تعديل الدستور الجزائري يطرح تساؤلات حول «تغيير العقيدة العسكرية»

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أرشيفية - إ.ب.أ)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

تعديل الدستور الجزائري يطرح تساؤلات حول «تغيير العقيدة العسكرية»

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أرشيفية - إ.ب.أ)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أرشيفية - إ.ب.أ)

يرغب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في إجراء تعديل دستوري يفتح الباب أمام إمكان نشر الجيش الجزائري في الخارج، وهو ما يطرح تساؤلات كثيرة حول تغيير العقيدة العسكرية للبلاد، التي ظلت تتبنى مبدأ عدم التدخل خارج حدودها.
وترغب الجزائر في السماح لقواتها بالمشاركة في عمليات حفظ السلام، وفق مسودة مشروع إصلاح كشف عنها بداية مايو (أيار) الماضي. ويبدو أن الجيش الوطني الشعبي لديه الإمكانات التي تسمح بذلك؛ إذ يتجاوز عدد قواته 467 ألف فرد: 130 ألفاً في القوات العاملة، وأكثر من 187 ألفاً في القوات شبه العسكرية، و150 ألفاً في قوات الاحتياط، وفق المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن.
وبسبب هذا الرقم الكبير، تتزايد أيضاً المصاريف العسكرية التي بلغت 9.6 مليار دولار في 2018، وفق المعهد الدولي لأبحاث السلام في استوكهولم، أي ما يمثل 5.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم يضع الجزائر في المرتبة الأولى قاريّاً.
ويأتي مشروع الإصلاح في سياق إقليمي متوتر؛ إذ تسعى الجزائر للتأثير في النزاع الدائر بليبيا، التي تتقاسم معها نحو ألف كلم من الحدود. علاوة على ذلك، فإن الجزائر التي توسطت بين حكومة باماكو والمجموعات المسلحة المتمردة في شمال مالي، تخشى من تهديدات عدم الاستقرار على حدودها الجنوبية.
وفي ظل هذه المخاوف، اقترحت لجنة الخبراء لتعديل الدستور إدخال تغيير يسمح بإرسال قوات إلى الخارج، لكن بشروط. وينص هذا التعديل على أن الجزائر يمكنها «في إطار الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، وفي ظل الامتثال التام لمبادئها وأهدافها، أن تشارك في عمليات حفظ سلام في الخارج». وتعطي الصيغة الجديدة الحق للرئيس، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع، بإرسال قوات بعد موافقة ثلثي البرلمان. وفي هذا السياق اعتبر رئيس اللجنة أحمد لعرابة، أن «الإمكانية» متروكة لـ«تقديره».
وبموجب دستورها الحالي، تدافع الجزائر على مبدأ عدم التدخل؛ ولذلك يخشى بعض المحللين تغيير هذه العقيدة، خاصة أن الجيش الجزائري لم يشارك في أي نزاع خارجي منذ حربي 1967 و1973 ضد إسرائيل.
يقول رضا دغبار، الأستاذ في كلية الحقوق بالبليدة (جنوب العاصمة)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن إرسال قوات عسكرية إلى الخارج «يهدد بتعريض قواتنا والبلد بأكمله للخطر».
بدوره، قدّر الخبير في المسائل الاستراتيجية إسماعيل معارف، أن هذه المبادرة «تهدد بتقويض سيادة الجزائر؛ لأنها ستعطي الفرصة لقوى أجنبية لإقحام نفسها في الشؤون الداخلية للبلاد».
لكن رئيس اللجنة يستبعد ذلك مطلقاً. فبالنسبة إليه، فإن هذه التعديلات «لا تمسّ المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية الجزائرية: السيادة وعدم التدخل العسكري والسياسي». مبرزاً أن المشاركة العسكرية مستقبلاً في حفظ السلام «لن تكون شكلاً من التدخل... ففي هذا النوع من العمليات لن تحصل مواجهات، ولا استعمال للأسلحة الثقيلة».
لكن ما رأي الجيش نفسه في هذا التعديل؟
في مقال نشر في عدد يونيو (حزيران) الحالي لمجلة «الجيش»، الصادرة عن وزارة الدفاع، يوجد تأكيد بأن المقترح «يتماشى تماماً مع السياسة الخارجية» الجزائرية. وقد انتقد المقال أيضاً معارضي التعديل الذين «اعتادوا الاصطياد في المياه العكرة»، واتهمهم بالسعي إلى «إخراج النقاش عن سياقه الحقيقي وتعمدوا (...) بث معلومات مغلوطة وأفكار مسمومة».
من جهته، اعتبر محمد لعقاب، المكلف مهمة في رئاسة الجمهورية، أن «الدفاع والحفاظ على استقرار وأمن البلاد وسيادتها يمكن أن يتمّا أحياناً خارج الحدود». وأشار إلى «حضور الجماعات الإرهابية»، وكذلك «مرتزقة في دول مجاورة».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.