البرلمان اللبناني يحسم الأرقام لمخاطبة «صندوق النقد» ويسحبها من الحكومة

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يستقبل رئيس الحكومة حسان دياب (الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يستقبل رئيس الحكومة حسان دياب (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

البرلمان اللبناني يحسم الأرقام لمخاطبة «صندوق النقد» ويسحبها من الحكومة

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يستقبل رئيس الحكومة حسان دياب (الوكالة الوطنية للإعلام)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يستقبل رئيس الحكومة حسان دياب (الوكالة الوطنية للإعلام)

حسمت «لجنة تقصي الحقائق» المنبثقة من لجنة المال والموازنة النيابية الأرقام المزمع إدراجها في الخطة الإنقاذية الاقتصادية التي يجب أن يقدمها لبنان للتفاوض مع «صندوق النقد الدولي»، وتستعد لإحالتها إلى لجنة المال والموازنة التي سحبتها من الحكومة.
والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم، رئيس الحكومة حسان دياب في لقاء يندرج في إطار التشاور بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والبحث في السبل الآئلة لتوحيد الرؤى في مقاربة الملفات الوطنية، لا سيما الملفين المالي والاقتصادي.
وبعد التباين والخلافات بين الحكومة والبرلمان حول الأرقام، حسمت اللجنة الملف واستعادت زمام المبادرة، تأكيداً لتوجه رئيس مجلس النواب نبيه بري الداعي إلى القراءة في كتاب واحد في مخاطبة ​صندوق النقد​ الدولي برعاية​ المجلس النيابي. وقالت مصادر نيابية إن المقاربة الموحّدة للأرقام المالية التي سيجري على أساسها التفاوض مع صندوق النقد، باتت الآن في عهدة مجلس النواب بدلاً من الحكومة التي تعرضت أرقامها لانتقاد من قوى سياسية بوصفها «غير دقيقة».
وذكر مقرر لجنة المال والموازنة النائب نقولا نحاس أن «الحكومة جمعت كل مستحقات الدولة واحتسبتها على أنها خسائر، لكن هذه المقاربة يستحيل تطبيقها، لذلك تمت إعادة النظر في الأرقام من زاوية أخرى»، مشيراً إلى أن «ذلك لا ينفي وجود أزمة مالية وخسائر كبرى لكن طريقة المعالجة اختلفت».
وبعد الظهر، اطلع رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم رئيس الحكومة على خلاصة عمل اللجنة بشأن مقاربات الخطة المالية وما تضمنتها من أرقام. وأشار كنعان إلى أن «اللقاء تخللته مصارحة تامة وهناك حرص على أن يكون العمل الذي قامت به لجنة المال لمصلحة البلد من خلال مقاربات موحدة تؤدي إلى أرقام واحدة وهذا ما عملنا له».
وأضاف: «ليست هناك محاور بل محور واحد هو الدولة اللبنانية فعملنا في المجلس كان لتوحيد المواقف لتكون حجة الوفد اللبناني المفاوض مع صندوق النقد أفعل ولن يكون هناك أرقام متناقضة في المفاوضات بل رقم واحد للدولة نتيجة مقاربة مشتركة». وختم بالقول: «لا وجود لأرقام للجنة أو لنواب بل كل الأرقام هي للمراجع الرسمية المتحاورة التي توصلنا معها إلى مقاربة مشتركة وتوصل إلى أرقام شفافة ومعالجة تدريجية للخسائر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.