المعلومات الكاذبة عن وباء «كوفيد - 19» تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بصورة وبائية إلى درجة اختراع عبارة جديدة لوصف الوضع القائم على الإنترنت حالياً، هي: «وباء المعلومات (Infodemic)». فقد انتشرت أخبار كاذبة عن لقاحات وهمية واعدة. كما تنتشر أيضاً نظريات المؤامرة عن مصدر الفيروس من معمل صيني؛ أو دولة أخرى تريد الحد من زيادة التعداد العالمي، أو تحقيق ثروة من لقاحات الفيروس في المستقبل. والعامل المشترك بين هذا الهراء هو النشر على صفحات الإنترنت، خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، مما يثير حفيظة وغضب المجتمع الطبي في العالم.
لا يقتصر التأثير السلبي لهذه الظاهرة على مصابي «كوفيد19»؛ وإنما يتخطاه لمرضى آخرين منهم ضحايا أزمات قلبية يرفضون الذهاب إلى المستشفى لقناعتهم بأن مجرد دخول المستشفى معناه الإصابة بالفيروس القاتل. واستقى هؤلاء معلوماتهم من على الإنترنت.
ويجد الأطباء أن معركتهم الضارية ضد «كوفيد19» في المستشفيات وخارجها، هي في الواقع معركة مزدوجة تشمل أيضاً مكافحة المعلومات الخاطئة. ويشكو الأطباء في بريطانيا من الضرر الذي تلحقه مواقع التواصل الاجتماعي في المواجهة مع الفيروس، ويطالبون بحذف هذه المعلومات من على المواقع فور ظهورها. وتقدم الأطباء بملف كامل لنماذج هذه المعلومات إلى لجنة من أعضاء البرلمان البريطاني يطالبون فيها بإجراءات حاسمة وقوانين ملزمة ضد هذه الأكاذيب المنشورة على نطاق واسع.
من ناحية أخرى؛ تؤكد مواقع التواصل أنها تفعل كل ما في استطاعتها للتعامل مع المشكلة وذلك بزيادة طاقة مراجعة المعلومات دورياً وحظر ما يخالف المعلومات الرسمية من الحكومات ومنظمة الصحة العالمية.
وأثناء التحقيق البرلماني البريطاني، قال المسعف الطبي توماس نولز إنه يتلقى في بعض الأيام كثيراً من المكالمات والاستفسارات المتعلقة بمعلومات كاذبة على الإنترنت. وهي في نظره ليست معلومات بريئة؛ وإنما «مقصودة ومدبرة ويروجها من يدعون أنهم خبراء صحة ويتبعهم آلاف الأشخاص». وهدف هؤلاء، في رأيه، هو تحقيق الأموال من ترويج الأكاذيب.
وعرض أطباء آخرون على اللجنة البرلمانية نماذج متنوعة لمرضى رفضوا الذهاب إلى المستشفى بناء على ادعاء أن «كوفيد19» ليس بالمرض الخطير، وأن الغرغرة بالماء المالح تكفي لعلاج الفيروس. وقالت الدكتورة ميغان سميث إن مواقع التواصل الاجتماعي سهلت نشر هذه الأكاذيب، وإن وفيات متعددة كان يمكن منعها لو جرى التحكم في الأخبار الكاذبة التي تنشر يومياً على الإنترنت.
ووجهت البرلمانية إيفيت كوبر نقداً لاذعاً لممثلي مواقع التواصل أثناء مناقشة الوضع الحالي، بالقول إن هذه المواقع مرصعة بمقالات ومقاطع فيديو تربط بين «كوفيد19» وبين شبكة الاتصالات الحديثة «5جي»، وإن عرض نظريات المؤامرة على بعض المواقع لا يقتصر على الباحثين عنها؛ بل توجه إدارة المواقع مجموع متابعيها في موضوعات أخرى إلى قراءة هذه المواقع الكاذبة عبر عرضها في صيغة إعلانية. وعدّت كوبر أن هذا التصرف «عديم المسؤولية».
وتدافع مواقع التواصل الاجتماعي عن نفسها بالقول إنها تزيل أي مقاطع فيديو تربط بين «كوفيد19» وبين شبكة الاتصالات «5جي»، كما أنها حذفت حسابات متعددة لها علاقة بترويج الإشاعات. ويتأخر التعامل أحياناً مع بعض المحتويات الكاذبة بسبب حجمها الهائل وانتشارها الواسع.
واعترف مدير علاقات عامة في أحد مواقع التواصل بأن من الصعب التعامل مع ما ينشر عن «كوفيد19» لأن بعض المنشورات يناقش معلومات ما زالت «تحت الاختبار» ولم تثبت صحتها بعد، والبعض الآخر يناقش أفكاراً أكاديمية. ولا يمكن الحجر على الأفكار التي لم تثبت صحتها بعد.
ترصد المصادر الطبية أخطاء عدة شائعة حول «كوفيد19» لا يقع فيها فقط مروجو الأكاذيب والإشاعات؛ وإنما أيضا مسؤولون حكوميون. وأول هذه الأخطاء هو التعميم بين المجتمعات المختلفة وبين الريف والمدن المزدحمة وبين صغار السن والمسنين. فالمناطق والأعمار المختلفة تحتاج إلى تعامل مختلف مع الفيروس سواء بالحجر المنزلي أو طرق العلاج.
خطأ آخر شائع هو تعميم القواعد والقوانين والإرشادات من مسؤولين ينتج عنها فقدان أهل الاختصاص، وهم الأطباء، السيطرة على الموقف. وهناك كثير من النماذج مثل نقص المعدات الطبية في المستشفيات المزدحمة ووقف العمليات الحرجة للتفرغ الكامل لمعالجة «كوفيد19». وفي حالات الفشل يوجه اللوم في العادة إلى الأطباء وليس إلى المسؤولين الذين يصدرون القرارات.
من الأكاذيب الشائعة أيضاً أن «كوفيد19» يصيب فقط كبار السن والمرضى بأمراض أخرى. فالإحصاءات تقول إن الإصابات تشمل جميع الأعمار، حتى الأطفال، رغم أن متوسط عمر من ينتهي به الأمر إلى العناية المركزة هو 60 عاماً؛ منهم 73 في المائة يعانون من أمراض أخرى. وهناك العشرات من الأطباء الأصحاء فقدوا حياتهم في أعمار صغيرة بعد العدوى بـ«كوفيد19».
ولاحظت «هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)» أن تصديق الأكاذيب والإشاعات لا يقتصر على العامة؛ وإنما يشمل أيضاً الأذكياء وكبار رجال الأعمال ورئيس جمهورية واحد على الأقل يستخدم «تويتر». وتتركز حيرة المرء في كمّ المعلومات التي يتعرض لها من دون أي خبرة سابقة للتفرقة بين الغثّ والسمين. ووجدت الهيئة عبر أبحاثها أن تصديق الأخبار الكاذبة عن الفيروس يرتفع في حالات نشر صورة أو فيديو مع الخبر. كما أن تكرار الخبر مرات عدة يؤدي إلى زيادة نسبة تصديقه حتى ولو كان كاذباً.
تدافع مواقع التواصل الاجتماعي عن نفسها بأنها تزيل أي مقاطع فيديو تربط بين «كوفيد - 19» و«5 جي»
«كوفيد ـ 19» يغزو الإنترنت بلقاحات وهمية... ونظريات مؤامرة
أطباء يتهمون مواقع التواصل بالمساهمة في ترويج الأخبار الكاذبة
«كوفيد ـ 19» يغزو الإنترنت بلقاحات وهمية... ونظريات مؤامرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة