تحرير «سوقي» للعملة اللبنانية تحت سقف 4 آلاف ليرة للدولار

مصرفي لـ«الشرق الأوسط» : تعويم النقد متعذّر من دون مظلة استعادة الثقة

أحد محال الصرافة في ظل معالجات مستمرة لأزمة الصرف في لبنان (رويترز)
أحد محال الصرافة في ظل معالجات مستمرة لأزمة الصرف في لبنان (رويترز)
TT

تحرير «سوقي» للعملة اللبنانية تحت سقف 4 آلاف ليرة للدولار

أحد محال الصرافة في ظل معالجات مستمرة لأزمة الصرف في لبنان (رويترز)
أحد محال الصرافة في ظل معالجات مستمرة لأزمة الصرف في لبنان (رويترز)

تقدم لبنان خطوة إضافية على طريق التحرير «السوقي» لسعر صرف العملة الوطنية بحدود 4 آلاف ليرة للدولار الواحد، مع تأخير سريانه «مؤقتا» على السعر الرسمي. وذلك عبر زيادة تسعير البنك المركزي لبدل التحويلات الخارجية الواردة من خلال شركات الأموال غير المصرفية من 3200 قبل شهر إلى 3840 ليرة. وهو ما سيجبر المصارف لاحقا بتعديل متقارب التسعير لسحوبات الزبائن بالليرة من ودائعهم المحررة بالدولار والمعتمد حاليا عند مستوى 3000 ليرة.
ويمثل خيار التحرير المنظم، بحسب مصرفيين وخبراء، ملاذا فريدا للخروج الآمن من النفق النقدي المظلم وتداعياته المحققة والمرتقبة اقتصاديا ومعيشيا، وفي طليعتها «إذابة» الطبقة المتوسطة وسقوط نحو 60 في المائة من المواطنين تحت خط الفقر والارتفاع الصاروخي لمؤشر البطالة إلى نحو 45 في المائة وتخطي مؤشر التضخم نسبة 100 في المائة. بالإضافة إلى تقويض النظام المالي والتحول الخطر إلى الاقتصاد النقدي ووضع الجهاز المصرفي تحت ضغوط متكاثرة تقود أغلب مؤسساته إلى التعثر المحتوم.
ويؤكد نجيب سمعان مدير عام «فرست ناشونال بنك» لـ«الشرق الأوسط»، أن توقيت تحرير سعر الصرف وإدارته يوازي أهمية القرار بذاته. ولذا «يتعذر حسم هذه المسألة الشائكة في ظل الفوضى السارية، لأن أي تعديل للسعر الرسمي حاليا ستصنفه «الأسواق» عجزا للسلطة النقدية تحت وطأة الأزمة، وسيرتد بشكل عكسي على غايته الهادفة إلى استعادة انتظام المبادلات تحت سيطرة البنك المركزي وضبط مفاعيله الفورية على الاقتصاد والمداخيل والمالية العامة وميزانيات القطاع المالي».
وبينما يخوض الفريق اللبناني مفاوضات صعبة مع صندوق النقد الدولي وتطلع الحكومة إلى موافقته على برنامج تمويل مالي يصل إلى 10 مليارات دولار لقاء برنامج إصلاحات شامل، يعتبر سمعان «أن الهبوط الآمن يستلزم إعادة بناء الثقة في الأسواق الداخلية والخارجية والتي تقلصت بشدة نتيجة متوالية التدهور التي أصابت القطاع المالي والنقدي وتفشت سريعا لتطول ركائز الاقتصاد الوطني ومجمل الأوضاع الاجتماعية والمعيشية الأوضاع المتدهورة. فضلا عن تداعيات «امتناع» الدولة رسميا عن دفع مستحقات الديون المحلية والخارجية».
ويشدد على «أن الاتفاق المأمول مع الصندوق، وبمعزل عن مقدار التمويل الذي سيقرره، يمنح لبنان قوة ثقة إضافية إذا ما شرعت الدولة في تنفيذ إصلاحات بنيوية ملحة تتعلق بإدارة الموازنة والدين العام وحل معضلة الكهرباء وإعادة هيكلة القطاع الوظيفي العام. وبذلك تتهيأ المناخات الملائمة لتقدير كلفة التعويم المنظم لسعر الصرف على الاقتصاد واستيعابه عبر حزمة إجراءات لتخفيف الأضرار التي ستلحق بالمداخيل المتدنية والمتوسطة. علما بأن أي قرار بهذه الأهمية منوط بحاكمية البنك المركزي، إنما يجب أن يحظى بأوسع تغطية داخلية ممكنة».
وجاء التدبير «الوقائي» الذي اتخذه مصرف لبنان، عقب تجدد غاضب للتحركات الشعبية ووسط تفاقم الفوضى في السوق السوداء وسيطرتها على المبادلات بتسعيرات شبه افتراضية لامست سقف 7 آلاف ليرة لكل دولار، وترقبا لصدور تدابير جديدة عن الحكومة والسلطة النقدية. وهذا ما خفف تلقائيا من حماوة المضاربات وحصول تداولات محدودة دون سقف 5000 ليرة للدولار.
وفي تعميم مواز، طلب حاكم البنك المركزي رياض سلامة من كل شركات الصيرفة من الفئة «أ» التقدّم بطلبات حصولها على الدولار نقداً من شركات تحويل الأموال أو مباشرة من المركز الرئيسي لمصرف لبنان، وذلك وفقاً للأسعار التي تحدّدها نقابة الصرافين يومياً (3940 – 3910 حاليا). كما يطلب من شركات الصيرفة إرسال جدول يومي بأسماء المستفيدين والمبالغ والتعليل، على أن يتم مراجعة هذا الجدول من قبل لجنة في مصرف لبنان.



