مظاهرات وقطع طرقات في مختلف المناطق اللبنانية

TT

مظاهرات وقطع طرقات في مختلف المناطق اللبنانية

أعادت المظاهرات في مختلف المناطق أمس، إلى الذاكرة مشهد 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لجهة استئناف قطع الطرقات، وخروج المحتجين إلى الشوارع في مختلف المناطق، ومن بينها المناطق التي يتمتع فيها «الثنائي الشيعي» بنفوذ.
وبعد ليلة زاخرة بالاحتجاجات والتصعيد في مختلف المناطق، تواصل مسلسل قطع الطرقات في غير منطقة لبنانية. وتدخل الجيش اللبناني لفتح عدد من الطرقات، من بينها الطريق الساحلية في جنوب بيروت وإزالة الأتربة عنها، فيما بقيت الطرقات في الشمال والبقاع مقفلة. وأعاد الجيش والقوى الأمنية فتح أوتوستراد المتن الساحلي عند النقطة المركزية في جل الديب، بعدما أقفل بالاتجاهين بالإطارات المشتعلة. وكان المحتجون نصبوا الخيم وباتوا فيها ليلاً، مؤكدين أنهم لن يغادروا الساحة قبل تحقيق مطالبهم.
وأفادت قوى الأمن الداخلي عن قطع الطرقات في عدد من مناطق الشمال بينها المحمرة والعبدة وساحة النور في طرابلس والبداوي والقبة ومشتل حسن وطريق عام البيرة. كما قام عدد من المحتجين بقطع طريق عام وادي خالد بالإطارات المشتعلة، احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار وتردي الوضعين الاقتصادي والمعيشي، وعدم قدرتهم على شراء المواد الغذائية الضرورية بسبب الغلاء الفاحش.
وساد الهدوء شوارع مدينة طرابلس بعدما شهدت ليل أول من أمس، مواجهات بين الجيش ‏ومحتجين إثر أعمال شغب وتكسير، احتجاجاً على الأوضاع المعيشية وطالت أعمال الفوضى عدداً من المصارف والمحلات التجارية في المدينة.‏
‏في المقابل، بدت الحركة خجولة صباحاً لا سيما بعد دعوات من جمعية «تجار طرابلس» إلى ‏الإضراب احتجاجاً على عدم استقرار سعر صرف الليرة.‏ وقطع عدد من الشبّان الطريق عند ساحة النور في طرابلس، مؤكدين «الاستمرار في التصعيد»، وتتزايد الأعداد مع وصول آخرين على دراجات نارية.
وفي الجنوب، نظم عدد من المحتجين مظاهرة أمام ساحة العلم في صور وسط تدابير أمنية مشددة. وانطلقوا بمسيرة في شوارع المدينة رافعين الأعلام اللبنانية وشعارات ضد النظام الحاكم. كما قام عدد من المحتجين بقطع أوتوستراد صيدا - صور بالإطارات المشتعلة.
وفي صيدا، فتح الجيش فجراً الطرق التي أقفلها محتجون ليلاً فيما بقيت ساحة تقاطع إيليا مقفلة، حيث بات عدد من المحتجين ليلتهم فيها بعدما نصبوا الخيم وسط الطريق. وشهدت مدينة النبطية ودوار كفررمان بعد منتصف الليل تحركات احتجاجية على الوضع الاقتصادي لمجموعات شبابية متنقلة، تم خلالها إقفال الدوار ومدخل المدينة الشمالي عند تمثال الصباح.
وتجمّعت مجموعات أخرى قرب فرع مصرف لبنان في النبطية ورمت الحجارة على مدخله. كما هاجم المحتجون فروع عدد من المصارف في النبطية ورشقوا واجهاتها بالحجارة وقطع الحديد وحطموا زجاج معظمها، بالإضافة إلى عدد من ماكينات الصراف الآلي. واقتحم بعضهم فرع أحد المصارف في شارع الصباح محطمين بعض المكاتب داخله وأجهزة الكومبيوتر.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».