ضغوط متزايدة ضد مخطط الضم الإسرائيلي

العاهل الأردني يحذّر من تقويض {فرص السلام} وخبراء أمميون يتحدثون عن احتمال قيام «بانتوستان فلسطينية» في الضفة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس قبل مؤتمرهما الصحافي في القدس أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس قبل مؤتمرهما الصحافي في القدس أمس (أ.ف.ب)
TT

ضغوط متزايدة ضد مخطط الضم الإسرائيلي

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس قبل مؤتمرهما الصحافي في القدس أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس قبل مؤتمرهما الصحافي في القدس أمس (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تمضي فيه الحكومة الإسرائيلية في التمهيد لتنفيذ مخطط ضم أراض فلسطينية في الضفة الغربية وفرض السيادة عليها وعلى المستوطنات، ارتفعت حدة الضغوط الدولية لمنع حصول ذلك. وأكد خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أمس (الثلاثاء)، أن مخطط الضم ينتهك مبدأ أساسياً من مبادئ القانون الدولي الذي يحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة.
وفي الإطار ذاته، أكّد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الثلاثاء، معارضة بلاده للخطة الإسرائيلية لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية. ونقل بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني عن الملك عبد الله، قوله خلال اجتماعات عقدها الثلاثاء تقنياً وهاتفيّاً، مع لجان وقيادات في الكونغرس الأميركي، إن «أي إجراء إسرائيلي أحادي لضم أراضٍ في الضفة الغربية هو أمر مرفوض، ويقوّض فرص السلام والاستقرار في المنطقة»، حسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وحتى رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، الذي وصل أمس في زيارة ودية إلى إسرائيل، وطالبه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بأن «يعمل على تخفيف حدة موقف الاتحاد الأوروبي من مخطط الضم»، أعلن معارضته لخطوات أحادية الجانب، وقال إن حكومته ترغب في رؤية الإسرائيليين والفلسطينيين يعيشون معاً بسلام وأمان، ومستعدة لبذل كل جهد لتحقيق ذلك. وحذّر من أن الضم قد يؤدي إلى مكاسب إقليمية لتركيا التي تعادي إسرائيل واليونان. وقال إنه حال عودته لبلاده سيتكلم مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، لفحص إمكان التقدم في حوار سلمي يفرض لغة الحوار بدل لغة الإجراءات الأحادية.
وكان الفرقاء في الحكومة الإسرائيلية قد واصلوا أمس حوارات فيما بينهم لفض الخلافات بشأن الضم وحجمه وتوقيته وشكل تنفيذه. وقال عضو الكنيست أوفير أكونيس، النائب عن حزب الليكود والمقرب من نتنياهو، إن «إعلان السيادة الإسرائيلية على أراضٍ في الضفة الغربية سيبدأ في الأسابيع القليلة المقبلة، وسيشمل أجزاء من الأراضي في المناطق المعرّفة سي (C)». وادعى بأن «الإدارة الأميركية أعطت الضوء الأخضر لمثل هذا الإجراء».
وأعلن وزير الأمن رئيس الوزراء البديل، بيني غانتس، أنه سيمضي قدماً في تطبيق السيادة الإسرائيلية على بعض المناطق في الضفة الغربية. وفي كلمة ألقاها أمام اللجنة اليهودية الأميركية (AJC)، قال «هذه خطة مهمة تقدم مقاربة واقعية للطريقة التي يمكن من خلالها بناء مستقبل مستقر في المنطقة، وأعتزم دفعها قدماً قدر الإمكان وبمسؤولية كبيرة، لكن بالتنسيق مع الشركاء الإقليميين وبالطبع مع الشركاء المحليين، مع الإجماع في المجتمع الإسرائيلي وبالتنسيق الكامل وقبول الدعم الأميركي».
وعلّق عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، وهو رئيس حزب اليهود الروس: «يسرائيل بيتينو»، على ذلك قائلاً، إنه يشكك في تنفيذ عملية ضم حقيقية، وإنه في حال إطلاق عملية فرض السيادة الإسرائيلية، فإنها ستكون جزئية فقط؛ لأن نتنياهو، بحسب رأيه، «قضى على كل إمكانية فرض السيادة الحقيقية». وقال مصدر سياسي يميني، إن «التقديرات لدى جميع الأطراف تشير إلى أن الضم سيكون محدوداً». وفسّر رأيه بالقول «نتنياهو كبّل نفسه سريعاً عندما أعلن عن ضم أحادي الجانب فور الإعلان عن (صفقة القرن) في واشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي. لم يجبره أحد على أن يحدد هذا التاريخ، ووقع في فخ نصبه لنفسه بنفسه، حيث بات أي تأجيل للموعد يعتبر على الفور حالة فشل محققة. وفي هذه الحالة، يكون قد كبل ذاته وسيكون وحيداً تماماً. فقد لجمه جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي ومستشاره الكبير، وقلل انضمام بيني غانتس للائتلاف الحكومي احتمال الضم الشامل الذي تطلع له نتنياهو».
ويذكر أن ما يقرب من 50 خبيراً مستقلاً، من خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أصدروا بياناً مشتركاً لهم، أمس، عبّروا فيه عن الاستياء من دعم الولايات المتحدة لخطة نتنياهو، وأكدوا أنها «غير قانونية». وقال البيان، إن «ضم أراضٍ محتلة هو انتهاك خطير لميثاق الأمم المتحدة ومعاهدات جنيف، ويتناقض مع قاعدة أساسية أكدها مراراً مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجمعية العامة مفادها أن الاستيلاء على الأراضي بالحرب أو بالقوة غير مقبول». وأضاف البيان أن ما سيتبقى من الضفة الغربية بعد ضم حوالي 30 في المائة سيرقى إلى «بانتوستان فلسطينية»، حسب {رويترز}. ويشير تعبير بانتوستان تاريخياً إلى المناطق الإقليمية المنفصلة المحددة كأوطان في ظل نظام الفصل العنصري الذي كانت تتبعه جنوب أفريقيا.
وأما الرسائل التي وصلت إلى وزارة العلوم الإسرائيلية من دبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، فقد هددت عملياً بوقف المشاركة الإسرائيلية في برنامج «هوريزون 2020»، الذي يعتبر أكبر منصة في العالم لتمويل الأبحاث، ودعم الابتكار، مع ميزانية إجمالية تبلغ 77 مليار يورو، ومنح البرنامج 800 مليون يورو لأكثر من 1000 مشروع إسرائيلي خلال السنوات الأخيرة. وقد عبّر المسؤولون الإسرائيليون عن مخاوفهم من الإضرار بقدرة مؤسساتهم على مواصلة أبحاثها. وقد هرع مسؤولو الوزارة طالبين إجراء مباحثات مع الاتحاد الأوروبي لمعرفة أبعاد هذا التهديد ومدى جديته.
وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذين عقدوا جلسة مشتركة (بالفيديو كونفرنس) أول من أمس مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قد دعوا واشنطن إلى المشاركة في مبادرة دولية لإعادة إسرائيل والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات. وكان لافتاً أن المتحدث الرئيسي الذي اقترح هذا «الشكل الجديد» كان وزير الخارجية الألماني هيكو ماس، الذي زار إسرائيل قبل أسبوعين. وقد عبّر ماس عن موقف ألمانيا ضد الضم وحذّر من العواقب السلبية للعملية والوضع الأمني الإقليمي. وأوضح أن الضم سيكون له أيضاً آثار على علاقات بلاده مع إسرائيل.
وفي السياق، أكد الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، أن التكتل الموحد سيكون جاهزاً لتسهيل عملية سياسية سلمية بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني وفق محددات متفق عليها. وشدد بوريل، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس، على ضرورة تشجيع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على العودة إلى العملية السياسية المتوفقة منذ وقت طويل، وقال «لا بديل عن العودة للمفاوضات». وأشار إلى أن الأوروبيين كانوا واضحين تجاه رفضهم ضم أراضٍ من الضفة الغربية لإسرائيل، وقال «شرحنا للوزير الأميركي وجهة نظرنا تجاه الأمر وآثاره على حل الدولتين والاستقرار في المنطقة».
وقال بوريل، إن أوروبا تدعم المفاوضات لحل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني وفقاً لمعايير معترف بها دولياً، وإن خطة الرئيس ترمب للسلام وصلت إلى طريق مسدودة؛ لأنه لم يعتمد على المعايير التي تريدها أوروبا. وأكد بوريل أن المفاوضات يجب أن تكون من دون شروط مسبقة، وأن الأمور ستقرر وتتطور خلال تلك الفترة. وقد رد بومبيو بأنه أوضح للأوروبيين أن الولايات المتحدة مهتمة أيضاً بدولة فلسطينية، لكن ليس بالمعايير الأوروبية. وأوضح بومبيو «إننا ندعم حل الدولتين، لكن ليس على أساس خطط الاتحاد الأوروبي، لكن وفق خطة ترمب».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.