الجيش الإسرائيلي يحتاط لـ«سيناريو حرب» في الضفة الغربية

تخوفاً من اندلاع انتفاضة ثالثة بعد الضم

TT

الجيش الإسرائيلي يحتاط لـ«سيناريو حرب» في الضفة الغربية

رغم أن قيادة الجيش الإسرائيلي تشكو من إخفاء تفاصيل مخطط الضم عنها، فقد قررت إجراء «سيناريو حربي»، تفحص فيه كيفية الرد على انفجار موجة احتجاج في الشارع الفلسطيني عموماً، وفي الضفة الغربية بشكل خاص، رداً على احتمال تنفيذ مخطط ضم الأراضي الفلسطينية في الشهر المقبل.
وسيجري السيناريو الحربي بعد غد (الاثنين)، وفيه تتخيل قيادة الجيش والمخابرات خروج الفلسطينيين في مسيرات ومظاهرات احتجاجية، وتحاول فيه تنظيمات عسكرية تنفيذ عمليات طعن وإطلاق رصاص على المستوطنين وعلى الجنود في المناطق المحتلة.
وقالت مصادر عسكرية إن القادة الفلسطينيين، قطرياً وميدانياً، يستعدون لرد شديد على الضم. ونقلت على لسان ضابط كبير قوله: «السلطة الفلسطينية تعمل كثيراً في المجال السياسي، وحالياً تطور العلاقات مع روسيا وفرنسا، وتحاول تحصيل دعم من ألمانيا التي تعارض بشدة الضم. ولكن لا يوجد حتى الآن استعداد من جانبها للنضال العنيف المنظم. ولكن المشكلة هي أن السلطة لا تسيطر على مبادرات (حماس) و(الجهاد الإسلامي)، ومبادرين أفراد يمكن أن يشعلوا مواجهات عنيفة تتطور إلى عصيان مدني، والتمهيد لتفجير انتفاضة ثالثة تشغل الجيش الإسرائيلي والمخابرات عن مهماتها الكبرى في الجبهة الشمالية مع لبنان وسوريا».
وقال جنرال آخر يعمل في الساحة الفلسطينية إن «السلطة تواجه إحدى الأزمات الاقتصادية الأصعب في تاريخها، بعد أن أعلن الرئيس محمود عباس عن رفض تسلم أموال الضرائب التي تعود للسلطة، في إطار وقف التنسيق مع إسرائيل. فقد توقفت السلطة في الشهر الماضي عن دفع الرواتب، والموظفون لا يعرفون متى سيتسلمون راتب شهر يونيو (حزيران). ومن يخاف من انتفاضة على خلفية الضم، يجب عليه الخوف أكثر من انتفاضة مصدرها الصعوبات الاقتصادية، مثل النوع الذي اندفع في لبنان والعراق أو في غزة».
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد واصلت ممارساتها القمعية الأسبوعية للمسيرات السلمية الفلسطينية ضد الاستيطان، حيث أصيب 10 شبان برصاص جنوده، والعشرات بالاختناق، خلال قمع الجيش مسيرة كفر قدوم الأسبوعية المناهضة للاستيطان التي خرجت رفضاً لقرار حكومة الاحتلال ضم أراضٍ من الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية.
وحسب الناطق الإعلامي في إقليم قلقيلية منسق المقاومة الشعبية في كفر قدوم، مراد شتيوي، فقد هاجم عشرات الجنود المسيرة بعد انطلاقها مباشرة باستخدام الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز والصوت، مما أدى إلى وقوع إصابتين بشظايا الرصاص الحي، نقل جريحاها إلى مستشفى درويش نزال في قلقيلية، إضافة إلى إصابة 8 آخرين بالرصاص المعدني، والعشرات بالاختناق، وعولجت هذه الإصابات ميدانياً.
وأكد شتيوي أن جنود الاحتلال حاولوا الالتفاف على المشاركين في المسيرة، بنصب كمين في أحد المنازل المهجورة، لكن الشباب كشفوه. فاقتحم الجنود القرية، واندلعت مواجهات عنيفة بين مئات الشبان الغاضبين الذين منعوا توغل الجنود أكثر من مرة، بعد إعادة قنابل الغاز باتجاههم، الأمر الذي أجبرهم على التراجع.
وقمعت قوات الاحتلال، أمس، المسيرة الأسبوعية في قرية حارس، غرب سلفيت، التي انطلقت بعد أداء صلاة الجمعة التي أقيمت على أراضٍ مهددةٍ بالمصادرة من قبل الاحتلال في قرية حارس. وقاد المسيرة نشطاء ميدانيون من فصائل منظمة التحرير ومؤسسات محافظة سلفيت وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، بمشاركة وزير هيئة الجدار والاستيطان وليد عساف، وأمين سر حركة فتح إقليم سلفيت عبد الستار عواد، وعدد من نشطاء سلام إسرائيليين، وبحضور فرق الإسعاف من الهلال الأحمر والإغاثة الطبية وحشد من المواطنين. وهتف المشاركون بشعارات منددة معارضة لمخطط الضم. وأطلق جنود الاحتلال قنابل الصوت باتجاه المشاركين، إضافة إلى محاولة منعهم من مواصلة المسيرة باتجاه مفرق البلدة. وعلاوة على ذلك، حاولت الشرطة الإسرائيلية تحرير مخالفات للمشاركين.
واحتجاجاً على زيادة حالات العنف التي يمارسها المستوطنون بحق الأهالي في قرية سوسيا والمناطق المجاورة، أدى عشرات من النشطاء والأهالي صلاة الجمعة في العراء، ومن ثم انطلقوا في مسيرة باتجاه المستوطنة، ومنعتهم قوات الاحتلال من الوصول إلى سياج المستوطنة. وأفاد جهاد نواجعة، رئيس مجلس قروي سوسيا، بأن هذا الاحتجاج السلمي يأتي للرد على «عنف المستوطنين الذين يحاولون إرهابنا، وإجبارنا على الرحيل عن أراضينا، وهذا لن يكون».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».