Edge of Extinction • إخراج: أندرو غيلبرت • بريطانيا (2020) • تقييم الناقد: (وسط)
واحد من الملامح المشتركة بين معظم، إن لم يكن كل، الأفلام التي تدور حول الحياة ما بعد الكارثة الكونية، هو تصوير المدن وقد خلت من سكّانها وتحوّلت إلى كمائن للتائهين. وتصوير الأرياف وقد تحوّلت إلى حقول موت حتمي لغياب القانون وغياب الأخلاقيات وتحوّل من بقي على قيد الحياة إلى سلاح بحد ذاته موجّه ضد كل المخاطر المحيطة به. في «حافة الانقراض» نتابع، في هذا الإطار، ما تابعناه في أفلام أخرى عديدة ما زال من بين أفضلها «الطريق» لجون هيلكوت وبطولة فيغو مورتنسن الذي يحاول حماية نفسه وابنه في عالم كل شيء فيه بمثابة خطر عليهما. «حافة الانقراض» تنويعة على هذا في كل فيلم. بطله شاب نجا صغيراً من كارثة اندلاع الحرب الكونية. نسمع صوت الراديو يخبرنا بأن أحدهم ألقى القنبلة النووية فوق تركيا. من هنا ننتقل إلى بطل الفيلم الذي بلا اسم (يقوم به لوك هوبسون) وقد بلغ السابعة عشر عاما من العمر. يعيش وحيداً في ركن من الغابة يخرج ليجمع الطعام من منازل مهجورة متحاشياً جماعة من آكلي لحوم البشر. ذات مرّة يلتقي بفتاة تؤكد له أنها ستموت جوعاً إذا لم يعد بها إلى عرينه ويطعمها. يتردد ثم يوافق وكان عليه ألا يوافق، فالفتاة هي فرد من عصابة صغيرة وحال هروبها تلتحق بالعصابة التي تقتحم على الشاب عزلته. هنا تبدأ مشاهد العنف المتفاوتة في درجة عنفها. هنا أيضاً يقرر المشاهد أن هذا الشاب مستعد لفعل كل الأخطاء لأجل أن تستمر الحكاية وتطول (نحو 144 دقيقة). فمن بعد أن سمح لنفسه بالكشف عن مخبئه، ها هو ينتقل بحثاً عن تلك العصابة ليقع في قبضة عصابة أخرى أكثر عنفاً. العالم الذي يشيده الفيلم واقعي ومقبول السمات. الإنتاج فقير لكن المخرج من البراعة بحيث كتب السيناريو وعاين مواقع التصوير بحسب الميزانية الممنوحة له. في هذا الشأن وذاك تكمن حسنات الفيلم الأساسية. في الخانات الأخرى أبرز عيوبه: تمثيل سيئ من الجميع رغم اجتهاد ملحوظ و- الأهم - خلو الفيلم من عمق في المدلولات كتلك التي حواها «ماد ماكس» أو «الطريق». ذلك لأنه إذا ما كان هدف المخرج إظهار مخاطر الحياة في زمن ما بعد دمار الأرض، فإن ذلك يأتي بلا جهد. المُشاهد لن يجهد في سبيل معرفة ما الذي يدور ولماذا. ما ليس متوفراً هنا هو دراسة التصرّفات ومنح الشخصية الرئيسية همّاً آخر لجانب سعيه للبقاء حياً. لذلك تأتي مشاهد العنف بدورها مثل صور سياحية لجذب المشاهد لمحاسن التقزز.
بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.
عد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك.
محمد رُضا (نيويورك)
«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليسhttps://aawsat.com/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7/5084058-%D9%85%D9%86%D8%AF%D9%88%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D9%84-%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%84%D8%AB%D9%85%D9%8A-%D9%8A%D9%81%D9%88%D8%B2-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D9%88%D8%B3-%D8%A3%D9%86%D8%AC%D9%84%D9%8A%D8%B3
في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات، خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» المقام في لوس أنجليس بمفاجأة رائعة ترفع من أهميّته غير المحسوبة في إعلامنا العربي ومنهج صنع الفيلم العربي عموماً.
يوم الخميس، أغلق المهرجان الآسيوي دورته الجديدة بإعلان فوز فيلم «مندوب الليل» بجائزته الكبرى. الفيلم هو أول أعمال المخرج السعودي علي الكلثمي، وعند الناقد كاتب هذه السطور، هو أفضل فيلم سعودي طويل خرج في الأشهر الاثني عشر الماضية.
حين رشّحته للمهرجان المذكور، اتصل بي رئيسه جورج شمشوم معبّراً عن دهشته: «أذهلتني جودة الفيلم حرفة وموضوعاً. كانت مفاجأة كبيرة لي بعدما سمعت عن كثيرٍ من الأفلام السعودية الجديدة، وكيف أنها باتت تُسهم في تغيير السائد والتقليدي. مع ذلك، فإن هذا الفيلم كان روعة».
لمن لم يسمع به من قبل أو سمِع به ولم يشاهده، «مندوب الليل» هو عن شاب (الجيد محمد الدوخي) يُطرد من عمله في شركة اتصالات هاتفية إثر مشادة بينه وبين مسؤوليه. والده مُعتل وشقيقته مطلّقة عادت لبيت أهلها مع طفلها. سيجد عملاً بصفته مندوب توصيل البيتزا. لكنه يكتشف طريقة أخرى للثراء وهي، سرقة مؤونة من الكحول المخبأة التي يبيعها أصحابها للأثرياء. بذلك يضع قدميه عند نقطة تحوّلٍ واعدة غير مدركٍ مغبّة ما قام به وكيف سيضع نفسه وأهله في خطر جسيم.
