في مناطق العالم حيث تكون المياه شحيحة، يمكن أن يكون «حصاد» المياه من الضباب هو الحل لتوفير خيار مستدام للحصول على هذا المصدر الحيوي.
وتنتهج أغلب دول العالم خيار حصاد الضباب عبر شبكات بسيطة مستطيلة الشكل مصنوعة من مادة النايلون، وتم الإبلاغ أخيرا عن حل آخر في دراسة نشرت يوم 16 أبريل (نيسان) 2020، بدورية النظم المستدامة المتقدمة (Advanced Sustainable Systems)، وهو استخدام آلة تشبه القيثارة لحصاد المياه من الضباب.
وفي حين أن شبكات الضباب قيد الاستخدام بالفعل، فإن الكفاءة الفائقة لقيثارة الضباب يمكن أن تزيد بشكل كبير من عدد المناطق في جميع أنحاء العالم التي يمكنها حصاد الضباب. ويأتي الاختلاف في قدرة القيثارة على استخلاص الماء من الضباب الأقل كثافة.
توصل لهذه الفكرة جوناثان بوريكو من قسم الهندسة الميكانيكية في كلية الهندسة بجامعة فيرجينيا للتقنية، وبروك كينيدي من قسم التصميم الصناعي في كلية العمارة والدراسات الحضرية بالجامعة.
يقول كينيدي في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة فيرجينيا بالتزامن مع نشر الدراسة إن «مليارات الأشخاص يواجهون ندرة المياه في جميع أنحاء العالم، ونحن نشعر أن القيثارة الضبابية هي مثال رائع على اختراع بسيط نسبياً منخفض التقنية لمساعدة المجتمعات على تلبية احتياجاتهم الأساسية».
ويستخدم تصميم «القيثارة» أسلاكاً متوازية لجمع المياه المحيطة، من الضباب، بينما تعتمد التكنولوجيا الحالية المستخدمة حول العالم بشكل أساسي على الشبكة المصنوعة من النايلون.
وكانت النظرية التي تم إثباتها مختبريا للجهاز الجديد هي أن الأسلاك المتوازية أكثر كفاءة في جمع المياه، وتتجنب الانسدادات التي يمكن أن تحدث في النظام التقليدي. وأظهرت الاختبارات المبكرة الصغيرة، أنه في ظروف الضباب العالي، تفوقت القيثارة على نظام الشبكة بشكل ملحوظ.
ثم انتقل الاختبار إلى الميدان في الحقول المفتوحة لمزرعة جامعة فرجينيا للتقنية، حيث كانت القيثارة قادرة على جمع المياه من الضباب الرقيق، في حين كانت الشبكات التقليدية خالية تماماً من المياه. ومع زيادة كثافة الضباب، واصلت القيثارات تفوقها على قريناتها، حيث تراوح هذا بين ضعف الناتج إلى ما يقرب من 20 مرة.
ومن خلال الجمع بين الدراسات المختبرية والبيانات الميدانية، قرر الباحثون أن إمكانات التجميع الخاصة بالقيثارات هي نتيجة عوامل متعددة من أهمها حجم قطرات المياه القابلة للتحصيل، ففي كلتا الحالتين، يجب أن يتم الإمساك بالمياه على الشبكة أو القيثارة أثناء مرور الهواء عبرها، والانتقال لأسفل إلى نقاط الجمع عن طريق الجاذبية.
وتستخدم القيثارة الأسلاك الرأسية فقط، ما يخلق مساراً غير معوق للقطرات المتنقلة، وعلى النقيض من ذلك، فإن جامعي الشبكة لديهم بنية أفقية ورأسية، ويجب أن تكون قطرات الماء أكبر بكثير لعبور القطع الأفقية.
ويقول بوريكو «أدركنا في اختباراتنا الميدانية أنه يمكننا الحصول على ما يصل إلى 20 ضعفاً من المياه في المتوسط في الضباب المعتدل، وهذا يمنحنا الأمل في أن نتمكن بشكل كبير من تعزيز اتساع المناطق التي يكون فيها حصاد الضباب أداة فعالة». ويثني الدكتور خالد عباس، أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة جامعة أسيوط، على أي فكرة يمكن أن تزيد من حصاد المياه من الضباب، لا سيما إذا كانت بسيطة ولا تحتاج إلى إمكانيات تكنولوجية معقدة مثل فكرة القيثارة.
ونفذت المغرب مشروعا لحصاد المياه من الضباب بالطريقة التقليدية، تم بالتعاون بين جمعية أهلية ومؤسسة «ميونيخ ري» الألمانية، ومثل هذه الأفكار البسيطة والتي تعزز في الوقت ذاته من كفاءة حصاد المياه، يمكن أن تساعد في تعميم استخدام هذا المصدر، الذي بات ضرورة لمواجهة نقص المياه، كما يؤكد عباس. ولا تزيد نسبة المياه العذبة على الأرض عن 3 في المائة من مساحة سطح الكوكب، ولا يستفيد البشر من هذه النسبة كاملة، غير أن الزيادة المستمرة في عدد سكان العالم، وعوامل التغير المناخي، تفاقم كلها وبمرور الوقت مشكلة استنزاف موارد المياه العذبة المتاحة على الأرض.
وتقدر الأمم المتحدة أن عدد سكان الأرض سيرتفع إلى 9.7 مليار نسمة عام 2050، فيما تشير منظمة الصحة العالمية أنه بحلول عام 2025، سيعيش نصف سكان العالم في مناطق تعاني من نقص المياه.
«القيثارة»... أكثر حصاداً لمياه الضباب الخفيف
«القيثارة»... أكثر حصاداً لمياه الضباب الخفيف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة