الحكومة العراقية تواجه «عاصفة انتقادات»

رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي (رويترز)
رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي (رويترز)
TT

الحكومة العراقية تواجه «عاصفة انتقادات»

رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي (رويترز)
رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي (رويترز)

تواجه حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عاصفة انتقادات شديدة على المستويين الشعبي والرسمي بعد خمسة أسابيع فقط على نيلها ثقة البرلمانـ على خلفية قيامها بفرض نسب استقطاع مالية على مرتبات المتقاعدين والموظفين، في إطار مساعيها لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعانيها، نتيجة انخفاض أسعار النفط التي تشكل عوائدها الدخل للرئيس للموازنة العامة في البلاد.
ورغم أن الاستقطاعات المالية تطال شرائح واسعة من الموظفين والمستفيدين من التمويل الحكومي مثل السجناء السياسيين ومحتجزي «معسكر رفحاء» قبل 2003. إلا أن استهداف شريحة المتقاعدين أولاً، مثّل صدمة لغالبية المواطنين باعتبار أنهم شريحة خدمت البلاد لعقود وتحصل على مرتباتها نتيجة مبالغ سابقة كانت قد استوفت من هذه الشريحة أثناء سنوات خدمتها في مؤسسات الدولة، وأيضا باعتبار أن القانون العراقي لا يجيز فرض خصومات أو ضرائب على مرتبات المتقاعدين.
وحيال حالة عدم الرضا العامة عن قرار الحكومة، سارع البرلمان العراقي (أول من أمس، الأربعاء) إلى التصويت على قرار رفض فيه «الاستقطاع من رواتب الموظفين كافة أو المتقاعدين بأي شكل من الأشكال ورفض أي ضرائب تفرض عليه ما لم ينص عليها بقانون مشرّع».
ورغم أن بعض الحقوقيين يرون عدم جدية قرار البرلمان وأنه لا يستند إلى أرضية قانونية صلبة، إلا أن آخرين يرجحون تراجع الحكومة عن قرارها أو تعديله في أحسن الحالات، أما في حال استمرت في قضية الاستقطاعات فستواجه معارضة جديدة من غالبية العاملين في القطاع العام وقد بدأت ملامح ذلك بالفعل، حيث صدرت، أمس، عن مجموعة من أساتذة الجامعات دعوات للإضراب العام في حال طالت نسب الاستقطاع التي تتراوح بين (10 و15) في المائة من مرتباتهم.
وفي معرض دفاعها عن قرارها الأخير، أصدرت الحكومة العراقية، أمس، مجموعة إيضاحات حول مشكلة الاستقطاعات، قالت فيها إن «1.786.771 متقاعدا تسلموا (اليوم الأربعاء) رواتبهم كاملة بدون أي استقطاعات لأنها غير مشمولة بقرار مجلس الوزراء الأخير الذي استثنى من يستلم راتبا أقل من 500 ألف دينار شهريا من أي استقطاعات». وتقول الحكومة إن عدد المستلمين لمرتباتهم بشكل كامل يمثل ما نسبته 73.55 في المائة من عموم المتقاعدين.
وذكر بيان الحكومة أنها «اعتمدت مبدأ العدالة كأسس لبرنامجها الإصلاحي وحماية ذوي الدخل المحدود والمنخفض وعدم شمولهم بأي استقطاعات». وأشار إلى أن «30.975 شخصا لم يستلموا رواتب محتجزي رفحاء، وتم الطلب منهم مراجعة مؤسسة السجناء السياسيين وإثبات أنهم يقيمون في العراق، ولم يستلم 13.210 من المعتقلين السياسيين راتبهم التقاعدي لأنهم يستلمون رواتب ثانية كموظفين في الدولة العراقية».
وشدد البيان على أن «الإصلاحات المالية في حزمتها الأولى تشمل، رواتب كبار موظفي الدولة وازدواج الرواتب والموظفين الوهميين والرواتب التقاعدية لمحتجزي رفحاء ورواتب موظفي الكيانات المنحلة للنظام السابق» (نظام صدام حسين).
بدوره، قال مقرر اللجنة المالية في البرلمان أحمد الصفار، أمس، إن البرلمان «أصدر قراراً بعدم استقطاع أي مبلغ من الرواتب عدا الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة وللنواب وكبار المسؤولين، ولا يجوز الاستقطاع من الموظفين والمتقاعدين والشرائح الموجودة في المجتمع، أي مبلغ وسيعاد ما تم استقطاعه من المتقاعدين إليهم». واستنكر ائتلاف «الوطنية» الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، (أمس الخميس)، ما سماه «القرار الحكومي المجحف الذي طال رواتب المتقاعدين».
وقال الائتلاف في بيان صحافي: إن «هذه الخطوة كشفت ضعف الحكومة وعجزها عن مواجهة الفاسدين، وتخليها عن وعودها بهذا الصدد». وشدد على «ضرورة أن تلتفت الحكومة - المؤقتة - إلى تعظيم موارد الدولة ودعم القطاع الخاص، فضلا عن مراقبة واردات الدولة ومحاربة الفساد والمفسدين». وأشار إلى أن «استمرار السخط الشعبي العارم الذي تسببت به، قد يعجل بسقوطها في أي لحظة».
وهدد النائب عن تحالف «الفتح» عدي شعلان أبو الجون، أمس (الخميس)، باستجواب الحكومة وإقالتها في حال إصرارها على الاستقطاع.
وقال أبو الجون في بيان: إن «على الحكومة إعادة النظر في خطوة الاستقطاع وإعادة الأموال المستقطعة إلى أصحابها وبالأخص آباءنا وإخوتنا من المتقاعدين والشهداء والسجناء والسياسيين والمحتجزين والموظفين».
وأضاف: «سيكون لنا مواقف وسنعمل بكل ما نملك من قوة لإعادة الحقوق وعدم المساس بقوت الشعب العراقي، سنستجوب الحكومة في حال إصرارها على الاستقطاع وقد تصل الأمور إلى حد الإقالة».
كذلك هدد «تحالف القوى»، الذي يرأسه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، برفع دعوى قضائية، عبر مجلس النواب، ضد الحكومة في حال عدم إلغاء استقطاع رواتب المتقاعدين.
وقال رئيس كتلة التحالف في البرلمان النائب رعد الدهلكي في بيان، إن «الإجراء الذي اتخذته الحكومة كان إجراءً غير قانوني، باعتبار أن استقطاع الرواتب كان غير مسنود قانونيا، أي أن مجلس النواب لم يصوت على ذلك الاستقطاع، والقانون لا يلغى إلا بقانون جديد».



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.