فوز ناصع
الفيلم ليس قصّة بوليسية، لكنه قصّة تشويقية، والتشويق فيه مُحكم. فيلم متقن كتابة وإخراجاً وتأليفاً وتصويراً وتمثيلاً ومصمم بدقة. مُعالج بدراية وفعّال في عرض التفاصيل بذكاء. وهو نتيجة رائعة لعملية لا بدّ استغرقت كثيراً من التّصميم المُسبق والتنفيذ.
لجانب هذا الفوز الناصع لا يجب أن ننسى أن العام الآيل إلى الرحيل خلال 40 يوماً من الآن، شهد اشتراك السينما السعودية في إحدى مسابقات مهرجان «كان» رسمياً لأول مرّة. الفيلم هو عملٌ جيّد آخر، لكن من وزن مختلف، عنوانه «نورة» ومخرجه هو الطموح توفيق الزايدي.
الاشتراك السعودي الرسمي في «مهرجان القاهرة» الذي يُنهي أعماله مساء الجمعة تَوزّع بين فيلمين هما، «ثقوب» لعبد المحسن الضبعان، و«فخر السويدي» لثلاثة مخرجين هم هشام فتحي وعبد الله بامجبور وأسامة صالح.
هذا الكم لا يوقف المد القادم: حديثٌ عن اشتراك سعودي مقبل في «مهرجان برلين» في فبراير (شباط) 2025، وتحضيرٌ مبكر لجعل الدورة المقبلة من «كان» مايو (أيار) تُنجز أكثر ممّا أنجزت الدورة الماضية من حضورٍ كمي ونوعي كبيرين.
كُتب وتكريمات
بالنسبة لـ«مهرجان القاهرة»، هناك محاورٌ عدّة للحكم له أو عليه. هو واحد من المهرجانات العربية التي تقع في الربع الأخير من كل عام. هذا يصلح كمسافة زمنية تمنح المهرجان فرصة عمل لجمع وتجميع أفلام من كل حدبٍ وصوب، لكنه توقيت يحرمه من أن يكون منصّة انطلاق لأي غاية. لا يخرج فيلم من هنا ليجوب العالم. حتى الفيلم الذي يربح جائزة كبرى فإن حدود جائزته تنتهي مع إقلاع المخرج عائداً إلى بلده.
هذا ليس شأنه فقط، بل شأن كلّ المهرجانات العربية تقريباً باستثناء «مهرجان البحر الأحمر» ولو إلى حدٍ. هو أصبح محطة انطلاق، على الرغم من وجوده في هذا الرُّكن الزمني من السنة، وذلك لأنه حرص على عرض أفلام سعودية تستطيع الانطلاق منه والسفر كونها في الأساس جيدة وتستحق. عاملٌ آخر هو أن الغرب بات يعرف أن السعودية أصبحت لاعباً ثقافياً وفنياً واضحاً. ما عاد الرِّهان عليه، بل على ارتفاع شأنه مستقبلاً.
ما هو عبثي في كثير من المهرجانات العربية، أن تلك التي تُوزّع التكريمات والاحتفاءات باتت أمام مفترق طرق: لقد كُرّم معظم الحاضرين والذين كانوا حاضرين وقت تكريمهم. هناك آخرون يستحقون (كُتاب سيناريو، مديرو تصوير، مؤلفو موسيقى، ممثلون ونقاد ومؤرخون) لكن أحداً قلّما شعر بهم.
على «مهرجان القاهرة» أن ينفض عنه الالتزام بالواجب لأنه واجب، وأن يبحث في طيّات السينمات العربية عمن يستحق «تكريمه» فعلاً.
ما هو لافت كذلك في «مهرجان القاهرة» أكثر من سواه، هو إصداره كتباً سينمائية. هذه عادة توقّفت عنها غالبية مهرجانات العالم الرئيسية منذ عقود، مدركة أن كتب الاحتفاء لم تعد تأتي بجديد يُضاف إلى ما صدر عن كلّ محتفى به.
يمكن للمهرجان المصري إصدار كتابٍ قيّم واحد عوض ثلاثة أو حتى اثنين.
خلال العام الحالي أصدر المهرجان كتاباً مميّزاً ومهمّاً من إعداد ناجي فوزي بعنوان «مختارات من الفن السابع». وكانت مجلة «الفن السابع» السينمائية الرائعة التي أسسها محمود حميدة في عام 1997 قد سدّت ثغرة كبيرة آنذاك في ثقافة الفيلم المطبوعة.
الكتابان الآخران هما «حلم عز» لرامي المتولّي و«سينما يسري نصر الله» لأحمد عزّت عامر. الأول لا يعدو عن بضع صفحات لممثل لم يختم بعد عقداً واحداً من شهرته، والثاني لمخرج يستحق كتاباً يحلّل أفلامه ما لها وما عليها. كتاب من المهرجان لأي مخرج أو سينمائي، يعني انحيازاً للإيجابيات فقط.
عدم إصدارها في الغرب لا يعني أنه قرار صائب، خصوصاً أن البديل لدينا يجب أن يكون مختلفاً وهناك كثير من الأفكار في هذا الشأن.