طرح استثنائي للعملة الصعبة يصعد بالجنيه المصري ومؤتمر دولي لجذب المستثمرين

يتوقع المراقبون أن يستعيد الاقتصاد المصري عافيته مع تنامي حالة استتباب الأمن (رويترز)
يتوقع المراقبون أن يستعيد الاقتصاد المصري عافيته مع تنامي حالة استتباب الأمن (رويترز)
TT

طرح استثنائي للعملة الصعبة يصعد بالجنيه المصري ومؤتمر دولي لجذب المستثمرين

يتوقع المراقبون أن يستعيد الاقتصاد المصري عافيته مع تنامي حالة استتباب الأمن (رويترز)
يتوقع المراقبون أن يستعيد الاقتصاد المصري عافيته مع تنامي حالة استتباب الأمن (رويترز)

أوضح المدير الإقليمي لمؤسسة يورومني ريتشارد بانكس أن المؤسسة بصدد عقد مؤتمر دولي حول الاقتصاد المصري لمعالجة الصورة النمطية السلبية المتداولة إعلاميا عن الاقتصاد المصري في الوقت الراهن، والتي تؤثر بشدة على رؤية المستثمرين الأجانب إلى مصر في الوقت الحالي.
وقال بانكس في حديث مع «الشرق الأوسط» إن مؤسسته وهي مؤسسة مالية بريطانية، ستعقد مؤتمرا بالقاهرة في 24 من الشهر الحالي، دعت إليه مستثمرين وخبراء من كافة أنحاء العالم، ويهدف إلى رسم صورة مصر الحقيقية للمستثمرين الأجانب وليس الصورة التي يبعثها الإعلام الغربي أو المصري.
واندلعت في مصر موجة من أعمال عنف دام عقب فض اعتصامين لمؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي منتصف الشهر الماضي، وأعلنت السلطات الجديدة في البلاد حالة الطوارئ وفرض حظر التجوال في 14 محافظة بينها القاهرة لمدة 11 ساعة خففت مرتين مع تراجع حدة الاحتجاجات.
وتابع بانكس: «هناك صورة سلبية تنقلها وسائل إعلام عديدة، فهناك شركات طيران ترفض التأمين على المسافرين إلى مصر لأنها تنظر إلى أن الوضع غير آمن، وهذا غير حقيقي فعندما قدمت وجدت الأمور تسير بشكل جيد، الأحوال في مصر لم تختلف عن الأعوام السابقة، فالعديد من مظاهر الحياة لم يتغير، هدفنا رسم صورة مصر الحقيقية للمستثمرين الأجانب وليس الصورة التي يبعثها الإعلام الغربي، نسعى إلى بث رسالة إلى العالم كله بأن مصر ما زالت قادرة على جذب الاستثمارات بدليل إقامة هذا المؤتمر العالمي حتى في ظل الظروف التي تمر بها مصر حاليا».
وخلال الثلاث سنوات المالية الماضية بلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة القادمة إلى مصر نحو ملياري دولار لكل عام، وهو ما أثر على مستوى النمو الاقتصادي في البلاد الذي وصل إلى 2.2 في المائة بنهاية العام المالي الماضي بحسب مسؤولين.
وقالت الحكومة المصرية إنها ستتخذ سياسات توسعية، حيث أعلنت مؤخرا أنها ستضخ نحو 22.3 مليار جنيه (3.2 مليار دولار) تضاف إلى إجمالي الاستثمارات التي من المتوقع ضخها خلال العام المالي الحالي، والتي تقدر بنحو 290 مليار جنيه (41.1 مليار دولار).
وأضاف بانكس أن مؤسسة اليورومني تسعى إلى أن يرى المستثمرون الأجانب أن هناك شركات عالمية تحضر المؤتمر وحريصة على المستقبل الاقتصادي والاستثماري في مصر، نريد أن ننقل الصورة الكاملة التي لا يعرفها الغرب.
وأشار إلى أن الاقتصاد المصري به العديد من القطاعات الجاذبة خاصة قطاع الإسكان والبنية التحتية، فمعدلات الزيادة السكانية في مصر تلعب دورا مهما في زيادة الطلب الكلي وبالتالي تزيد من فرص الاستثمار على المدى البعيد.
وتوقع بانكس زيادة نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر على المديين المتوسط والطويل وليس في الوقت الراهن. وقال: «المستثمرون الأجانب ينتظرون قيام المستثمرين المحليين بضخ أموالهم في البلاد، فهذا في حد ذاته تشجيع لهم للقدوم إلى مصر».
ويرى المدير الإقليمي لمؤسسة اليورومني أن الحكومة المؤقتة تتبع سياسات جيدة، فهي تركز على حل المشاكل الحالية والتي تكون نتائجها سريعة، مشيرا في هذا الصدد إلى إعلان وزير الصناعة عن اتخاذ إجراءات لفتح المصانع المغلقة.
وعلى صعيد آخر، أعلن البنك المركزي المصري أمس أن احتياطي مصر من النقد الأجنبي ارتفع بنحو طفيف خلال الشهر الماضي ليصل إلى 18.9 مليار دولار.
وانخفض الدولار أمام العملة المحلية وتراجع دون السبع جنيهات، ووصل سعر الدولار أمس إلى 6.90 جنيه للشراء، و6.93 جنيه للبيع، وساهم في تراجع العملة الأجنبية في السوق قيام البنك المركزي أول من أمس بطرح عطاء استثنائي لبيع العملة الصعبة للبنوك بقيمة 1.3 مليار دولار.



أزمات روسيا الاقتصادية ورقة رابحة في يد ترمب

مشاة يسيرون بشارع نيفسكي وسط مدينة سانت بطرسبرغ في روسيا (رويترز)
مشاة يسيرون بشارع نيفسكي وسط مدينة سانت بطرسبرغ في روسيا (رويترز)
TT

أزمات روسيا الاقتصادية ورقة رابحة في يد ترمب

مشاة يسيرون بشارع نيفسكي وسط مدينة سانت بطرسبرغ في روسيا (رويترز)
مشاة يسيرون بشارع نيفسكي وسط مدينة سانت بطرسبرغ في روسيا (رويترز)

يترقب المهتمون بالحرب الروسية الأوكرانية والعلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لمعرفة كيفية تعامله مع الحرب التي قال إنه سينهيها في أقرب وقت، مع التحدي الروسي لمنظومة الأمن الأوروبية.

وفي تحليل نشره موقع المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) البريطاني، قال المحلل الاقتصادي ديفيد لوبين، كبير الزملاء الباحثين في برنامج مايكل كلاين للاقتصاد العالمي والمالية في المعهد، إن الاقتصاد الروسي يواجه ضغوطاً قوية نتيجة تأثيرات الحرب، وهو ما يمنح ترمب أداة مهمة في المفاوضات لإنهاء الحرب، من خلال فرض مزيد من العقوبات على موسكو، وتغيير سياسة الطاقة الأميركية والأوروبية.

ورغم ذلك، يظل السؤال هو: هل سيكون لدى الإدارة الأميركية الجديدة الرغبة في تشديد الضغط على موسكو؟ أم سيصر ترمب على السعي نحو إقامة علاقة ودية مع روسيا، لعزل الصين التي يقول الرئيس الأميركي المنتخب إنها التهديد الاستراتيجي الأكبر للأمن القومي الأميركي؟

ويمكن اعتبار تبنِّي البنك المركزي الروسي لما يمكن وصفها بأنها أكثر سياسة نقدية تشدداً في العالم، أوضح إشارة إلى الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها موسكو.

ورغم أن سعر الفائدة الرئيسية في تركيا يبلغ 47.5 في المائة، أي يزيد بشدة عنه في روسيا؛ حيث يبلغ 21 في المائة؛ فإنه عند حساب سعر الفائدة في ضوء معدل التضخم سنجد أن الفائدة الروسية هي الأعلى عالمياً.

ومنذ انخفاض معدل التضخم التركي إلى أقل من 45 في المائة، فإن سعر الفائدة الحقيقية في تركيا يبلغ نحو 2.5 في المائة، في حين أن الفائدة الحقيقية في روسيا تزيد على 10 في المائة في ضوء اقتراب معدل التضخم من 9 في المائة.

في الوقت نفسه، فإن الإنفاق المباشر على الجيش والأمن الداخلي سيصل إلى 43 في المائة من إجمالي الإنفاق الحكومي الروسي خلال العام الحالي، حسب مشروع موازنة 2025. لكن أنواع الإنفاق الأخرى ارتفعت بشدة، ومنها مخصصات التقاعد والبنية التحتية. علاوة على ذلك، ساهم الإقراض المدعوم من الدولة في توفير كميات كبيرة من التمويل الرخيص للاقتصاد، مما أدى إلى تعزيز النشاط بشكل أكبر.

في الوقت نفسه، يعاني الاقتصاد الروسي من نقص القوة العاملة بسبب تجنيد نحو 500 ألف جندي إضافي في صفوف الجيش الروسي منذ بدء الحرب في فبراير (شباط) 2022، وهجرة رأس المال البشري، وأغلبهم من الشباب والعمالة الماهرة إلى خارج البلاد. كل هذا يحدث في الوقت الذي تشهد فيه روسيا تغييرات ديموغرافية تؤدي إلى انكماش في قوة العمل؛ وفق المحلل الاقتصادي ديفيد لوبين.

ونتيجة لكل هذا، زاد الطلب على العمالة، مما أدى إلى ارتفاع لا يمكن احتماله في معدل نمو الأجور. ففي أغلب شهور العام الماضي، كان نمو الأجور يقترب من 20 في المائة، وهو معدل لم تشهده روسيا منذ 15 عاماً، مما يشكل تحدياً كبيراً أمام جهود البنك المركزي الروسي لخفض التضخم إلى 4 في المائة سنوياً.

التضخم وتراجع الصادرات

ولما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرى منذ وقت طويل أن التضخم في بلاده تهديد وجودي لشرعيته، فإنه منح إيلفيرا نابيولينا، محافظة البنك المركزي، حرية كبيرة لتشديد السياسة النقدية وكبح جماح التضخم.

في الوقت نفسه، فإن النمو الاقتصادي المفرط ليس مصدر التضخم الوحيد المثير لقلق نابيولينا؛ لأن ميزان المدفوعات الروسي أيضاً مصدر للقلق، بسبب تأثير الحرب على عائدات الصادرات الروسية من العملات الأجنبية.

وحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، تراجعت صادرات روسيا إلى الدول المتقدمة التي تدفع قيمة وارداتها بالعملات الصعبة، إلى نحو 10 في المائة من إجمالي صادراتها في أواخر 2024، مقابل أكثر من 50 في المائة في أوائل 2022. كما تراجعت قيمة الصادرات بالدولار من نحو 300 مليار دولار سنوياً في أوائل 2022 إلى أقل من 60 مليار دولار حالياً.

في الوقت نفسه، زادت بشدة تجارة روسيا مع الدول التي لا تدفع قيمة وارداتها بالعملات الحرة القابلة للتداول. وحتى وقف نشر هذه البيانات في أوائل العام الماضي، أعلن البنك المركزي الروسي أن نحو ثلث تجارة روسيا أصبح باليوان الصيني، وهو ما يعني أن كل تجارة روسيا مع الصين لا تحقق عائدات دولارية. الأمر نفسه ينطبق على صادرات روسيا إلى الهند التي تتم تسوية أغلب قيمتها بالروبية الهندية.

وأحدث انهيار تدفقات العملات القابلة للتحويل، والتضخم الناجم عن النمو المفرط للاقتصاد، دماراً كبيراً في سوق الصرف الأجنبي في روسيا. وانخفضت قيمة الروبل مقابل الدولار بأكثر من 20 في المائة العام الماضي.

وهذا التراجع في قيمة الروبل هو المحرك الأكبر لقرار نابيولينا برفع أسعار الفائدة إلى هذا المستوى المرتفع؛ حيث يتتبع سعر الفائدة المعدل وفقاً للتضخم في روسيا سعر صرف الروبل مقابل الدولار من كثب.

ويرى المحلل الاقتصادي ديفيد لوبين، أن أسعار الفائدة المرتفعة ستؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد الروسي، ربما بشكل حاد للغاية. وبالتالي يواجه بوتين معضلة حادة: فهو إما يدعم جهود البنك المركزي للحفاظ على التضخم منخفضاً مع خطر الركود الاقتصادي؛ وإما يبقي الاقتصاد على نموه مع السماح للتضخم بالارتفاع. وهذه المعضلة هي التي تمنح إدارة ترمب القادمة نفوذاً لدى موسكو. فمن خلال العمل على تقييد وصول روسيا إلى النقد الأجنبي، يمكن للولايات المتحدة فرض مزيد من الضغوط على الروبل وتشديد الخناق على بوتين.

أسطول الظل الروسي

ويقول لوبين، المهتم بالسياسات الاقتصادية، إن أحد الخيارات الواضحة لتشديد الضغط الاقتصادي على روسيا، هو زيادة العقوبات على ما يعرف بأسطول «الظل» لناقلات النفط الروسي الذي يساعد موسكو في تجنب السقف الذي حددته مجموعة الدول الصناعية السبع لسعر تصدير النفط الروسي. وحسب أحدث البيانات، فقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 39 ناقلة مرتبطة بالنفط الروسي مقابل 73 ناقلة فرضت عليها بريطانيا عقوبات.

ومع ذلك، فإن تعهد ترمب بزيادة إنتاج النفط الخام الأميركي يمكن أن يكون له تأثير ضار ملموس على روسيا، إذا حدثت هذه الزيادة بسرعة.

في الوقت نفسه، فإن سوق النفط العالمية تستعد لتراجع الأسعار خلال العام الحالي. وسيكون على موسكو أن تقلق إذا ما عمل ترمب بسرعة على خفض هذه الأسعار. وسيكون أحد المؤشرات مدى السرعة التي سترفع بها الولايات المتحدة إنتاجها بمقدار 3 ملايين برميل يومياً، كما يروج سكوت بيسنت، المرشح لوزارة الخزانة في الإدارة الأميركية الجديدة.

ويرى لوبين أن المشكلة ليست في قدرة ترمب على الضغط على بوتين، وإنما في مدى رغبته في القيام بذلك. فنظراً إلى أن الهدف الاستراتيجي الأكبر للرئيس الأميركي المنتخب هو فك الارتباط بين روسيا والصين لإضعاف الأخيرة -على غرار ما فعله الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون لفك الارتباط بين الصين والاتحاد السوفياتي في سنوات الحرب الباردة لإضعاف الأخيرة- فلن يكون من السهل على ترمب تشديد الضغط على موسكو، وبالتالي لن يستخدم هذه الورقة الرابحة في التعامل مع بوتين.