«الجامعة العربية» تطلق «السوق المشتركة للكهرباء» لتعزيز الإمدادات وخفض التكاليف

جانب من اجتماع المجلس الوزاري العربي للكهرباء في القاهرة (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع المجلس الوزاري العربي للكهرباء في القاهرة (الجامعة العربية)
TT

«الجامعة العربية» تطلق «السوق المشتركة للكهرباء» لتعزيز الإمدادات وخفض التكاليف

جانب من اجتماع المجلس الوزاري العربي للكهرباء في القاهرة (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع المجلس الوزاري العربي للكهرباء في القاهرة (الجامعة العربية)

بهدف تعزيز الإمدادات وخفض التكاليف، أطلقت جامعة الدول العربية، الاثنين، «السوق العربية المشتركة للكهرباء»، عبر اتفاقية وقعت عليها 11 دولة، بينها السعودية ومصر، خلال فعاليات الدورة الخامسة عشرة للمجلس الوزاري العربي للكهرباء، التي عقدت في العاصمة الإدارية الجديدة بمصر، على مدار يومين.

وعدت جامعة الدول العربية انطلاق «السوق العربية المشتركة للكهرباء»، بمثابة «حدث تاريخي يعكس عمق التعاون العربي في مجال الكهرباء». وقالت، في إفادة رسمية، إنها تمثل «خطوة استراتيجية نحو تحقيق التكامل العربي».

وأكد الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية بجامعة الدول العربية، السفير الدكتور علي بن إبراهيم المالكي، في كلمته، إن «إطلاق (السوق العربية المشتركة للكهرباء) يُعد نقلة نوعية في مسيرة العمل العربي المشترك»، مشيراً إلى أن هذه السوق «ستسهم في تعزيز استقرار الإمدادات الكهربائية، وخفض التكاليف، ودعم استثمارات الطاقة المتجددة، وتعزيز مكانة الدول العربية مصدرين رئيسيين للطاقة النظيفة عالمياً».

وأضاف أن توقيع الاتفاقية «يؤسس لبداية مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي العربي، بوصف السوق منصة لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول العربية».

وضمت الدول الموقعة على اتفاقية «السوق العربية المشتركة للكهرباء»، إلى جانب السعودية ومصر، كلاً من الإمارات والكويت وفلسطين وسوريا وقطر وليبيا والسودان واليمن والمغرب.

بدوره، أكد وزير الكهرباء المصري محمود عصمت أن «التوقيع على اتفاقيتي السوق العربية المشتركة، اللتين تشملان الاتفاقية العامة واتفاقية السوق العربية للكهرباء، يعد حدثاً تاريخياً، يجني ثمار مجهودات امتدت على مدار 20 عاماً، لتحقيق الهدف الأسمى وهو الربط الكهربائي العربي الشامل، باعتباره دافعاً للتنمية».

وشدد على «أهمية استكمال المنظومة الكهربائية الداخلية لكل دولة بوصف ذلك خطوة ضرورية لربطها مع الدول العربية كهربائياً». وقال: «هناك أهمية بالغة لاستكمال مشروعات الربط الكهربائي العربي بوصفها ركيزة أساسية لسوق عربية متكاملة للطاقة تدار وفقاً لأسس اقتصادية».

وأضاف عصمت أن «إطلاق المشروع التجريبي لتبادل الطاقة بين دول المشرق العربي، السعودية والأردن ومصر، سيكون النواة الأساسية لقيام السوق العربية المشتركة للكهرباء». وأوضح أن «السوق العربية المشتركة للكهرباء تعتمد على وجود إطار تشريعي وآخر مؤسسي يصحبهما بنية تحتية متكاملة، تأخذ في الاعتبار الجوانب الفنية لتحقيق تكامل السوق».

يذكر أن اتفاقية السوق العربية المشتركة تمت الموافقة عليها بقرار رقم 316 الصادر عن الدورة الاستثنائية للمجلس الوزاري العربي للكهرباء العام الماضي، وأقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي في دورته 113، التي عُقدت في فبراير (شباط) الماضي، واعتمدها مجلس وزراء الخارجية العرب في سبتمبر (أيلول) الماضي، خلال فعاليات دورته العادية رقم 162.

وعقد المجلس الوزاري العربي للكهرباء، بحضور وزراء الكهرباء والطاقة من الأردن، والبحرين، وتونس، وسوريا، وفلسطين، ولبنان، ومصر. وشهد مناقشة «سبل دعم صناعة المعدات الكهربائية لإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء في الدول العربية»، إضافة إلى مناقشة ملف الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.

وكان وزير الكهرباء المصري قد أكد، السبت الماضي، «أهمية استكمال مشروعات الربط الكهربائي المشترك، لتفعيل السوق العربية المتكاملة»، مشيراً في هذا الصدد إلى «مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي الذي سيتم تشغيله مطلع الصيف المقبل».

ووقّعت مصر والسعودية عام 2012 اتفاق الربط الكهربائي، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، ومن المقرر أن يدخل خط الربط الكهربائي بين البلدين الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين، بحسب تصريحات سابقة لرئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي.