية إذا كانت بغرض «سياسي»، متابعا: «أما الإعلان المتأخر لبيت المقدس الإرهابي فيبدو أنه من باب الإفلاس والبحث في الدفاتر القديمة فقط، حيث وجدوا عملية كان ضحيتها بالصدفة شخص أجنبي، فأعلنوا مسؤوليتهم عنها حتى يكون لها صدى واسع». وعلى صعيد ذي صلة، أثار إعلان مساء أول من أمس لحسابات تابعة لتنظيم داعش الإرهابي عن وفاة أحد عناصره المصرية جدلا في مصر، حيث أعلنت عناصر يبدو أنها منتسبة إلى التنظيم نبأ مقتل الشاب المصري إسلام يكن، الملقب بأبي سلمة المصري، في عملية انتحارية في مدينة كوباني السورية، وأرفقت الخبر بوصية منسوبة إلى إسلام. وكان خبر انضمام يكن إلى تنظيم داعش قد أثار ضجة بدوره في مصر في مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، نظرا لأن يكن شاب عشريني من عائلة ميسورة الحال وتخرج في إحدى المدارس الفرنسية في العاصمة المصرية، مما أثار استغراب الكثير حتى من أصدقائه عن تحوله المفاجئ إلى «إرهابي» وتفاخره بقطع الرؤوس. لكن اللغط حول مقتل يكن اشتعل فجر أمس، حين بث حساب على موقع «تويتر» منسوب إلى يكن نفسه تغريدة تنفي خبر مقتله المزعوم، دون أن ينفي صحة وصيته المنشورة، قائلا: «جزا الله كل من نعاني بالخير بخير منه»، متوعدا من سماهم بـ«الكفرة» بـ«مزيد من الذبح لهم على يديه»، ومؤكدا أن خبر مقتله «شائعة». وعلق المصدر الأمني على ذلك اللغط قائلا: «لا يمكن التأكد من القصة، هناك الكثير من الهزل الذي يمارسه بعض المنتمين إلى تنظيم داعش على مواقع التواصل الاجتماعي.. ما يمكن تأكيده فقط أن إسلام يكن لم يدخل مصر بعد توجهه إلى سوريا، وما زال على قوائم المتابعة وترقب الوصول، مثله مثل مئات من الحالات المشابهة».
ويذكر أن محكمة مصرية قضت أول من أمس بتصنيف تنظيم داعش الناشط في سوريا والعراق، وكل من يتعاون معه، كتنطيم إرهابي. وصدر الحكم في ضوء دعوى قضائية أقامها أحد المحامين، مستندا فيها إلى أن أعمال الإرهاب التي تشهدها مناطق في شبه جزيرة سيناء تتم بتحريض ودعم وتعاون وتواصل وثيق من تنظيم داعش، الذي يتمركز في دولتي العراق وسوريا.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».