عادت قضية مجالس المحافظات التي صوت مجلس النواب العراقي على حلها تحت ضغط الحراك الشعبي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى دائرة النقاشات العامة بعد توارد أنباء عن إمكانية نقض قرار الحل من قبل المحكمة الاتحادية المختصة بالحكم في نوع كهذا من القضايا.
وظهرت، أمس، مجموعة من أعضاء مجالس المحافظات في مقطع «فيديو» في مبنى المحكمة الاتحادية وهي تؤكد على تحديد موعد جديد للنظر في قرار حل المجالس، وقالوا: «الأمور جيدة. نثق بعدالة المحكمة. يمضون ونبقى»، في إشارة إلى أن حكم المحكمة سيكون لصالح عودة المجالس لأعمالها السابقة بعد توقفها لنحو 8 أشهر.
وكان إلغاء مجالس المحافظات في مقدمة مطالب جماعات الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في أكتوبر الماضي وما زالت بعض مظاهره قائمة، وقد استجاب البرلمان العراقي تحت ضغط المظاهرات الاحتجاجية حينذاك وقرر إلغاءها بقرار لا يرقى إلى القانون الملزم، ذلك أن تشريع وجود المجالس المحلية استند إلى نص دستور البلاد الدائم، كما يؤكد غالبية أعضاء مجالس المحافظات.
وشمل قرار «الحل» النيابي المشار إليه مجالس الأقضية والنواحي والمحافظات غير المنتظمة بإقليم، ومنح البرلمان والمحافظين صلاحيات إدارة الأمور المالية والإدارية في المحافظات.
وقوبل الحديث عن إعادة مجالس المحافظات إلى ممارسة أعمالها المعتادة المتمثلة بتشريع القوانين ومراقبة عمل رئيس الحكومة المحلية (المحافظ)، بحملة انتقادات واسعة من ناشطين ومدونين وفعاليات اجتماعية مختلفة، نظراً للسمعة «السيئة» التي لحقت بعمل تلك المجالس واتهامها على نطاق شعبي واسع بالفساد والرشى وعرقلة مشاريع البناء والإعمار في المحافظات نتيجة الصراعات الطاحنة بين الأحزاب والكتل السياسية المتنافسة الممثلة في تلك المجالس.
وعن تفاصيل إمكانية عودة مجالس المحافظات إلى مزاولة أعمالها، يقول عضو مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي إن «الدعوى التي أقامتها مجالس المحافظات مجتمعة أمام المحكمة الاتحادية ضد قرار البرلمان، نجحت في إصدار الحكم لصالحها، غير أنه لم يكتسب الدرجة القطعية حتى الآن». ويضيف الربيعي لـ«الشرق الأوسط» أن «المحكمة الاتحادية وجهت 3 أسئلة إلى البرلمان بشأن قراره إيقاف عمل المجالس، لكنه لم يوفق في تقديم إجابات مقنعة، ذلك أن ما وجد بنص دستوري أو قانوني لا يمكن أن يلغيه قرار من البرلمان، هذه قاعدة ثابتة وشرعية المجالس مستندة إلى الدستور، والإلغاء مخالف لبنوده».
ويرى الربيعي أن «المحكمة الاتحادية تنظر إلى الأمور من زوايا مختلفة في قضية إصدار الأحكام، وتأخذ بنظر الاعتبار الأوضاع السياسية والشارع الغاضب والتوافقات السياسية، لذلك قامت بتأجيل البتّ في الدعوى المقدمة من مجالس المحافظات مرات عديدة، وقد قامت أمس بتأجيل جديدة للنظر في الحكم مدته 40 يوماً».
ويقر الربيعي بـ«السمعة غير الجيدة التي لحقت بعمل مجالس المحافظات، غير أن ذلك يشمل غالبية مؤسسات ووزارات الدولة، بل طالت الحكومة والبرلمان الاتحادي أيضاً، الأحزاب خربت المجالس وأتت بشخصيات غير ذات كفاءة، غير أن ذلك لا يعني عدم أهمية عمل المجالس الاستثنائية في البلاد التي يفترض أن يحكمها نظام ديمقراطي». ويشير إلى أن «أعضاء مجالس المحافظات منتخبون شأن نظرائهم في البرلمان الاتحادي، لكنهم لا يحصلون على امتيازات أو مرتبات أعضاء البرلمان. لدينا إحصائية موثقة تظهر أن الموازنة التشغيلية للبرلمان الاتحادي تعادل الموازنات التشغيلية لجميع مجالس المحافظات الـ18، فلماذا يحمل البرلمان الاتحادي المجالس مسؤولية الخراب الذي حصل وتبرأ ساحته؟».
ورغم التبريرات المتعددة التي تصدر عن أعضاء مجالس المحافظات بشأن الإخفاق الذي ارتبط بأدائها على امتداد السنوات الـ15 الماضية، فإن ذلك لم يؤثر كثيراً في قناعات غالبية المواطنين العراقيين الذين يعدون أن وجودها «حلقة زائدة وغير مفيدة»؛ لأنها لم تحقق أدنى إنجاز على الصعيد المحلي، خصوصاً في مدن ومحافظات وسط وجنوب البلاد التي تعاني الأمرين نتيجة تراجع الخدمات وتردي البنى التحتية. لذلك نرى أن أعداداً غير قليلة من النشطاء والفاعلين الاجتماعيين شنوا هجمات لاذعة على مجالس المحافظات بمجرد سماعهم باحتمال اكتسابها حكم العودة من المحكمة الاتحادية. وقد أطلق ناشطون، أمس، وسم «كلا لعودة مجالس المحافظات»، تصدر قائمة التغريدات والمشاركات العراقية في منصة «تويتر».
وفي هذا السياق، شن القيادي المنشق عن «التيار الصدري» الشيخ أسعد الناصري، أمس، هجوماً عنيفاً على احتمال عودة مجالس المحافظات لمزاولة أعمالها، وقال في تغريدة عبر «تويتر»: «بأسلوب فج يتحدث بعض النكرات من أعضاء مجالس المحافظات عن عودة هذه المجالس البائسة». وأضاف: «تعالوا لنحتفل بكم على طريقتنا في الناصرية أيها الفاشلون، يا من أنهكتم البلد». وكان المحتجون في الناصرية بمحافظة ذي قار الجنوبية أحرقوا مبنى المجلس ومنازل بعض أعضائه خلال الاحتجاجات الأخيرة. وختم الناصري تغريدته بوسم: «كلا لعودة مجالس المحافظات».
مجالس محافظات العراق تبحث استئناف عملها بعد الطعن في إلغائها
ناشطون عراقيون يطلقون وسم «كلا لعودتها»
مجالس محافظات العراق تبحث استئناف عملها بعد الطعن في إلغائها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة