الموت يغيّب نمير قيردار مؤسس «إنفستكورب» المالية

بعد أن قادها نحو 35 عاماً

الراحل نمير قيردار مؤسس شركة «إنفستكورب» المالية في البحرين (الشرق الأوسط)
الراحل نمير قيردار مؤسس شركة «إنفستكورب» المالية في البحرين (الشرق الأوسط)
TT

الموت يغيّب نمير قيردار مؤسس «إنفستكورب» المالية

الراحل نمير قيردار مؤسس شركة «إنفستكورب» المالية في البحرين (الشرق الأوسط)
الراحل نمير قيردار مؤسس شركة «إنفستكورب» المالية في البحرين (الشرق الأوسط)

غيّب الموت، أول من أمس، نمير قيردار مؤسس «إنفستكورب» المالية التي تتخذ من العاصمة البحرينية المنامة مقراً لها، والذي يعدّ من أقطاب قطاع الاستثمارات المالية في منطقة الخليج.
وقال محمد العارضي، رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لـ«إنفستكورب»، أمس: «يُعرب مجلس الإدارة وموظفو (إنفستكورب) عن عميق حزنهم لوفاة مؤسس الشركة نمير قيردار، الرجل المرموق الذي ترك وراءه إرثاً كبيراً».
وأسّس نمير «إنفستكورب» قبل 38 عاماً «وكرّس حياته المهنية لبناء وقيادة شركة تركز على قيّم أساسية هي الثقة والنزاهة والاحترام. نرى اليوم ثمار جهوده في كون الشركة معترفاً بها عالمياً كمؤسسة مالية رائدة ومنيعة. ونحن نتعهد بمواصلة إرثه من النجاح الاستثنائي. ندعو له بالرحمة، ونتقدم بخالص التعازي والمواساة إلى عائلته ومحبّيه».
أسس نمير قيردار «إنفستكورب» عام 1982 وقادها نحو 35 عاماً، إلى أن استقال من منصبه التنفيذي عام 2015 واستمر في العمل رئيساً لمجلس الإدارة حتى تقاعد كلياً عام 2017. وكان قيردار من أوائل الذين أسسوا شركة دولية للاستثمار في الشركات الخاصة، لربط رأس المال في الشرق الأوسط مع فرص الاستثمار في العالم الغربي في زمن الطفرة النفطية التي ولّدت ثروة غير مسبوقة في المنطقة. وقد اختار أن يجعل لندن مقر إقامته، وكان يملك روابط شخصية وثيقة مع كثير من قادة السياسة والأعمال في العالم.
نشأ نمير قيردار في مدينة كركوك العراقية في كنف عائلة لها علاقات وثيقة بالعائلة المالكة التي حكمت حتى عام 1958، وهاجر بعد وقت قصير من الثورة العراقية إلى الولايات المتحدة، وهناك حصل على درجة البكالوريوس وعلى وظيفة في أحد بنوك ولاية أريزونا، لكنه كان يحلم باقتفاء خطى عائلته بالعمل في الخدمة الحكومية وعاد بالتالي إلى العراق.
انخرط نمير قيردار في العمل المصرفي الدولي في نيويورك؛ حيث انضم إلى بنك «تشيس مانهاتن». وهناك بدأت تنمو بذور فكرة تأسيس «إنفستكورب»؛ فبعد صدمة أسعار النفط الأولى عام 1973، أوصى بأن يُنشئ «تشيس مانهاتن» بنكاً استثمارياً في الشرق الأوسط، فأيد الفكرة ديفيد روكفلر، رئيس «تشيس مانهاتن»، وانتقل نمير على الأثر إلى المنطقة.
وفي عام 1982، وفي ظل الثروة الهائلة التي أحدثتها الطفرة النفطية، أنشأ نمير قيردار «إنفستكورب» لتكون بمثابة جسر يربط مستثمري الخليج العربي بالأصول الدولية الجذابة، وشملت الصفقات البارزة التي قام بها «ساكس فيفث أفينيو» و«تيفاني» و«غوتشي».
حصل نمير قيردار على درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة فوردهام في نيويورك، وجامعة جورج تاون في واشنطن، وفي الحقوق من «جامعة المحيط الهادئ - كاليفورنيا»، وفي الاقتصاد من «جامعة ريتشموند - الجامعة الأميركية الدولية في لندن».
كان زميلاً فخرياً في كلية «سانت أنتوني» بجامعة أكسفورد البريطانية؛ وعضو لجنة الاستثمارات التابعة للأمم المتحدة في نيويورك؛ وعضو مجلس الأمناء لـ«معهد بروكينغز» في واشنطن؛ وعضو مجلس الأمناء في «زمالة أيزنهاور» في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا؛ وعضو المجلس الاستشاري لكلية الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا بنيويورك؛ وعضواً مؤسساً لـ«مجلس الأعمال الدولي» في «المنتدى الاقتصادي العالمي» بجنيف؛ وعضو فريق كبار المستشارين في «تشاتام هاوس» - المملكة المتحدة؛ وعضو «المجلس الدولي لمركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية» في كلية «جون. ف. كيندي» للإدارة الحكومية في جامعة هارفارد؛ وعضو «مجلس العلاقات العربية والدولية» في الكويت؛ وعضو مجلس الأمناء في «صلتك - الدوحة».
ومنذ تأسيسها في عام 1982، أبرمت «إنفستكورب» أكثر من 195 صفقة استثمارية في شركات خاصة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا، في قطاعات مختلفة تشمل التجزئة والمنتجات الاستهلاكية، والتكنولوجيا والخدمات التجارية والمنتجات الصناعية. وقد بلغ عدد صفقات الاستثمار العقاري في العقارات السكنية والتجارية في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا أكثر من 700 صفقة، بقيمة إجمالية تتجاوز 61 مليار دولار.



الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

أشار صناع السياسة في «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الثلاثاء، إلى أن أسعار الفائدة بمنطقة اليورو ستستمر في الانخفاض، مع القضاء على التضخم إلى حد كبير، في حين أن النمو الاقتصادي الضعيف، الذي قد يتفاقم بسبب الرسوم الجمركية الأميركية، قد يصبح القضية الكبيرة التالية التي تواجه المنطقة.

وخفض «المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة 3 مرات هذا العام، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى في كل اجتماع لـ«لجنة السياسة» حتى يونيو (حزيران) المقبل على الأقل، مع تجنب المنطقة ركوداً آخر، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، قال رئيس «البنك المركزي»، البرتغالي ماريو سينتينو، إن الاقتصاد يواجه ركوداً، محذراً بأن «المخاطر تتراكم نحو الهبوط»، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية التي هدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرضها تشكل تهديداً إضافياً.

وحذر سينتينو أيضاً بأن تأخر «البنك المركزي الأوروبي» في خفض أسعار الفائدة قد يزيد من خطر انخفاض التضخم إلى ما دون المستوى المستهدف.

من جانبه، أوضح نائب رئيس «البنك المركزي الأوروبي»، لويس دي غيندوس، أن النمو أصبح الشغل الشاغل للبنك، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ظهور دورة مدمرة من الحروب التجارية.

وقال دي غيندوس لصحيفة «هلسنغن سانومات» الفنلندية: «القلق بشأن التضخم المرتفع تحول الآن إلى القلق بشأن النمو الاقتصادي».

وأضاف: «عندما نفرض الرسوم الجمركية، فيجب أن نكون مستعدين لرد فعل من الطرف الآخر، وهو ما قد يؤدي إلى بداية حلقة مفرغة».

وأكد دي غيندوس أن «هذا الأمر قد يتحول في نهاية المطاف إلى حرب تجارية، وهو ما سيكون ضاراً للغاية بالاقتصاد العالمي».

وتابع: «هذا سيؤدي إلى ضعف النمو، وارتفاع التضخم، وتأثير على الاستقرار المالي، في وضع يعدّ خسارة لجميع الأطراف».

وكان ترمب قد أعلن هذا الأسبوع أنه سيفرض رسوماً جمركية كبيرة على أكبر 3 شركاء تجاريين للولايات المتحدة: كندا والمكسيك والصين، فور توليه منصب الرئاسة.

وبشأن تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على النمو في أوروبا، فقد قال رئيس «البنك المركزي الفرنسي»، خلال مؤتمر للمستثمرين الأفراد في باريس، إن تأثير التضخم في أوروبا قد لا يكون كبيراً.

وقال فرنسوا فيليروي دي غالهاو: «قد يكون تأثير التضخم محدوداً نسبياً في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل التي تحددها السوق لديها ميل معين لعبور المحيط الأطلسي».

وأضاف: «لا أعتقد أن هذا سيغير كثيراً بالنسبة إلى أسعار الفائدة قصيرة الأجل في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل قد تشهد تأثيراً انتقالياً».

من جهته، أضاف محافظ «البنك المركزي الفنلندي»، أولي رين، تحذيراً بخصوص النمو، متوقعاً أن يظل النشاط الاقتصادي ضعيفاً مع انتعاش بطيء، وهو ما قد يدفع «البنك المركزي الأوروبي» إلى خفض سعر الفائدة إلى المعدل المحايد الذي لا يعوق النمو الاقتصادي، بحلول أوائل الربيع المقبل.

