واشنطن تؤكد التزامها نتائج الحوار الاستراتيجي مع بغداد

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تؤكد التزامها نتائج الحوار الاستراتيجي مع بغداد

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو (أ.ف.ب)

أكدت الولايات المتحدة التزامها نتائج الحوار الاستراتيجي الذي جرى أخيراً مع العراق، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، فيما أعربت عن دعمها الحكومة العراقية الجديدة، برئاسة مصطفى الكاظمي، الذي ينتظر أن يزور واشنطن قريباً «إن سمحت الظروف الصحية بذلك».
ونقلت وزارة الخارجية العراقية، في بيان، أمس، عن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قوله خلال اتصال هاتفي بنظيره العراقي فؤاد حسين إن «الولايات المتحدة سعيدة بالنتائج الأولية للحوار الاستراتيجي»، معرباً عن أمله بالاستمرار لغرض إكمال هذه الحوارات. وأضاف البيان أن بومبيو «أكد احترام الحكومة الأميركية لسيادة العراق، ودعمها لحكومة مصطفى الكاظمي، وتقديم الدعم الاقتصادي».
وأكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن بلاده تسعى إلى «بناء علاقات متوازنة مع جميع دول العالم، واعتماد مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام سيادة العراق، وتحقيق المصالح المشتركة، واستقلال القرار العراقي». وتطرق إلى الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء إلى واشنطن «إن سمحت الظروف الصحية بذلك»، مشدداً على «إصرار الحكومة على إجراء خطوات مستقبلية للعمل، والمضي في نجاح برنامجها الحكومي».
واتفق الجانبان على ضرورة تشجيع الاستثمار في جميع القطاعات، ومنها القطاع النفطي، والبنى التحتية، وحثّ المستثمرين على العمل في العراق. وكان العراق والولايات المتحدة عقدا الأسبوع الماضي جولة أولى من الحوار الاستراتيجي بين البلدين.
ورغم ترحيب كثير من القوى السياسية بالنتائج الأولية للحوار، ولا سيما تأكيد الولايات المتحدة على أهمية الحفاظ على سيادة العراق، فإن إعلان واشنطن أن انسحابها من بغداد مرهون بالقضاء على تنظيم «داعش» أدى إلى ردود فعل سلبية لدى الأطراف القريبة من إيران.
في السياق نفسه، تُضيق السلطات العراقية الخناق على الفصائل المسلحة المسؤولة عن إطلاق صواريخ الكاتيوشا على السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، أو معسكر التاجي، أو محيط مطار بغداد، حيث يوجد الجنود الأميركيون. وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن «الاستخبارات بدأت تقترب من تحديد العناصر التي تقوم بمثل هذه الأعمال التي تعد مخلة بالسيادة العراقية، وذلك من خلال معلومات تم الحصول عليها».
ولم يكشف المصدر الأمني مزيداً من التفاصيل، إلا أنه أكد أن «الفترة المقبلة ستشهد الوصول إلى مصادر الجهات التي تطلق صواريخ الكاتيوشا؛ خصوصاً بعد ظهور جهات بمسميات مختلفة لا يعود أي منها إلى الفصائل المسلحة المعروفة التي تلتزم الهدنة بانتظار نتائج الحوار الاستراتيجي الذي يهدف في النهاية إلى ضمان سيادة العراق وخروج القوات الأميركية من العراق ضمن خريطة طريق واضحة».
إلى ذلك، دعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي حسن كريم الكعبي القوى السياسية إلى «التعاون للحفاظ على سيادة العراق وتأمين أجوائه». وقال، في بيان، إنه عقد اجتماعاً مع عدد من رؤساء وممثلي اللجان النيابية «لبحث تفاصيل الحوار العراقي - الأميركي الذي انطلق قبل أيام، ومعرفة الخطوات والمبادئ التي ارتكز عليها الوفد في الجوانب الأمنية والاقتصادية وغيرها».
وأضاف أن «الاجتماع خُصص لاستضافة الفريق الحكومي التفاوضي مع الولايات المتحدة، برئاسة الوكيل الأقدم لوزارة الخارجية عبد الكريم هاشم مصطفى، وحضور محمد الحاج حمود، وعدد من الشخصيات الأخرى، ضمن الوفد. وأكد الوفد الحاضر أن جولة المباحثات كانت جيدة وناجحة وجاءت طبقاً للقرارات ذات الصلة الصادرة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية».
وكشف الكعبي أن الجولة المقبلة من الحوار مع واشنطن ستنطلق الشهر المقبل، «وسيتم الأخذ بجميع الأفكار التي طرحت من قبل أعضاء مجلس النواب». ورأى أن «قضية انسحاب القوات الأميركية يجب أن توضع في أولى أولويات جميع الحوارات والاتفاقات المشتركة المقبلة».
وكان الباحث السياسي العراقي الدكتور حسين علاوي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الحوار الاستراتيجي مهم جداً للطرفين، فالولايات المتحدة سعت من خلال هذا الحوار إلى تثبيت قناعات وتغيير قناعات وتوسعة الفهم المشترك تجاه خريطة عمل تبدأ بحوار تكتيكي بمراحل عدة وتنتهي باتفاق لتفعيل اللجان المشتركة في الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة عام 2008».
وأضاف أن «التركيز في المرحلة الراهنة كان على الملفات الاستراتيجية التي تمثل أولوية، مثل المالية والتعليم العالي والدفاع والداخلية والبنك المركزي والنفط والصحة». وأوضح أن «الكاظمي تعامل مع هذا الحوار بدقة من منظور القوى المؤيدة والقوى الممانعة للحوار»، مبيناً أن «سلسلة حوارات مستقبلية بين الطرفين ستتم من خلالها مناقشة العمل المشترك في مجالات أكثر تأثيراً في العلاقات العراقية - الأميركية».
ورأى أن «حكمة الكاظمي وهدوءه وقدرة فريقه المفاوض، ترتب عليها تحقيق نتائج جيدة، لم تتمكن من تحقيقها قوى السلاح والخطاب المتصارع بين مختلف الأطراف».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».