«الوفاق» و«الجيش الليبي» يستعدان لحسم معركة سرت

«الأوروبي» يطالب بالتحقيق في مقابر ترهونة الجماعية

مسلحون موالون لحكومة «الوفاق» يقيمون حاجزاً أمنياً في ترهونة (د.ب.أ)
مسلحون موالون لحكومة «الوفاق» يقيمون حاجزاً أمنياً في ترهونة (د.ب.أ)
TT

«الوفاق» و«الجيش الليبي» يستعدان لحسم معركة سرت

مسلحون موالون لحكومة «الوفاق» يقيمون حاجزاً أمنياً في ترهونة (د.ب.أ)
مسلحون موالون لحكومة «الوفاق» يقيمون حاجزاً أمنياً في ترهونة (د.ب.أ)

يستعد طرفا النزاع في ليبيا لحسم الصراع العسكري بينهما حول مدينة سرت الاستراتيجية، وسط البلاد، حيث عززت حكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، المدعومة من تركيا، من حجم وطبيعة قواتها في مواجهة قوات الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر.
وقال قائد ميداني بالجيش الوطني، إن «العد التنازلي لمعركة سرت بدأ»، لافتاً إلى أن قوات «الوفاق» بدأت في المرحلة الأخيرة من استكمال التحضيرات، التي تقوم بها منذ الأسبوع الماضي تمهيداً لشن هجوم يستهدف قوات «الجيش الوطني».
وأوضح المسؤول العسكري، الذي رفض تعريفه، أن المعركة المقبلة ستشهد حضوراً عسكرياً تركياً «هو الأوسع من نوعه»، منذ بدء القتال حول طرابلس قبل نحو 14 شهراً، مشيراً إلى وجود بارجات حربية تركية، وتدشين ضباط أتراك لمنظومات دفاع جوي، وزرع ألغام في المناطق التي توجد فيها قوات «الوفاق»، التي قال مسؤولون فيها إن عناصرها التي تنتشر في محيط مدينة سرت باتت تبعد بنحو 50 كيلو متراً فقط عن مركز المدينة.
وأكد المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» لـ«الجيش الوطني»، مقتل مرتزق سوري برتبة نقيب إثر ضربة جوية من قبل سلاح الجو، استهدفت نقطة تجمع للمرتزقة في محاور غرب مدينة سرت ليبيا.
في غضون ذلك، استمر حفتر في إرسال مزيد من التعزيزات العسكرية إلى قوات الجيش في هذه المنطقة، حيث وصلت أول من أمس قوات «الكتيبة 302 صاعقة»، لتنضم إلى قوات الجيش الموجودة بالفعل في المدينة، القريبة من موانئ رئيسية لتصدير الطاقة الرئيسية في ليبيا على ساحل البحر المتوسط، باعتبارها أقرب المدن لهذه الموانئ، حيث تقع تقريباً في منتصف المسافة بين طرابلس، مقر حكومة «الوفاق»، وبنغازي التي يسيطر عليها الجيش الوطني منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.
من جانبه، قال اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني، إن تركيا تسعى للسيطرة على غرب ليبيا، بهدف إقامة قواعد عسكرية وبحرية في مصراتة والوطية، واعتبر أن «الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي يجني مكاسب تدخله العسكري، لا يتفاوض مع السراج، بل يصدر أوامره إليه في هذا الخصوص».
وتابع المسماري، في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، أن قوات الوفاق «تريد الوصول إلى منطقة الحقول النفطية في الصحراء الليبية، والضغط على أوروبا، ومحاولة فرض نفسها اقتصادياً من خلال السيطرة على سواحل ليبيا لإرسال المتطرفين والمهاجرين غير الشرعيين».
ميدانياً، أعلنت «عملية بركان الغضب»، التي تشنها قوات «الوفاق»، مساء أول من أمس، مقتل مواطن، وإصابة آخر، إثر انفجار لغم في طريق المطار، مشيرة إلى أن الأحياء السكنية الواقعة جنوب طرابلس وطريق المطار شهدت العديد من حوادث انفجار الألغام، التي أودت بأرواح عناصر من الهندسة العسكرية أثناء عمليات تفكيكها ونازحين عادوا إلى منازلهم.
إلى ذلك، دخل الجيش الوطني والحكومة الموازية الموالية له في شرق البلاد، برئاسة عبد الله الثني، على خط المفاوضات التركية - الروسية، حيث التقى، أمس، نائب رئيس مجلس النواب الليبي، أحميد حومة، وعبد الهادي الحويج وزير الخارجية بالحكومة الموازية، ومندوب القيادة العامة للجيش الوطني مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف. وأعلن الوفد، في بيان، من موسكو، دعم الجهود الروسية لمبادرة وقف إطلاق النار، والعودة للعملية السياسية، وفق مخرجات مؤتمر برلين الدولي وإعلان القاهرة.
من جهة ثانية، عبر الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي عن القلق الشديد جراء الإعلان عن مقابر جماعية في ليبيا، فيما شدد التكتل الأوروبي على ضرورة إجراء تحقيق فوري ومستقل.
وشدد حوزيب بوريل، المنسق الأعلى للسياسة الخارجية، على ضرورة إجراء تحقيق مستقل فوري للتحقق من هذا الأمر، وتقديم المسؤولين عنه إلى العدالة، بحسب ما جاء في بيان صدر عن مكتبه في بروكسل أمس، مذكراً جميع الأطراف في النزاع الليبي بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي بحماية المدنيين، والبنية التحتية المدنية.
بدوره، عبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، عن قلق الحلفاء العميق من تزايد الدور الروسي في المتوسط، خصوصاً في ليبيا.
ووصف الوضع الميداني في ليبيا بـ«الخطير والمتغير»، معبراً عن القلق بعد اكتشاف مقابر جماعية في شمال غربي البلاد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.