«الوطني الليبي» يتعهد مقاومة «الغزاة الأتراك»

TT

«الوطني الليبي» يتعهد مقاومة «الغزاة الأتراك»

أبدت حكومة «الوفاق» الليبية مزيداً من التشدد حيال الوضع السياسي والعسكري في البلاد، بعد الزيارة التي قام بها وفد تركي رفيع المستوى إلى العاصمة طرابلس، أول من أمس. وفي غضون ذلك قدم الجيش الأميركي ما وصفه بـ«أدلة جديدة» على نشاط الطائرات الروسية في المجال الجوي الليبي.
وفى أول تعليق رسمي له على زيارة الوفد التركي، قال «الجيش الوطني» على لسان الناطق الرسمي باسمه، اللواء أحمد المسماري، إن الأتراك قدموا إلى طرابلس لجني المحصول، وتعهد بمقاومة «الميلشيات التكفيرية والغزاة الأتراك» معلناً أن المنطقة الممتدة من وادي جارف غرباً وحتى منطقة الوشكة شرق مصراتة منطقة عمليات عسكرية.
وأضاف المسماري في مؤتمر صحافي، عقده مساء أول من أمس: «نحن جاهزون ومنتصرون، وثقتنا في شعبنا كبيرة، ولن يفلح الأتراك في السيطرة على مقدرات ليبيا، ولن تكون إلا لليبيين الأحرار».
وعرض المسماري مقطع فيديو يوثق ما وصفه بالانتهاكات الجسيمة، التي ترتكبها ميليشيات حكومة «الوفاق» و«المرتزقة» السوريون داخل ليبيا، بما في ذلك استخدام سيارات الإسعاف والهلال الأحمر لمراقبة تحركات الجيش، وتوفير إحداثيات مواقعها للميليشيات التركية، التي تحرك الطائرات المسيرة.
وبعدما رأى أن ما حدث «هو جريمة حرب تنافي القوانين الدولية والمحلية»، طالب وحدات الجيش بملاحقة مرتكبي هذه الجرائم، ومن يوفر لهم الغطاء الرسمي وتقديمهم إلى القضاء بوصفهم (مجرمي حرب)».
واستغل خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، أحد أبرز قيادات جماعة «الإخوان»، الزيارة ليكرر ما وصفه بثوابت المجلس الموالي لحكومة «الوفاق» بأنه لن يكون لـلمشير حفتر بأي شكل من الأشكال، أو في أي مرحلة، مستقبل في ليبيا.
ولفت المشري في تصريحات صحافية، مساء أول من أمس، إلى أن «المفاوضات الجارية بين تركيا وروسيا بشأن الملف الليبي قائمة على الثوابت، التي يعترف بها المجلس والحكومة»، مؤكدا إصرار قوات الحكومة على استعادة السيطرة على مدينة سرت، وكامل الدولة الليبية.
في المقابل، كان لافتا إعلان المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، لدى اجتماعه أمس مع أحميد حومه، نائب رئيس مجلس النواب، وعبد الهادي الحويج، وزير الخارجية بالحكومة الموازية في شرق البلاد، الذي أطلعه على نتائج زيارته الأخيرة لروسيا، حيث ثمّن خلالها موقف القيادة العامة ومجلس النواب في «إعلان القاهرة»، وخاصة وقف إطلاق النار والعودة للعملية السياسية، وفق ما وصفه بثوابت الشعب الليبي، والتي قال إنها «ترتكز على خروج المرتزقة الأجانب، ورفض العدوان الأجنبي وتفكيك الميليشيات، وقيام دولة القانون والمؤسسات، ونهاية الإرهاب وضمان توزيع عادل للثروات».
ونقلت وكالة الأنباء الليبية، الموالية للجيش، عن الحويج، عقب اجتماعه مع ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، المبعوث الخاص للرئيس الروسي، قوله: «نحن نمد أيدينا لسلام الشجعان... لكن لن يكون هناك حل دائم ما لم يتم تفكيك الميليشيات ونزع السلاح»، معتبرا أن من يحاربهم الجيش الليبي اليوم موجودون على قوائم لجنة العقوبات بمجلس الأمن الدولي.
في سياق قريب، وزعت قيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، أمس، أدلة فوتوغرافية لطائرات روسية تم نقلها إلى ليبيا أواخر الشهر الماضي، تستعمل بنشاط لدعم الشركات العسكرية الخاصة، التي ترعاها الحكومة الروسية. وتضمنت هذه الأدلة صورا لإقلاع طائرة من طراز «ميغ 29» من الجفرة، كما تم تصوير طائرة مماثلة من الطراز نفسه تعمل بالقرب من مدينة سرت. واتهم بيان (أفريكوم) روسيا بمواصلة «الاستفادة من العنف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء القارة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.