موسكو تريد «حواراً تفصيلياً» مع واشنطن حول الملف السوري

وزير الخارجية الإيراني في روسيا الثلاثاء المقبل

نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف (رويترز)
نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف (رويترز)
TT

موسكو تريد «حواراً تفصيلياً» مع واشنطن حول الملف السوري

نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف (رويترز)
نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف (رويترز)

بعد مرور يومين فقط، على إعلان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، استعداد بلاده لفتح حوار شامل مع الولايات المتحدة حول الملفات الخلافية بما في ذلك بشأن الوضع في سوريا، سارت موسكو وواشنطن خطوة إضافية نحو وضع مقدمات لاستئناف الحوار السياسي الكامل حول سوريا، من خلال محادثات هاتفية وُصفت بأنها «تفصيلية» أجراها نائب وزير الخارجية والمبعوث الروسي الخاص لشؤون الشرق الأوسط سيرغي فيرشينين، مع المبعوث الأميركي الخاص بشؤون سوريا جيمس جيفري.
وأفادت الخارجية الروسية في بيان أن فيرشينين وجيفري بحثا «بشكل مفصل مسائل دفع عملية التسوية السياسية للأزمة السورية بالاستناد إلى قرار مجلس الأمن الدولي 2254 والذي ينص على الالتزام باحترام سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة أراضيها».
كما ناقش الجانبان، وفقاً للبيان، «الأوضاع على الأرض» في سوريا، بما في ذلك «مهمات ضمان إرساء الاستقرار في إدلب ومنطقة شرق الفرات وجنوب البلاد».
ويعد هذا أول اتصال على مستوى المبعوثين المكلفين بمتابعة الملف السوري، منذ فترة طويلة. وكانت القنوات الدبلوماسية للتنسيق حول سوريا، قد تقلصت إلى أدنى مستوى، في حين حافظ البلدان على قناة الاتصال العسكرية لمنع وقوع حوادث أو احتكاكات خلال التحركات العسكرية للطرفين على الأراضي السورية أو في الأجواء.
وشكّل النجاح في الحفاظ على «قناة التنسيق العسكري» المدخل الأساسي لحديث ريابكوف عن استعداد موسكو لتوسيع الحوار مع الولايات المتحدة حول الأزمة السورية، وقال إن «التجربة السورية يمكن أن تشكل نموذجاً ناجحاً للتنسيق العسكري والدبلوماسي في مناطق أخرى تشهد نزاعات».
اللافت أن تدشين الحوار الروسي الأميركي حول سوريا بهذه الطريقة أعقب سلسلة تطورات كان أبرزها تعيين السفير الروسي في دمشق مبعوثاً رئاسياً خاصاً، ما أوحى بإطلاق موسكو مرحلة جديدة في التعامل مع الأوضاع داخل سوريا وفي محيطها.
أيضاً، نشطت موسكو تحركاتها الدبلوماسية خلال الأيام الأخيرة، من خلال الاتصالات الهاتفية التي أجراها الرئيس فلاديمير بوتين، مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، ومع عدد من قادة البلدان الأوروبية، بالإضافة إلى اتصال هاتفي مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني. وفي كل الاتصالات أشار الكرملين إلى أن الملف السوري كان له حضور بارز في المحادثات التي أجراها بوتين.
إلى ذلك، أعلنت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن الوزير لافروف سوف يجري محادثات مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، في موسكو التي يزورها الأخير الثلاثاء المقبل.
وقالت زاخاروفا في إيجاز إعلامي أسبوعي، إن العمل «يجري على إعداد زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى روسيا في السادس عشر من شهر يونيو (حزيران). ومن المقرر عقد مباحثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف».
وكان لافروف قد أجرى عدة اتصالات هاتفية خلال الأسابيع الأخيرة، مع ظريف ومع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو. وبحث وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا، في اجتماع ثلاثي في أبريل (نيسان) الماضي، الوضع في سوريا وأكدوا عزمهم دفع العمل الثلاثي في إطار «مسار آستانة». وغدت تلك المحادثات التي جرت عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، اللقاء السابع على المستوى الوزاري للبلدان الضامنة وقف النار في سوريا في إطار «مسار آستانة».



قانون «الاقتراع المباشر» وانتخابات غوبالاند يشعلان التوتر في الصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

قانون «الاقتراع المباشر» وانتخابات غوبالاند يشعلان التوتر في الصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)

تحذيرات رسمية من إقليم بونتلاند الصومالي بشأن اقتراب البلاد من «حرب أهلية» مع تصاعد الخلافات بين الحكومة الفيدرالية والولايات بسبب رفض متبادل لقانون الاقتراع المباشر وانتخابات ولاية غوبالاند الجنوبية.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرون أن تمسك الحكومة الفيدرالية الصومالية بقانون الاقتراع المباشر المرفوض من ولايتي غوبالاند وبونتلاند، وما تلاه من تطورات «سيعمق الخلافات ويشعل التوتر أكثر وينذر في الأفق باحتمال حدوث حرب أهلية في البلاد المثقلة بمواجهة حركة الشباب الإرهابية»، غير مستبعدين إبرام حلول حال تدخل أصدقاء الصومال لإيجاد صيغة تعاون بشأن الحكم والانتخابات.

عناصر من الجيش الصومالي خلال عملية عسكرية في محافظتي شبيلي الوسطى وغلغدود (وكالة الأنباء الصومالية)

وأعرب إلياس عثمان لوغاتور، نائب رئيس ولاية بونتلاند، الثلاثاء، عن دهشته لما وصفه «بمعاداة الحكومة الصومالية لغوبالاند لكونها عقدت الانتخابات الخاصة بها ورفضت التمديد للإدارات الإقليمية»، مشيراً إلى أن «الحكومة الفيدرالية الصومالية تخرق قوانين البلاد وتعرضها لخطر الحرب الأهلية»، وفق ما نقله إعلام صومالي محلي.

ولاية غوبالاند التي تُعد «سلة غذاء» الصومال، وعاصمتها «كسمايو»، الميناء الاستراتيجي، أعادت في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، انتخاب أحمد مدوبي الذي يرأس الإقليم منذ إنشائه عام 2013، ويُعد الأطول بقاءً في كرسي الرئاسة بالمقارنة مع نظرائه في الولايات الإقليمية.

لكن هذا الاقتراع كان محل طعن في شرعيته من الحكومة الصومالية، من قبل أن يبدأ، وفق إعلان رئيس الوزراء حمزة عبده بري، في نوفمبر الماضي، مخالفته قانون الانتخابات الصادر لتنفيذه على كل عموم البلاد.

وتلا انتخاب مدوبي إعلان إقليم غوبالاند تعليق العلاقات والتعاون مع مقديشو، وإصدار محكمة «كسمايو» مذكرة اعتقال بحق الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، متهمة إياه بـ«إشعال حرب أهلية وتقويض الوحدة الوطنية»، وذلك غداة إصدار محكمة بنادر الإقليمية التابعة لمقديشو، مذكرة اعتقال بحق مدوبي، متهمة إياه بـ«انتهاك الدستور الصومالي».

وقبل انتخابات غوبالاند بيومين، صادق مجلسا البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية المَعني بإجراء انتخابات بنظام «الصوت الواحد» في البلاد، وهو القانون الذي يرفضه مدوبي، وآخرون من أبرزهم الرئيس الصومالي الأسبق، شريف شيخ أحمد، الذي صرّح قبل نحو أسبوع بأنه «لا يمكن إجراء انتخابات صوت واحد لشخص واحد، لا تشارك فيها ولايتا بونتلاند وغوبالاند والسياسيون المعارضون، مع عدم وجود أجواء أمنية تسمح بإجراء الانتخابات المذكورة حتى في العاصمة الصومالية».

وفي ضوء التطورات المستمرة بين حكومة الصومال وإقليم غوبالاند، وتحذير بونتلاند، يعتقد خبير الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، أن العلاقة «وصلت لمرحلة اللاعودة»، مؤكداً أن تشريع الانتخابات وضع البلاد والأقاليم في «تحدٍّ حقيقي وسيكون عقبة كبيرة نحو مسار سياسي موحد».

ووفق تقدير تورشين، «ستتعمق تلك الخلافات أكثر ويزداد التوتر وقد يدفع أقاليم أخرى لحذو خطى غوبالاند وبونتلاند في رفض التشريع مع تزايد مخاوف الانزلاق في حرب أهلية»، لافتاً إلى أن «بعض الأطراف قد تعزز حدوث تلك الحرب لتعظيم مكسبها في ظل توتر علاقاتها مع الصومال».

وكان مدوبي انسحب من اجتماعات «المجلس الاستشاري الوطني» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي التي ترعاها الحكومة الفيدرالية، ورفض نتائجها التي أقرت العودة لإجراء انتخابات مباشرة موحدة، في سبتمبر (أيلول) 2025، وهو نظام شهدته البلاد وكانت آخر انتخابات مباشرة عام 1968، تلتها انقلابات وحروب أهلية ليبدأ الصومال العمل بنظام الانتخابات غير المباشرة في عام 2000، والتي تعتمد بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس.

وفي ظل ذلك الرفض، يرى المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن قانون الاقتراع المباشر وانتخابات غوبالاند قد يستمران في «إشعال التوتر في الصومال» بسبب عدة عوامل أولها أن الحكومة الفيدرالية في مقديشو وولايات مثل غوبالاند وبونتلاند لديها رؤى مختلفة حول كيفية إدارة الانتخابات وهذا الاختلاف يمكن أن يؤدي إلى تصعيد التوترات، وثانيها أن استمرار رفض الاقتراع المباشر سيعكس انقساماً عميقاً حول شرعية الحكومة الفيدرالية، «مما يزيد من الاستقطاب».

وباعتقاد بري فإن تصريحات لوغاتور تشير إلى مخاوف حقيقية من أن الأوضاع قد «تتجه نحو صراع أكبر»، متوقعاً أنه «إذا استمرت الأوضاع الحالية دون حل، فستكون هناك تحركات عسكرية محتملة ويمكن أن تتصاعد التوترات إلى مواجهات عسكرية بين القوات الحكومية وقوات الولايات، فضلاً عن حدوث تدخلات خارجية، وقد تؤدي التوترات بين الصومال وإثيوبيا إلى تدخلات تؤجج الصراع».

وتوترت علاقة مقديشو مع أديس أبابا وإقليم أرض الصومال الانفصالي منذ بداية العام، مع عقد إثيوبيا اتفاقاً مبدئياً مع الإقليم، تحصل بموجبه على مَنفذ بحري يتضمّن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة.

ورفضت مقديشو تلك الخطوة وعدّتها مساساً بالسيادة، وأدى الاتفاق إلى توتر في منطقة القرن الأفريقي، وتلا إصرار إثيوبيا على موقفها توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب) الماضي، وإعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في نوفمبر الحالي، استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام، المقررة بدءاً من 2025 حتى 2029؛ بسبب «انتهاكها الصارخ لسيادة الصومال واستقلاله».

وفي ظل هذا التصعيد، لا يرى تورشين «فرصة لإنهاء خطر حدوث حرب أهلية، إلا بتحرك أصدقاء الصومال في هذه المرحلة لإيجاد صيغة للتعاون بين الحكومة المركزية والأقاليم للتوافق وإدارة المشهد السياسي والحكم».

ويمكن أيضاً بخلاف تحرك أصدقاء الصومال أن يتجنب الصومال الحرب الأهلية والتدخلات الإثيوبية من «خلال حدوث حوار شامل بين الحكومة الفيدرالية والولايات لتجنب الانزلاق نحو الصراع، ويمكن أن يشمل هذا الحوار جميع الأطراف المعنية، مع دعم من المجتمع الدولي للأطراف الصومالية لتسهيل الحوار والوساطة»، وفق المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري.

ويضيف بري لتلك الحلول أيضاً: «الاستثمار في بناء مؤسسات قوية وموثوقة يمكن أن يساعد في تحقيق الاستقرار ومنع النزاعات ومعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية، التي تؤدي إلى الاستياء، يمكن أن تسهم في الاستقرار».

ورغم تفاؤل بري، في إمكانية أن يجد خلاف غوبالاند والحكومة الصومالية مسار حل فإنه يرى أن «الوضع بات معقداً في ظل التطورات والتلويح بخطر الحرب الأهلية ويتطلب جهوداً متضافرة من جميع الأطراف المعنية لتحقيق السلام والاستقرار في الصومال».