«الجمهورية الثالثة» يطالب بتغيير نظام الحكم في تونس

دعا إلى حل البرلمان وتشكيل حكومة تصريف أعمال... ودستور جديد

TT

«الجمهورية الثالثة» يطالب بتغيير نظام الحكم في تونس

طالب «ائتلاف الجمهورية الثالثة»، المكون من عدة حركات اجتماعية تونسية غير منضوية تحت راية الأحزاب السياسية، بحل البرلمان، وتشكيل حكومة تصريف أعمال من الكفاءات غير المتحزبة من طرف رئيس الجمهورية قيس سعيد، إضافة إلى تشكيل لجنة من أساتذة القانون الدستوري من قبل رئيس الجمهورية، توكل لها مهمة صياغة دستور جديد، يضمن التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهو ما يعني بصيغة أخرى تغيير النظام السياسي في تونس برمته. كما دعا هذا الائتلاف إلى تعديل النظام الانتخابي الحالي بهدف تكريس التمثيلية الحقيقية للتونسيين، وفتح ملف التمويلات المشبوهة للأحزاب والجمعيات.
وقدم ممثلو هذا الائتلاف في مؤتمر صحافي، عقده أمس بالعاصمة التونسية، المزيد من التفاصيل حول الاعتصام المفتوح المزمع تنفيذه في 14 من يونيو (حزيران) الحالي أمام مقر البرلمان، وحول مطالبهم الاجتماعية المطروحة، ومن بينها إرساء حوار وطني لتشغيل العاطلين عن العمل، وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين ومحاربة الفقر.
وقال مروان بالوذنين، المنسق العام لـ«ائتلاف الجمهورية الثالثة»، وهو أيضا رئيس «جمعية حماة تونس»، إن الاعتصام المقرر بعد غد الأحد يهدف إلى «استرجاع الوطن، ورسم معالم تونس الجديدة ذات سيادة وطنية»، وتساءل إن كان مجلس النواب الحالي (البرلمان) «يخدم مصلحة تونس، أم أجندات خارجية، وإن كان الدستور الحالي قادرا على حل أزمة الحكم في تونس».
وأضاف بالوذنين موضحا أن تجمعهم «جاء لرسم تاريخ جديد يقطع مع الماضي، ومع الخيانة والفساد والاستبداد، والاستعمار الجديد، وذلك في إطار استرجاع دولة القانون، وبناء الجمهورية الثالثة».
وحول إمكانية اتهامهم بالفوضى والسعي إلى الخروج ضد الشرعية، وعدم الاعتراف بنتائج صناديق الاقتراع، أوضح بالوذنين أن المنتسبين لهذا الائتلاف مجموعة من المواطنين الأحرار غير المتحزبين، مبرزا أن الحركات التي تجمعت في إطار هذا الائتلاف هي حركة الجمهورية الثالثة، وحركة العزة والكرامة، وحركة باردو ضد الظلماء، وحركة حماة تونس، وهي كلها حركات اجتماعية لا تنتمي لأي حزب سياسي، على حد تعبيره.
على صعيد آخر، أسفرت التحقيقات الحكومية في ما بات يعرف بقضية «عقارات أليكانتي في إسبانيا»، التي تورط فيها 43 شخصا، ضمنهم رجال أعمال وشخصيات نافذة وأطر بنكية ومسؤولون في الدولة، في اقتناء عقارات وتنفيذ عمليات مالية وتجارية غير قانونية بالخارج، وارتكاب جرائم جمركية ومصرفية وغسل أموال.
وأحالت إدارة الأبحاث الجمركية طلباتها إلى النيابة العامة بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، وطالبت باعتقال عدة أشخاص، فيما تتواصل الأبحاث مع 11 شخصا مشتبها به. وبلغت القيمة الإجمالية للعقارات والبضائع والأصول المالية المحجوزة 25.7 مليون دينار تونسي (نحو 8.6 مليون دولار)، فيما بلغت قيمة الأداءات الجمركية التي لم تحصل عليها الدولة نحو 52.6 ألف دينار.
وترتب على هذه المخالفات حجز 26 شقة بمدينة أليكانتي الإسبانية، ومبالغ مالية في 30 حسابا بنكيا، ومساهمات في رأس مال شركات بالخارج بقيمة تعادل 11 مليون دينار، كما تم حجز ما يعادل 12 مليون دينار من العملة الأجنبية.
في السياق ذاته، ذكرت مصادر قضائية أن القطب القضائي المالي سيفتح تحقيقا ضد المتهمين الـ43 وكل من له علاقة بقضية الشقق الفاخرة في أليكانتي، وتهريب وغسل الأموال. وتم الاحتفاظ بخمسة رجال أعمال، وإدراج أسماء أطر بنكية ومسؤولين في الدولة، وتجار مهن حرة ومشاهير وأطباء، ضمن البحث القضائي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.