إجراءات مالية في دمشق لوقف تدهور الليرة

TT

إجراءات مالية في دمشق لوقف تدهور الليرة

أعلن «مصرف سوريا المركزي»، أمس، رفع سعر شراء الدولار لتسليم الحوالات الشخصية الواردة إلى سوريا، إلى 1250 ليرة بدلاً من 700 ليرة، وذلك ضمن إجراءات لوقف تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي مع بدء تنفيذ «قانون قيصر» الأميركي أمس.
ووفق نشرة المصارف والصرافة الصادرة عن المصرف، حسبما أفادت به «وكالة الأنباء السورية (سانا)»، فقد أصبح سعر الصرف الوسطي للدولار الأميركي 1256 ليرة بعد أن كان سعره في نشرة أمس 704 ليرات. وبلغ سعر صرف اليورو مقابل الليرة السورية حسب النشرة 38.‏1413 ليرة سعراً وسطياً لمؤسسات الصرافة ولتسليم الحوالات الشخصية.
ووفق صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن سعر صرف الدولار في السوق السوداء أمس في دمشق بلغ 2700 ليرة، وفي حلب 2800 ليرة. ويخشى تجار سوريون من ارتفاع كبير لأسعار المواد المستوردة التي كانت مدعومة من قبل الحكومة السورية. وقال تاجر في مدينة حلب لوكالة الأنباء الألمانية، إن «الحكومة كانت تقدم دعماً لبعض السلع واستجرار الدولار من البنك المركزي بسعر 700 ليرة سورية، أما اليوم بعد رفع سعر صرف الدولار لدى البنك، فإن جميع السلع المستوردة سوف يرتفع سعرها بما يوازي زيادة سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية».
ويقول لـ«الشرق الأوسط» متعاملون في سوق الصرف: «السوق غير مستقرة. هناك ترقب وحذر كبيران» لما ستؤول إليه الأمور في الأيام المقبلة؛ خصوصاً في ظل الإجراءات الأمنية المشددة التي تتبعها السلطات في السوق وإلقاء القبض على صرافين.
ويتوقع تجار صرف في سوق الحريقة وسط دمشق لـ«الشرق الأوسط»، أن يهتز بشدة سعر الصرف، مع البدء بتطبيق القانون، بينما يقلل تجار آخرون من شأن القانون، ويعولون على الإجراءات الحكومية لضبطه.
وبعدما ندّد في وقت سابق مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية بـ«قانون قيصر»، وحذّر من أن تطبيقه سيفاقم معاناة المدنيين، مؤكداً أن بلاده ستتصدى للقرار «الجائر»، أعاد مسؤولون التأكيد في تصريحاتهم أن دمشق ستواجه القانون بـ«الصمود»، ومساعدة «الحلفاء» في طهران وموسكو.
وأصدر «مصرف سوريا المركزي»، الأحد الماضي، قراراً منع بموجبه المصارف العامة والخاصة من الإقراض والتسهيلات الائتمانية، لاعتقاده أن المقترضين والحاصلين على التسهيلات البنكية يقومون بالمضاربة على الليرة السورية في أسواق الصرف لتحقيق أرباح.
وبحسب مصادر مقربة من الحكومة، فإن الحكومة تعتقد أن قرارها سيؤدي إلى تحقيق استقرار في سعر الصرف، وتقول لـ«الشرق الأوسط»؛ إن الحكومة تعتزم العودة إلى سياسة حاكم «مصرف سوريا المركزي» السابق دريد درغام، الذي عمل على ضبط جانب العرض من الليرة، وقلصه إلى أدنى مستوى من خلال السياسة المالية والمصرفية، مما أدى إلى انخفاض سعر صرف الدولار من عتبة 625 إلى 425 واستقراره على هذا السعر حتى يونيو (حزيران) عام 2018. وذكرت المصادر أن مسؤولين رفيعين في النظام يعتقدون أن «البلاد دخلت المجهول».
وبخلاف التصريحات الحكومية بأنه ستتم مواجهة القانون عبر «الصمود» و«مساعدة الحلفاء»، يسود قلق كبير الشارع الدمشقي من انعكاس العقوبات على الوضع المعيشي وزيادة الأزمة الاقتصادية. وبعد أن شهدت أسعار المواد الغذائية قليلاً من التراجع، مع التحسن في سعر الصرف، عادت وحلّقت مع التراجع الجديد في سعر الصرف؛ حيث وصل سعر اللتر الواحد من الزيت النباتي إلى 4500 ليرة بعدما كان الأحد 3500، بينما ارتفع سعر كيلو السكر إلى 1300 بعدما كان بـ850، وذلك بمعدل ارتفاع وصل تقريباً إلى 30 في المائة. ولاحظت «الشرق الأوسط» أن كثيراً من الأشخاص لم يتمكنوا من شراء احتياجاتهم أمس، وقرروا تأجيل الشراء إلى يوم آخر لعدم امتلاكهم ما يكفي من مال.
وقبل التدهور الأخير في سعر الصرف بداية الشهر الحالي، أكدت دراسات وتقارير أن أكثر من 87 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، مع تضاعف الأسعار بما بين 40 و60 ضعفاً منذ بدء الحرب، وبقاء الحد الأعلى للمرتبات الشهرية للموظفين في القطاعات الحكومية على حاله عند 50 ألف ليرة (أقل من 25 دولاراً).
وسط هذه الحالة، تكشف مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تجهيز أمراء الحرب أنفسهم لاقتناص فرص جديدة لتحقيق مزيد من الثروات حيث اتجهت أنظارهم إلى استغلال الشبكات التي بنوها في شمال وشمال شرقي البلاد مع الأكراد ومع فصائل المعارضة المسلحة. لكنهم في الوقت نفسه تعرضوا لضغوط من قبل النظام من أجل دفع مبالغ كبيرة للخزينة بهدف تحقيق الاستقرار في سعر صرف الليرة، حسبما ذكرت مصادر مطلعة.



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.