ما زالت الهوة متسعة بين الموقفين المصري والإثيوبي، خلال مفاوضات «سد النهضة»، التي تواصلت، أمس، لليوم الثالث، على مستوى وزراء الموارد المائية لمصر وإثيوبيا والسودان، وبحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا. وفيما أعلنت أديس أبابا، رغبتها في الحد من دور المراقبين، انتقدت مساعي القاهرة لـ«تدويل النزاع»، مؤكدة أن «ممارسة الضغط الدبلوماسي الخارجي ليست مؤشراً على الشفافية وحسن النية في المفاوضات».
وجاءت التصريحات الإثيوبية بعدما عبر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لنظيره المصري عبد الفتاح السيسي، في اتصال هاتفي مساء أول من أمس، عن «التزام بلاده بتسهيل الوصول إلى اتفاق عادل حول سد النهضة»، بحسب بيان البيت الأبيض نقلته (سي إن إن).
ودخلت الولايات المتحدة على خط النزاع، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد 9 سنوات من جمود المفاوضات، بهدف التوصل لاتفاق بين الدول الثلاث، على قواعد ملء وتشغيل السد، لكن العملية فشلت بعدما دفعت الولايات المتحدة في اتجاه توقيع اتفاق تعتبره مصر «عادلا ومتوازنا» ما أثار غضب إثيوبيا التي اتهمت الولايات المتحدة بأنها «لا تتصرف بشكل دبلوماسي».
ويوم الثلاثاء الماضي استأنفت الدول الثلاث محادثاتها عبر الفيديو كونفرانس، بحضور المراقبين الدوليين. غير أن الخلافات سيطرت على المحادثات، خاصة إزاء دور هؤلاء المراقبين، و«المرجعية الأساسية» للقضايا محل النقاش، فبينما طالبت مصر أن تكون مرجعية النقاش وثيقة 21 فبراير (شباط) 2020، التي أعدتها الولايات المتحدة والبنك الدولي، واتفقت فيها الأطراف كافة، على نحو 90 في المائة من القضايا، قبل انسحاب إثيوبيا من جلسة توقيع الاتفاق النهائي، قالت وزارة المياه والري والطاقة الإثيوبية، أمس، «يجب أن تكون وثيقة العمل الخاصة بالفرق القانونية والفنية للدول الثلاث خلال اجتماع 12 - 13 فبراير 2020 أساس التفاوض».
وشددت الوزارة الإثيوبي، في بيان، أمس على «اتفاقها على إعلان المبادي، الموقع عام 2015، وعدم تجاوز دور المراقبين، وهو مراقبة المفاوضات وتبادل الممارسات الجيدة عندما يتم تقديم طلب مشترك من قبل الدول الثلاث».
وتتهم إثيوبيا الولايات المتحدة بالانحياز لمصر، وأنها تسعى إلى فرض اتفاق عليها. وفي تصريح لوزير الري الإثيوبي سيليشي بيكيلي، نقلته (أ.ف.ب) أمس، قال إن الأطراف الأخرى يجب «ألا تذهب أبعد من مراقبة المفاوضات ومشاطرة الممارسات الحسنة حين تطلب بشكل مشترك من الدول الثلاث». وانتقد أيضا مبادرة مصر بتوجيه رسالة في مايو (أيار) إلى مجلس الأمن الدولي تفصل اعتراضاتها بالنسبة للسد. واعتبر ذلك محاولة تهدف إلى «ممارسة ضغط دبلوماسي». وفي البيان الإثيوبي اعتبرت الوزارة «محاولة اللجوء إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للمرة الثانية لممارسة الضغط الدبلوماسي الخارجي ليست مؤشرا على الشفافية وحسن النية في المفاوضات». وتجري الاجتماعات الافتراضية بشكل يومي باستثناء أيام الجمعة والأحد حتى اكتمال المفاوضات. ويشكّل سد النهضة الإثيوبي الكبير مصدراً للتوتر في حوض نهر النيل منذ أن أطلقت إثيوبيا المشروع في عام 2011. وتقول أديس أبابا إن السد مهم لاقتصادها، بينما تخشى القاهرة والخرطوم من أن يوثر على إمداداتهما من مياه النيل.
وتقول إثيوبيا إنها تمضي قدما في خطتها الرامية لبدء عملية ملء بحيرة السد في يوليو (تموز) المقبل. لكن مصر اعترضت على ذلك، خشية تراجع حصتها من مياه النيل على ضوء ضخامة المياه اللازمة لتعبئة البحيرة الصناعية التي تصل مساحتها إلى 246 كيلومترا مربعا وتتسع إلى أكثر من 74 مليار متر مكعب. وحددت القاهرة في بيان أول من أمس ما وصفته بـ«ثوابت الموقف المصري»، والتي تتضمن، مطالبة إثيوبيا بعدم اتخاذ «أي إجراء أحادي بالملء لحين نهاية التفاوض والتوصل لاتفاق»، وأن مرجعية النقاش هي «وثيقة 21 فبراير 2020»، وأن يكون دور المراقبين كـ«مسهلين». كما اشترطت أن تكون فترة المفاوضات من 9 - 13 يونيو (حزيران) الحالي، للتوصل إلى اتفاق كامل للملء والتشغيل.
مفاوضات «سد النهضة» بانتظار «انفراجة» بعد تعهد أميركي بالتوصل إلى اتفاق
مفاوضات «سد النهضة» بانتظار «انفراجة» بعد تعهد أميركي بالتوصل إلى اتفاق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة