احتجاز مواطنين روسيين في ليبيا يتحوّل إلى «فيلم روائي مشوّق» في موسكو

سلطات طرابلس تنفي نقلهما إلى تركيا

TT

احتجاز مواطنين روسيين في ليبيا يتحوّل إلى «فيلم روائي مشوّق» في موسكو

قبل 13 شهرا سقط عالم الاجتماع الروسي ماكسيم شوغالي، ومترجمه الشخصي في قبضة الإرهابيين في العاصمة الليبية طرابلس، وتعرضا سويا لمختلف أشكال التعذيب والتجويع، والتهديد بقطع الرأس على أيدي المتطرفين المتعطشين للدماء. لكن رغم كل ما تعرض له، إلا أن عالم الاجتماع الروسي ظل يرفض الاتهامات الموجهة، ومحاولات إجباره على الاعتراف بالتجسس لصالح روسيا في ليبيا.
تلك هي على أقل تقدير النسخة الروسية المعلنة من المأساة الواقعية، التي حولت شوغالي ومترجمه الروسي إلى أبطال لأحدث الروايات المليئة بالغموض، والتي تدور أحداثها حول المؤامرات الأجنبية، التي تظهر في أحداث الحرب الأهلية الفوضوية الجارية في ليبيا، وهي الأحداث التي عرضت مؤخرا التلفزيون الروسي الحكومي في فيلم روائي مشوق.
بدأت مأساة الرجلين الروسيين في ليبيا في مارس (آذار) 2019. عندما كانا يعملان على «مشروع بحثي»، قادهما إلى غياهب السجون الرهيبة سيئة السمعة في العاصمة طرابلس، بتهمة انتهاك تأشيرات الدخول إلى البلاد، والتدخل في المجريات السياسية الليبية.
وفي جزء من حملة نُظمت بهدف إطلاق سراح الأسيرين الروسيين، ساعدها رب العمل (مؤسسة بحثية روسية غامضة تدعى المؤسسة الروسية لحماية القيم الوطنية)، في تمويل فيلم روائي طويل، جرى عرضه للمرة الأولى على التلفزيون الحكومي الروسي خلال الشهر الماضي.
وشهدت مأساة الأسيرين الروسيين تحولا غريبا في الأسبوع الماضي، بعد تقارير إخبارية باللغتين الروسية والعربية، أفادت بأن الأسيرين جرى نقلهما جوا من السجن، الواقع قرب مطار طرابلس الدولي، إلى تركيا المنافس الدولي الأول لروسيا داخل ليبيا، وذلك لاستجوابهما على أيدي أجهزة الأمن السرية التركية. لكن بعض المسؤولين في الحكومة الليبية في طرابلس، والتي تحتجز الأسيرين الروسيين، نفت تلك التقارير جملة وتفصيلا. وقد صرح أحمد بن سالم، الناطق الرسمي باسم الميليشيات، التي تسيطر على السجن الذي يتواجدان فيه بأنه «لم يتم نقلهما إلى أي مكان آخر خارج ليبيا»، وسط صمت تركي مطبق بشأن التعليق على الأحداث المذكورة.
ومع ذلك، أكدت تقارير إخبارية كيف أصبح مصير الأسيرين الروسيين متشابكا ضمن حفنة من المنافسات البيزنطية بين مختلف القوى الأجنبية الفاعلة في الداخل الليبي، والتي تشرف، أو تسيطر ربما، على مجريات الصراع في ليبيا، ومن أبرزها تركيا وليبيا.
وعلى نطاق أوسع، أصبحت قضية الأسيرين الروسيين تشكل رمزا واضحا لحجم التفاعلات الروسية متعددة الأوجه، والمتناقضة في بعض الأحيان داخل الدولة العربية، الغنية بمواردها النفطية في الشمال الأفريقي، حيث شكلت مجموعة كبيرة من الجماعات العسكرية والسياسية الروسية -الرسمية والخاصة– صورة العلاقة القائمة بين مختلف القوى الليبية المتنافسة، على أمل، فيما يبدو، أن يكسب أحدهم سبق النصر في هذا المستنقع الآسن.
من الناحية الرسمية، تعترف الحكومة الروسية بالحكومة القائمة في العاصمة طرابلس، حتى في ظل وجود المرتزقة الروس والطائرات الحربية الروسية. وفي نفس الوقت، عكف السياسيون ورجال الأعمال الروس على محاولات التواصل مع حلفاء محتملين آخرين بشأن الأزمة الليبية.
يقول فريدريك ويري، الخبير المختص في الشأن الليبي لدى مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي: «يحب الروس دائما التوسع ونشر استثماراتهم في الخارج. ومنذ البداية كان يمكنهم الوقوف على أن خليفة حفتر ليس بالضرورة هو الرهان الرابح، لذلك عزموا أمرهم على اتخاذ الحذر والحيطة». وكان الرهان المتوقع في تلك الأثناء هو سيف الإسلام القذافي، النجل الثاني للعقيد معمر القذافي، والمنافس الليبي الصريح لكل من خليفة حفتر في الشرق، وفائز السراج في غرب البلاد.
واعتقل شوغالي (54 عاما) ومترجمه سمير سيفان، في مايو (أيار) 2019. على خلفية اجتماع سري عقده مع سيف الإسلام القذافي، الذي وجهت إليه المحكمة الجنائية الدولية الاتهامات بارتكاب جرائم الحرب. وكانت رحلة الأسيرين الروسيين تحت إشراف (المؤسسة الروسية لحماية القيم الوطنية)، وهي منظمة تأسست في العاصمة موسكو بغرض حماية المصالح الوطنية للاتحاد الروسي الكبير. كما أرسلت نفس المؤسسة المذكورة مواطنا روسيا ثالثا، يدعى الكسندر بروكوفييف، لكنه تمكن من الهرب من ليبيا، وتمكن من العودة بسلام إلى روسيا.
وبالإضافة إلى كونه عالم اجتماع، عرف شوغالي بأنه ناشط سياسي يتمتع بخبرة. وقد ظهر بصفة موجزة في نشرات الأخبار في روسيا عام 2002 عندما قام بابتلاع عدة وثائق لمنع تسليمها إلى أحد القضاة خلال نزاع انتخابي وقع في مدينة سان بطرسبرغ. وكان شوغالي قبل سفره إلى ليبيا، جزءا من فريق روسي متهم بالضلوع والتدخل في الانتخابات في جزيرة مدغشقر.
وكانت اجتماعات شوغالي مع بعض الشخصيات الليبية، المثيرة للجدل، قد استدعت قدرا من المراقبة والرصد من قبل الاستخبارات الليبية، التي قامت باعتقاله رفقة مترجمه الشخصي. وتمكنت السلطات الليبية في طرابلس من الاستيلاء على عدد من الوثائق وحواسيب محمولة أظهرت، على حد زعم السلطات الليبية، أن شوغالي كان يخطط للتدخل المباشر في الانتخابات الليبية، وكان يواصل التنسيق مع سيف الإسلام القذافي بشأن مخطط إعادته إلى أحد مناصب السلطة في البلاد.

