تعد الشائعات ظاهرة اجتماعية قديمة، تجد مكانها حيث يوجد التواصل البشري، ودائماً ما توفر الأشياء الجديدة بيئة خصبة لانتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة، خصوصاً إن كانت غامضة، ولها أهمية كبرى لدى المجتمع.
ذلك ما أحدثه فيروس «كورونا المستجد» الذي لا يزال في طور البحث والدراسة، وتتخبط المعلومات بصدده بين مصادر ومراجع رسمية، مثل تقلب المعلومات لدى منظمة الصحة العالمية،
وكون فيروس «كورونا» المستجد وصل عمره منذ ولادته إلى شهره السادس، وهو ما يعد أنه حديث، ولا يزال تجرى له التجارب في المختبرات لإيجاد اللقاح، الأمر الذي جعل المناخ العام مهيأ لانتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة حوله.
ولا يرتبط انتشارها بالإعلام والوسائل الإعلامية في الغالب، بل كانت تنتشر في مختلف منصات التواصل الاجتماعي. وعندما تتكرر المعلومات، تتشكل الانطباعات لأن العقول تمتلئ بالمعلومات والانطباعات المستمدة من مختلف وسائل الإعلام. ومع مرور الوقت، يتشكل التأثير لديها، وهذا ما يشرحه علم الاتصال، وهو ما جاء في كتاب نظريات ماكويل للاتصال الجماهيري، إضافة إلى أن تكرار الشيء يؤدي إلى إقراره، وهو ما يجعل هناك خطورة في تصديق ذلك، كونه سيعود بنتائج سلبية على مختلف الأصعدة.
والأمثلة حول العالم برهان على ذلك، فمن ذلك انتشار إشاعات في منصات التواصل الاجتماعي في بريطانيا في بداية تفشي فيروس «كورونا المستجد» تربط سبب تفشي الفيروس بشبكات الجيل الخامس التي توفرها شركة «هواوي» الصينية، الأمر الذي دفع أشخاص إلى حرق بعض أبراج الاتصالات في بريطانيا، لكن سرعان ما نفت منظمة الصحة العالمية هذه الإشاعة، وأكدت أن الفيروسات لا يمكن أن تنتقل عبر موجات الراديو أو شبكات الجوال، مشيرة إلى أن الفيروس ينتشر في كثير من البلدان التي ليس لديها شبكات «5G».
وتكثف الحكومات حملات توعية الجمهور حول الفيروس، كما أنها تشدد على أهمية أخذ المعلومات من مصادرها الموثوقة، فيما جابهت دول كل رأي يروج للإشاعات بأنظمة صارمة عبر أجهزة قضائية فيها.
ورغم أن ذلك قلل من صناعة الشائعات، أو ابتكار خلطات علاجية له، بشكل ملحوظ، ووضع محاذير عدة لدى الأشخاص، فإنه لا تزال هناك معلومات مغلوطة، مثل نظريات المؤامرة التي صنع بعضها التراشق الإعلامي بين الصين والولايات المتحدة حول مصدر الفيروس، وغيرها كثير.
إضافة إلى ذلك، وفرت منصات التواصل الاجتماعي المناخ لانتشار الشائعات على النطاق العالمي، كون العالم تحول إلى «قرية كونية صغيرة»، حسب مارشال ماكلوهن، وهو ما يجعل الشائعات التي تصدر في أي دولة يمكنها الانتشار بسرعة، والوصول إلى دول أخرى.
وتعددت الشائعات حول «كوفيد-19»، حيث كانت مواضيعها حول أشعة الشمس، وأن حرارتها والتعرض لها يقي من الإصابة بالفيروس، بجانب أن بعض الخضراوات قد تقي من الفيروس، إضافة إلى شبكات الجيل الخامس، وغيرها من المواضيع التي تنفيها منظمة الصحة العالمية باستمرار.
إلى ذلك، تعوق الشائعات فهم المجتمعات لمجريات الأحداث، وتدفعهم إلى تصديق الرواية الأقرب إلى التصور، أو الأكثر تداولاً، حتى إن كان لا يوجد مصدر رسمي أو مختص يؤكد هذه الروايات. كما أنها من السهل أن تنتشر، وليس من السهل أن تتوقف، وما يعطيها مصداقية أنها تُغلَّف بقليل من الحقيقة.
«حزام رقمي» يشتد على الرأي العام ويعزز من الشائعات
«حزام رقمي» يشتد على الرأي العام ويعزز من الشائعات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة