شعارات المظاهرات بين الهمّ المعيشي ونزع سلاح «حزب الله»

TT

شعارات المظاهرات بين الهمّ المعيشي ونزع سلاح «حزب الله»

توزعت مطالب الاحتجاجات في لبنان أمس على ثلاثة عناوين يتصدرها الهم المعيشي وأزمة ارتفاع الدولار الذي انعكس غلاءً في الأسعار، فيما نفذ لبنانيون تحركاً في مدينة جونية مطالبين بتطبيق القرار الدولي 1559 الداعي لنزع سلاح «حزب الله»، في وقت بقيت الاحتجاجات في طرابلس على وتيرتها، وتصاعدت إثر محاولة توقيف أحد الناشطين.
وتراجع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء إلى حدود 4200 ليرة للدولار الواحد، بعد التحرك السياسي لاحتواء الأزمة والوعود الرسمية بضخ الدولار في السوق عبر مصرف لبنان.
وقال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عبر «تويتر» إن «لجم تدهور سعر صرف الليرة لا يكون بخسارة مزيد من الدولارات من المصرف المركزي، والتي أغلب الظن ستذهب إلى سوريا». وقال إن «لجم سعر صرف الليرة له حلّ واحد فقط لا غير: الإصلاحات ثم الإصلاحات ثم الإصلاحات، بدءاً من المعابر غير الشرعيّة بين لبنان وسوريا وليس انتهاءً بملف الكهرباء الذي يُشكّل نزفاً يومياً وكبيراً للدولارات في لبنان».
وتواصلت الاحتجاجات أمس، ونفّذ عدد من المواطنين تحركاً في مدينة جونية في شمال بيروت للمطالبة بتطبيق القرار 1559 الداعي لنزع سلاح الميليشيات، رافعين شعار «لا لدويلة داخل الدولة، لا للسلاح غير الشرعي». وطالب المحتجون بـ«تطبيق القرارات الدولية 1559 و1701 و1680 التي هي وحدها قادرة على حل أزمتنا المالية والاقتصادية والسياسية»، وبـ«ترسيم الحدود مع سوريا ووقف نقل السلاح منها والتهريب إليها»، وبـ«أن تبسط الحكومة سلطتها على كل الأراضي اللبنانية».
ولفت أحد المشاركين في التحرك إلى أننا «على أبواب مجاعة»، داعياً الشعب اللبناني إلى «التضامن معنا لننقذ أنفسنا من هذا الجوع».
واندلعت مواجهات في طرابلس مع القوى الأمنية، حيث جابت مسيرات راجلة وعلى الدراجات النارية شوارع المدينة ليل الجمعة، وقام شبان يستقلون الدراجات بأعمال شغب واعتداء على الأملاك العامة والخاصة وألقى عدد منهم قنابل مولوتوف على مبنى بلدية طرابلس وعلى واجهات بعض المصارف، وواصل المحتجون تحركاتهم أمس، وقطعوا أوتوستراد البداوي الدولي أمام شاحنات نقل كبيرة محملة بالبضائع ومتجهة إلى سوريا، وحاولوا منعها من العبور، بعدما تجمعوا وسط الأوتوستراد لمنع عبور الشاحنات، معتبرين أن هذه البضائع يحتاج إليها اللبنانيون أكثر من أي بلد آخر. وتدخل الجيش لمنع المحتجين من الاعتداء على الشاحنات وتسهيل عبورها. ولاحقاً أُفيد بقطع ساحة النور في طرابلس اعتراضاً على اعتقال أحد المحتجين.
كانت عناصر الجيش قد فرقت ليل الجمعة في الساحة الرئيسية لطرابلس مئات المتظاهرين الذين هتفوا «ثورة، ثورة»، وهو ما أدى إلى اندلاع اشتباكات.
وألقى متظاهرون حجارة وقنابل مولوتوف على الجنود، وألحقوا أضراراً بواجهات عدد من المتاجر والمصارف. ورَدّ الجنود بإطلاق الغاز المسيل للدموع.
وفي عكار، واصل المحتجون قطع طرقها الرئيسية، لليوم الخامس على التوالي، احتجاجاً على سوء الأحوال المعيشية ورفضاً لمنطق «المحاصصة في السلطة»، مطالبين بـ«قضاء مستقل وانتخابات نيابية مبكرة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».