وعلى الرغم من أن المعدل المحايد ليس رقماً ثابتاً، فإن معظم خبراء الاقتصاد يرون أنه في نطاق بين اثنين و2.5 في المائة، وهو أقل كثيراً من المستوى الحالي لـ«البنك المركزي الأوروبي» البالغ 3.25 في المائة.

ولا يُتوقع أن تتوقف أسعار الفائدة عند المعدل المحايد؛ إذ تتوقع سوق المال أن يهبط سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75 في المائة العام المقبل، وهو مستوى من شأنه تحفيز النمو.

وقال رين: «إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على منتجات دول أخرى، سواء أكانت بنسبة 10 أم 20 في المائة، وردّ الجميع، فإن جميع الأطراف ستخسر».

وأضاف أنه «في هذه الحالة، فإن الولايات المتحدة ستخسر أكثر؛ لأن الدول الأخرى قد توجه صادراتها إلى أسواق أخرى، في حين ستواجه الشركات الأميركية الرسوم الجمركية نفسها في كل مكان».

في المقابل، انخفض، يوم الثلاثاء، مؤشر رئيسي لتوقعات التضخم بمنطقة اليورو على المدى البعيد في السوق إلى أقل من اثنين في المائة لأول مرة منذ يوليو (تموز) 2022، في دلالة على اعتقاد المستثمرين أن النمو المتعثر قد يؤدي إلى تضخم أقل من الهدف المحدد من قبل «البنك المركزي الأوروبي». وأظهرت بيانات «بورصة لندن» أن مبادلة التضخم الآجلة لمدة 5 سنوات تراجعت إلى 1.9994 في المائة، وهو انخفاض حاد نسبياً مقارنة بأكثر من 2.2 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتعكس هذه المبادلة توقعات المستثمرين بشأن التضخم خلال فترة الـ5 سنوات التي تبدأ بعد 5 سنوات من الآن.

لماذا يعدّ ذلك مهماً؟

يعدّ «البنك المركزي الأوروبي» محافظاً على تناغم دقيق مع توقعات التضخم لدى المستثمرين والأسر والشركات. ويعتقد كثير من خبراء الاقتصاد أن هذه التوقعات يمكن أن تتحول إلى نبوءة تحقق ذاتها، حيث يزيد المستهلكون من إنفاقهم الآن لتجنب ارتفاع الأسعار في المستقبل أو العكس. في عام 2014، أشار رئيس «البنك المركزي الأوروبي» السابق، ماريو دراغي، إلى مبادلة التضخم لمدة 5 سنوات، التي كانت آنذاك أقل قليلاً من اثنين في المائة، بوصف الأمر مقلقاً لـ«البنك المركزي». ومنذ عام 2022، كان «المركزي الأوروبي» يواجه خطر الانكماش بوصفه مصدر قلق رئيسياً.

ومن المرجح أن يعزز هذا الانخفاض الأخير من التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل «المركزي الأوروبي».

وانخفض التضخم في منطقة اليورو من أعلى مستوى قياسي بلغ 10.6 في المائة خلال أكتوبر 2022، إلى 1.7 في المائة خلال سبتمبر من هذا العام، قبل أن يرتفع مجدداً إلى اثنين في المائة خلال أكتوبر الماضي. ومن المتوقع إصدار بيانات نوفمبر (تشرين الثاني) يوم الجمعة المقبل. ووفقاً للمحللين، فقد ساهمت عوامل عدة في تهدئة نمو الأسعار، مثل تطبيع سلاسل التوريد التي تأثرت بجائحة «كوفيد19»، وانخفاض أسعار الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة من قبل «البنك المركزي».

كما أظهرت بيانات مسح يوم الجمعة أن نشاط الأعمال في منطقة اليورو تراجع بشكل حاد في نوفمبر الحالي أكثر مما كان متوقعاً، مما زاد من المخاوف بشأن ضعف النمو بالمنطقة.

في هذا السياق، قال كبير خبراء الاقتصاد في «البنك المركزي الأوروبي»، فيليب لين، يوم الاثنين، إن التضخم قد ينخفض إلى ما دون الهدف في حال استمر النمو الضعيف. وأشار لين، في تصريحات نقلتها صحيفة «ليزيكو» الفرنسية، إلى أنه «ينبغي ألا تظل السياسة النقدية مقيدة لفترة طويلة، وإلا فإن الاقتصاد لن ينمو بالقدر الكافي، وأعتقد أن التضخم سيهبط إلى ما دون الهدف».