برلمانيون مصريون يدعون إلى طرد سفير حكومة السراج

الأمم المتحدة تطالب بالتحقيق في تجاوزات بحق عمال مصريين في ليبيا

TT

برلمانيون مصريون يدعون إلى طرد سفير حكومة السراج

تفاعلت أزمة مقطع الفيديو المصور، الذي أظهر تعرض مواطنين «مصريين» في ليبيا لممارسات اعتبرت «مسيئة»، ودخلت «بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا» على خط الأزمة، أمس، معربة عن «قلقها إزاء اعتقال واحتجاز وسوء معاملة عدد كبير من المواطنين المصريين في مدينة ترهونة».
وتداولت حسابات مصرية وليبية خلال الأيام القليلة الماضية مقطعا مصورا لمجموعة من العمال المصريين، وهم يتعرضون لـ«التعذيب والعنف على يد ميليشيات موالية لحكومة (الوفاق) في مدينة ترهونة بتهمة دعم الجيش الليبي، والعمل في صفوفه»، وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام مصرية.
ورأت بعثة الأمم المتحدة، أمس، أن الواقعة «تعد انتهاكاً لالتزامات ليبيا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان بشأن حظر التعذيب والمعاملة، أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة»، ورحبت بالبيان الصادر عن وزارة الداخلية في حكومة الوفاق في الشأن نفسه، ودعت السلطات المحلية في طرابلس إلى إجراء تحقيق فوري، والكشف عن مصير هؤلاء الأشخاص ومكان وجودهم، وضمان معاملتهم وفقاً للمعايير الدولية. وكان فتحي باشاغا وزير الداخلية الليبي في حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، قد قال الأحد، إن وزارته ستحقق في الواقعة، متعهداً بأنه في حال تأكدت صحة مقطع الفيديو المتداول للواقعة، فإن قواته «سوف تقوم بإلقاء القبض على مرتكبي سوء المعاملة».
وشهد برلمان مصر أمس جلسة عاصفة لمناقشة طلب إحاطة، قدمه النائب مصطفى بكري إلى وزارة الخارجية المصرية لتوضيح «سبب الإبقاء على سفير حكومة فائز السراج (الوفاق الوطني) بالقاهرة»، معتبراً أنها «حكومة غير شرعية، بالإضافة إلى الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان، الذي حدث عندما قامت ميليشيات السراج باختطاف 200 مواطن مصري مقيم بليبيا، وتعذيبهم وإجبارهم على الإساءة للدولة المصرية ورئيسها، وللجيش الوطني الليبي، والمشير خليفة حفتر، والهتاف باسم ميليشيات السراج في مشهد مُهين».
ورأى بكري أن «أقل رد فعل هو طرد سفير حكومة السراج من القاهرة، وتعيين السفير الذي يختاره وزير الخارجية الليبي عبد الهادي الحويج، باعتبار أنه يتبع الحكومة الشرعية، التي حصلت على موافقة مجلس النواب الليبي الشرعي».
في غضون ذلك، أعرب «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر عن «قلقه إزاء الفيديو الذي نشر على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يظهر تعذيب عشرات العمال المصريين في مدينة ترهونة» الليبية، مطالبا «بعثة الأمم المتحدة» في ليبيا بـ«إجراء تحقيقات مستقلة حول الانتهاكات، التي ترتكب ضد العمال المصريين، باعتبارها مخالفة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، واتفاقية مكافحة التعذيب، والعمل على تقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة حتى لا يفلت مرتكبوها من العقاب».
من جانبه، تعهد «القومي لحقوق الإنسان» أمس، بالعمل «مع الجهات المعنية في مصر لضمان حماية حقوق المواطنين المصريين، والعمل على إعادتهم سالمين إلى وطنهم».
وكانت مصر قد توعدت مصر بـ«الرد» على واقعة الاعتداء على مواطنيها في مدينة ترهونة الليبية. وأكدت وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، نبيلة مكرم، أول من أمس، أن «مصر لا تصمت أمام أي اعتداء يتعرض له المصريون في الخارج، وتقوم باتخاذ مواقف عملية».
وقالت مكرم خلال مشاركتها في اجتماع لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب المصري: «بالتأكيد لن يمر الفيديو على خير، والدولة المصرية لا تسمح بالاعتداء على المصريين بالخارج».
ومن جانبه قال رئيس مجلس النواب، الدكتور علي عبد العال، إن مصر «لن تفرط في حق أبنائها، ونحن من نحدد توقيت ومكان الرد... واصبروا».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.