عسكري أميركي: نحتاج إلى التحرك في ليبيا قبل فوات الأوان

الجنرال المتقاعد تراسك حذّر من اتفاق على {التقسيم} بين روسيا وتركيا

توماس تراسك، الجنرال الأميركي
توماس تراسك، الجنرال الأميركي
TT

عسكري أميركي: نحتاج إلى التحرك في ليبيا قبل فوات الأوان

توماس تراسك، الجنرال الأميركي
توماس تراسك، الجنرال الأميركي

اتسم موقف الولايات المتحدة بالغموض واللامبالاة بالنسبة لما يحدث في ليبيا التي يشهد الوضع فيها تصاعداً متزايداً ينذر بتحوله إلى حرب بالوكالة، في ظل قيام تركيا بدعم حكومة الوفاق الوطني التي يقودها فائز السراج.
بهذا الخصوص، يقول توماس تراسك، الجنرال الأميركي المتقاعد النائب السابق لقائد العمليات الخاصة الأميركية، في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الألمانية أمس، إنه لم يعد بمقدور الولايات المتحدة الآن عدم تغيير موقفها الذي يتيح لروسيا وتركيا مواطئ قدم مهمة استراتيجياً في منطقة شرق البحر المتوسط.
وأشار الخبير العسكري تراسك، في تقرير نشرته مجلة «ذا ناشونال إنتريست» الأميركية أول من أمس، إلى أن السفارة الأميركية في ليبيا كانت قد ذكرت أن واشنطن «فخورة بأنها شريكة» لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس التي تدعمها الأمم المتحدة «وذلك رغم أن هذا النظام يهيمن عليه الإسلاميون، وليس هناك أمل كبير في أن يحقق توحيد الصفوف في ليبيا. وفي الوقت نفسه، لم تضع الولايات المتحدة أي سياسة واضحة تجاه الجيش الوطني الليبي في طبرق».
وأضاف تراسك أن الدبلوماسيين الأميركيين «لم يقوموا بأي جهد فيما يتعلق بالقتال الدائر في ليبيا، واكتفوا في الغالب بتبني المبادرات الأوروبية الداعية لوقف إطلاق النار، وبدأوا مؤخراً في تنسيق السياسة مع تركيا. وفي ظل هذه الظروف، تقدمت تركيا وروسيا لملء الفراغ في ليبيا، ولكل منهما أهدافه. فنظراً لخوف إردوغان من انهيار حكومة إسلامية رفيقة لحكومته، عزز الدعم العسكري لقوات السراج بقوة. وفي المقابل، ضمنت تركيا اتفاقاً ثنائياً يعترف ظاهرياً بمطالبها الإقليمية الساحلية في شرق البحر المتوسط».
ويرى تراسك أن احتمال مواصلة من يدعمون السراج وحفتر، عبر إرسال تعزيزات عسكرية كثيرة إلى ليبيا، يمكن أن يتسبب في حالة من الجمود الدائم الأكثر دموية، وإلى زيادة الفراغ الأمني والتدمير المادي داخل ليبيا، وهو ما من شأنه تمكين تنظيم داعش المتشدد من الظهور مجدداً، والتسبب في زيادة تفشي فيروس «كورونا» في أنحاء البلاد «وأي من هاتين الحالتين، أو كلتيهما، يمكن أن يدفع بتدفقات جديدة من اللاجئين نحو أوروبا»، مضيفاً أنه من الممكن أن تقوم تركيا وروسيا ضمنياً بالاتفاق على تقسيم ليبيا فيما بينهما، والقيام بعملية مماثلة لعملية آستانة التي بدأتها الدولتان من أجل تحديد مصير سوريا، من دون دور للولايات المتحدة.
ومثل هذا الاتفاق سوف يروق لأنقرة وموسكو، خاصة أنه سوف يخلق مشكلات كثيرة للولايات المتحدة وحلفائها. وأي مجال نفوذ تركي في ليبيا سوف يمثل أول نجاح لإردوغان في دعم «الإخوان» في أنحاء المنطقة، وهي سياسة هددت كثيراً كل دولة حليفة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. كما سوف يؤدي هذا السيناريو إلى زيادة تشجيع دبلوماسية التهديد، من خلال تعزيز مطالب أنقرة، مهما كانت غير مشروعة، في المياه الغنية بالطاقة الواقعة بين تركيا وليبيا، وسوف يهدد هذا مباشرة عملية تطوير الطاقة من جانب اليونان وقبرص وإسرائيل ومصر، وهي كلها دول ترى واشنطن أنها تساعد في الحد من اعتماد أوروبا على الغاز الطبيعي الروسي، بحسب تراسك.
ومن ناحية أخرى، يمكن أن يكون التقسيم الفعلي لليبيا جذاباً لموسكو للسبب نفسه، إذ سوف تكون ليبيا أيضاً رأس جسر ساحلي يطوق الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي، خاصة إذا ما قامت روسيا بنصب دفاعات جوية متقدمة أو غيرها من الأسلحة.
ويرى تراسك أن هذه الاحتمالات المتوقعة «تحتاج لقيادة أميركية تأخرت طويلاً بالنسبة لليبيا والمنطقة على نطاق أوسع، إذ يجب على واشنطن تعيين مبعوث خاص لشرق البحر المتوسط لوضع حل لصراع ليبيا يتم التفاوض بشأنه»، وتكون من أولوياته الحد من دعم أنقرة لحكومة الوفاق الوطني، بما في ذلك إثارة خيار نقل الأصول العسكرية الأميركية من تركيا. كما ينبغي على صانعي السياسات، حسب تراسك، التحرك بسرعة لأن أحداث الأسابيع القليلة الماضية أوضحت أنه يمكن أن تتحول ليبيا من «فكرة مؤجلة» إلى «أزمة، قبل أن تنتبه واشنطن».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.