كوريا الجنوبية تعتقل برلمانيا بتهمة الخيانة وموالاة الشمال

عملاء تابعون لوكالة الاستخبارات أثناء نقلهم البرلماني المعارض لي سيوك كي (وسط) إلى المحكمة في سيول أمس (أ.ب)
عملاء تابعون لوكالة الاستخبارات أثناء نقلهم البرلماني المعارض لي سيوك كي (وسط) إلى المحكمة في سيول أمس (أ.ب)
TT

كوريا الجنوبية تعتقل برلمانيا بتهمة الخيانة وموالاة الشمال

عملاء تابعون لوكالة الاستخبارات أثناء نقلهم البرلماني المعارض لي سيوك كي (وسط) إلى المحكمة في سيول أمس (أ.ب)
عملاء تابعون لوكالة الاستخبارات أثناء نقلهم البرلماني المعارض لي سيوك كي (وسط) إلى المحكمة في سيول أمس (أ.ب)

صوتت الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية الأربعاء على السماح بتوقيف عضو برلماني معارض وجهت له تهمة التخطيط للخيانة في قضية أشعلت مخاوف من قيام ثورة مؤيدة لكوريا الشمالية وأثارت قلقا إزاء إجراءات وكالة استخبارات قوية طالما اتهمت بالتوسط في السياسات الداخلية بحجة ملاحقة الشيوعيين.
يتهم البرلماني، لي سيوك كي، عضو الحزب التقدمي المتحد، وهو حزب أقلية، بحشد 130 تابعا، بعضهم مخمور ولديه أطفال صغار، في اجتماعين سريين في مايو (أيار) الماضي للتخطيط لثورة مسلحة دعما لكوريا الشمالية في حالة الحرب. وزادت كوريا الشمالية التوترات العسكرية في وقت سابق من هذا العام بالإعلان عن أنها لم تعد تحترم وقف إطلاق النار الذي أوقف الحرب الكورية في عام 1953.
في أحد الاجتماعين، الذي استمر حتى الثانية صباحا، يوم 13 مايو في سيول، قال لي، 51 عاما، إن الحرب ربما تكون وشيكة على شبه الجزيرة الكورية المنقسمة ويجب أن يعد أتباعه أنفسهم لـ«ثورة» ضد «أقوى الإمبرياليين الأميركيين في العالم» ويبنوا «وطنا موحدا جديدا»، بحسب الاتهامات الموجهة من جهاز الاستخبارات الوطنية ضده.
ووفقا للاتهامات، ذكر أحد أتباع لي الآخرين بأنه إبان الحرب الكورية، قامت السلطات الكورية الجنوبية باعتقال وإعدام عشرات الآلاف من اليساريين خوفا من تعاونهم مع الجيش الكوري الشمالي. وقد نقل عن هونغ سون - سيوك قوله إنه في حال اندلاع حرب أخرى، فربما يلقى اليساريون الكوريون الجنوبيون المصير نفسه، «الذي لقيه اليهود من قبل».
واقترح شخص آخر من أتباع لي، يدعى لي سانغ - هو، مهاجمة منشآت الاتصالات والنفط والقطارات وغيرها من المرافق الحيوية في حالة شن حرب، حسبما جاء في نص الاتهامات. غير أن هونغ وصف أيضا فكرة شراء بنادق قناصة وتوظيف مهارات القرصنة في مهاجمة منشآت الرادار العسكرية بأنها «غريبة».
يواجه لي سيوك كي وأتباعه تهما منفصلة بخرق قانون الأمن القومي المعارض للشيوعيين في كوريا الجنوبية، حينما رددوا أغاني الدعاية «الثورية» لكوريا الشمالية خلال أربعة اجتماعات سياسية العام الماضي. وتم اعتقال لي سانغ - هو الأسبوع الماضي.
«لي سوك كي عدو لكوريا الجنوبية»، هذا ما قاله كيم جين تاي، وهو مشرع من حزب «ساينوري» الحاكم، مطالبا الزملاء المشرعين بدعم مشروع قانون يصدق على اعتقال لي يوم الأربعاء. وبموجب القانون، يمكن اعتقال مشرع بتصديق من البرلمان، عندما تكون الجمعية الوطنية في حالة انعقاد. وقال لي للجمعية الوطنية: «إنها مطاردة ساحرات من القرون الوسطى»، منكرا تدبيره مخططا للإطاحة بحكومة كوريا الجنوبية. وفي مؤتمر صحافي سابق، وصف نفسه بالمسالم وحث زملاءه من المشرعين على رفض مشروع القانون.
وقالت لي جونغ هي، رئيس الحزب المنتمي إليه لي سيوك كي، إن وكالة الاستخبارات قد استشهدت بمقتطفات وحرفت سياق التعليقات التي أدلى بها خلال اجتماع مايو الماضي لدعم اتهاماته بالخيانة. وأضاف أن الأحاديث عن إتلاف منشآت الدولة كانت «أشبه بنكات وتم الاستهزاء بها».
غير أن لي سيوك كي، وجد بعض الأصدقاء في الجمعية؛ إذ جرى تمرير القانون بموافقة 258 مقابل اعتراض 14. وقرر الحزب الديمقراطي، الذي يمثل المعارضة الرئيسة، هو الآخر التصديق على المشروع. وفي وقت لاحق من يوم الأربعاء، أخذ وكلاء استخباراتيون لي سيوك كي، إلى جلسة استماع أمام المحكمة، حيث كان قاض على وشك اتخاذ قرار بشأن اعتقاله.
يعتبر لي أول مشرع يواجه اتهامات بالخيانة منذ أن حل قادة منتخبون ديمقراطيا محل الديكتاتوريين العسكريين السابقين في البلاد. وقد هزت قضيته البلاد لمدة أيام، وسلطت الضوء على اتهامات من المعارضة بأن الوكالة تعود إلى سابق عهدها الممثل في تلفيق قضايا تجسس وتهديدات من كوريا الشمالية من أجل صرف الانتباه عن الأزمات السياسية المحلية والدعوات لتقليص سلطتها.
وتأتي هذه القضية في خضم قلق متزايد بشأن إجراءات جهاز استخبارات كوريا الجنوبية. ويواجه ون ساي هون، وهو رئيس سابق لوكالة التجسس، محاكمة بتهم توجيه أوامر لفريق من العملاء ببدء حملة تشويه على الإنترنت العام الماضي ضد معارضين للنظام.
وعلى الرغم من أن كثيرا من مواطني كوريا الجنوبية انتقدوا وسخروا من لي، مطالبين بمعاقبته، فإن آخرين أثاروا تساؤلات حول ما إذا كان يشكل مؤامرة خيانة ومدى الحرية التي يمكن أن يتحدث بها الناس عن كوريا الشمالية في كوريا الجنوبية، حيث تمنع الحكومة الدخول إلى المواقع الإلكترونية الكورية الشمالية، ولا يزال الناس يعتقلون بسبب إعادة إرسالهم رسائل منشورة على موقع «تويتر» لمواد الدعاية الكورية الشمالية.
وشبه تشين جونغ كوون، وهو معلق سياسي، لي وأتباعه بـ«نزلاء في مستشفى مجانين» و«شخصيات على شاكلة دون كيشوت يقومون بتسليح أنفسهم». ووصف كيم يونغ هوان، أحد أعضاء الحزب الديمقراطي، المعارض، تهمة الخيانة الموجهة إلى لي بأنها «كوميديا من الدرجة الثالثة».
* خدمة «نيويورك تايمز»



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.