* خدمة {نيويورك تايمز}



تحذير يمني من خطر التنسيق القائم بين الحوثيين و«القاعدة»

عناصر حوثيون خلال حشد في ميدان السبعين في صنعاء (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون خلال حشد في ميدان السبعين في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

تحذير يمني من خطر التنسيق القائم بين الحوثيين و«القاعدة»

عناصر حوثيون خلال حشد في ميدان السبعين في صنعاء (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون خلال حشد في ميدان السبعين في صنعاء (أ.ف.ب)

حذر وزير يمني من خطر التنسيق القائم بين الجماعة الحوثية وتنظيم «القاعدة»، داعياً إلى موقف دولي للتصدي لهذا الخطر، وذلك في أعقاب قيام الجماعة المدعومة من إيران بإطلاق سراح عناصر من التنظيم على رأسهم متهم بهجوم أدى إلى مقتل عشرات الجنود اليمنيين.

وطالب معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حازمة للتصدي لهذه التهديدات، عبر تجفيف موارد «ميليشيا الحوثي» والشروع الفوري في تصنيفها كـ«منظمة إرهابية عالمية»، ودعم جهود الحكومة في استعادة سيطرتها على كامل أراضيها وتعزيز قدراتها لمكافحة الإرهاب والتطرف بكل أشكاله وصوره.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني إن قيام الحوثيين بإطلاق سراح عناصر في تنظيم «القاعدة» على رأسهم القيادي «أبو عطاء»، المعتقل منذ عام 2012؛ لمسؤوليته عن هجوم إرهابي استهدف العرض العسكري في ميدان السبعين في صنعاء، وأسفر عن مقتل 86 جندياً، هو امتداد لتنسيق ميداني مستمر برعاية إيرانية، بهدف تقويض سيادة الدولة اليمنية وزعزعة استقرار اليمن والمنطقة، وتهديد المصالح الدولية.

وحذر الوزير اليمني في تصريحات رسمية من خطر استمرار التحالف بين الحوثيين و«القاعدة»، وقال إن ذلك يعزز من إعادة ترتيب الجماعات الإرهابية لصفوفها وتمكينها من استعادة قدراتها بعد الضربات الأمنية التي تعرضت لها منذ 2015.

وتابع بالقول: «هذا التنسيق الخطير سيؤدي إلى خلق بيئة خصبة للعنف والتطرف في اليمن، مما يضع أمن الخليج العربي والأمن الإقليمي بأسره في دائرة الخطر، ويهدد استقرار طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، مع ما لذلك من تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي».

ودعا الإرياني المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في التصدي لتهديدات ميليشيا الحوثي الإرهابية المرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وحذر من التساهل الدولي مع هذا التنسيق، ومن حجم الخطر والتهديد الذي قد يدفع العالم ثمنه باهظاً.

تأكيد أممي

كان الخبراء الأمميون التابعون لمجلس الأمن في شأن اليمن ذكروا في تقريرهم الحديث أن الجماعة الحوثية تنسق عملياتها بشكل مباشر منذ مطلع العام الحالي مع تنظيم «القاعدة»، وتنقل طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة إليه، وتوفر التدريب لمقاتليه.

وعدّ التقرير الذي نقل معلوماته عن مصادر وصفها بالسرية، هذا التعاون «أمراً مثيراً للقلق»، مع المستوى الذي بلغه التعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والاستخباراتي، ولجوئهما إلى توفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما بعضاً، وتعزيز معاقلهما وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.

الجماعة الحوثية متهمة بإطلاق سجناء «القاعدة» من السجون في صنعاء ضمن صفقة للتعاون المتبادل (إ.ب.أ)

وحذر التقرير الأممي من عودة تنظيم «القاعدة» إلى الظهور مجدداً بدعم الجماعة الحوثية، بعد تعيين قائد جديد له يدعى سعد بن عاطف العولقي، وبعد أن «ناقشت الجماعتان إمكانية أن يقدم التنظيم الدعم للهجمات التي تشنها ميليشيا الحوثي على أهداف بحرية».

وأبلغت مصادر فريق الخبراء الدوليين أن كلتا الجماعتين اتفقتا على وقف الهجمات بينهما وتبادل الأسرى، ومن ذلك الإفراج عن القائد السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، سامي ديان، الذي حُكم عليه بالسجن 15 سنة قبل انقلاب الجماعة الحوثية في عام 2014.

كما كشف الخبراء الأمميون عن تعاون متنامٍ للجماعة الحوثية مع «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، في إطار خططها لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن من الساحل الصومالي؛ لتوسيع نطاق منطقة عملياتها العدائية ضد الملاحة الدولية.