بري والحريري يتصديان لتوجّه هدفه إقالة حاكم مصرف لبنان

TT

بري والحريري يتصديان لتوجّه هدفه إقالة حاكم مصرف لبنان

ضخت السلطات اللبنانية جرعة تطمين سياسية لتهدئة الارتفاع المفاجئ لسعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية المحلية، عبر التأكيد بأن لا إقالة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على خلفية تسريبات سرت منذ ليل الخميس، تفيد بأن هناك توجهاً لذلك، عززتها وزيرة العدل ماري كلود نجم التي تمثل فريق رئيس الجمهورية ميشال عون، بمهاجمة سلامة في جلسة مجلس الوزراء أمس، وتحميله مسؤولية الوضع الراهن.
وبُعيد لقاء بين مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم مع سلامة في القصر الحكومي قبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء، جاء التصدي لتوجه البعض نحو تحميل سلامة المسؤولية، من خلال تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري: «إننا بحاجة الآن لكل الناس وليس للاستغناء عن الناس»، بينما بعث رئيس الحكومة السابق سعد الحريري رسالة مماثلة عبر «تويتر» قائلاً: «التهويل بإقالة رياض سلامة جنون اقتصادي وسياسي ودستوري، سيذبح الاقتصاد اللبناني من الوريد إلى الوريد. يبحثون عن مخرج لإنقاذ أنفسهم من شر قراراتهم وأفعالهم، وليس عن حل لإنقاذ الاقتصاد ووقف تدهور الليرة».
وتابع الحريري: «عهد وحكومة عهد يقودان اللبنانيين إلى المجهول بتحويل الاقتصاد رهينة تصفية الحسابات السياسية. ذهنية كيدية وانتقام تبحث عن كبش محرقة لامتصاص غضب الناس المحق، وصرخات الجوع من كل المناطق».
وأثمرت المواقف الحاسمة أن لا قرار لإقالة سلامة، ارتباطاً بعدة عوامل، أبرزها موقف بري الذي رأت فيه مصادر سياسية أنه «صمام أمان لسلامة»، بالنظر إلى أنه «لا أسباب موجبة لإقالته، فضلاً عن أن الذهاب إلى خطوة مشابهة من شأنه أن يرفع شبكة الأمان عن سعر الليرة مقابل الدولار».
وقالت المصادر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أي فراغ في موقع سلامة وعلاقاته ودوره، سينعكس على سعر الصرف لليرة»، لافتة إلى أن شبكة الأمان حول سلامة «وضعها أيضاً البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي زار قصر بعبدا واجتمع مع عون، واعتبر سلامة خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه»، وهو غطاء للموقع ولحاكم مصرف لبنان من أعلى سلطة كنسية، علماً بأن الموقع يشغله عُرفاً شخص ينتمي إلى الطائفة المارونية.
وتحذر المصادر من أن إقالة سلامة «ستكون لها انعكاسات سلبية على مخاطبة صندوق النقد الدولي الذي يطلب لبنان مساعدته للخروج من الأزمة»، كما ستُضاف إلى الأزمة التي ظهرت ملامحها أول من أمس عبر السفيرة الأميركية لدى لبنان التي عكست عدم رضا أميركي عن بعض التعيينات المالية. وقالت المصادر: «بعد هذه الأزمة إزاء التعيينات التي لا ترضي المجتمع الدولي، لا يمكن تعميق الأزمة بافتتاح اشتباك مع المجتمع الدولي بإقالة سلامة». وعليه، رأت المصادر أن الحديث عن إقالته «لا يتخطى عملية (حرتقة) عليه، لا مفاعيل لها».
واستكملت وزيرة العدل ماري كلود نجم في جلسة مجلس الوزراء الجو المحتقن ضد سلامة؛ حيث حمَّلته مسؤولية تفاقم الأزمة. وتوجهت إليه بالقول: «أنت مسؤول؛ لأنك مؤتمن على سلامة النقد والحكومات المتعاقبة. والمصارف يتحملون أيضاً المسؤولية عما وصلنا إليه». وقالت لسلامة: «من يحمل 4000 دولار على دراجة نارية بالضاحية ليس هو سبب الأزمة. احتجاجات 17 تشرين ليست سبب الأزمة. هذه نتائج الأزمة. والأزمة نتيجة سياسات مالية خاطئة؛ لا بل مجرمة، أدت إلى هدر المال العام وتعميم الفساد بالدولة. الأزمة نتيجة هندسات مالية جرت لتغطية خسائر المصارف التي قامت باستثمارات فاشلة خارج لبنان».
وأضافت نجم: «أنت مسؤول عن سلامة النقد الوطني، ومن الضروري أن تجد الحل. منذ أشهر تصدرون تقارير تطمئن لسلامة الليرة، وإذا بالدولار يقفز دون رقيب أو رادع». وتابعت بالقول: أنت كنت قادراً يا سعادة الحاكم على لجم الوضع، وما تقترحه الآن عن استعدادك لضبط سعر الدولار تحت 4000 ليرة، لماذا لم تفعله قبلاً؟ كيف تريدنا أن نصدق؟ وكيف تريد أن يثق الناس بك؟»



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).