تقرير يتهم الحكم الجزائري بـ«زرع العنف للحفاظ على استمراره»

TT

تقرير يتهم الحكم الجزائري بـ«زرع العنف للحفاظ على استمراره»

قال تقرير لـ«الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية»، إن السلطة في الجزائر «لم تتوانَ عن استغلال الحجر الصحي (في إطار الاحتراز من وباء «كورونا»)، لمواصلة تحييد الأصوات النشاز بتشديد الرقابة»، في وقت تتوجس فيه الحكومة حالياً من عودة المظاهرات بالعاصمة والمدن الكبيرة، مع بداية تخفيف الحظر المنزلي.
وجاء في التقرير الذي نشرته أمس «الشبكة» بواسطة مراقبها بالجزائر، الصحافي إلياس حلاس، وبالتعاون مع «مركز بوليتزر» الذي يحمل اسم الجائزة العالمية للتحقيقات الصحافية الكبرى، أن الوباء «كان فرصة للسلطة في الجزائر لعزل كل ما اعتقدت أنه خلايا جرثومية، يشكل تكاثرها خطراً على المنظومة القمعية».
وأكد التقرير أن النظام «يريد إزالة كل تردد، وله من الهوس ما يجعله يرى في كل حدث على صغره، كما هي مسيرات تيميمون (جنوب) الميكروسكوبية، خلايا جرثومية وجب القضاء عليها؛ لأنها من منظوره قد تتكاثر وتؤرق أحادية الفكر لديه».
وأشار التقرير إلى أن المتظاهرين علقوا المظاهرات المطالبة بالتغيير، ابتداء من 20 من مارس (آذار) الماضي، وقال إن الحكومة فرضت الحجر الصحي بعد ذلك بأسبوعين «لكن هذا لم يمنع السلطة من معاقبة المعارضين، بسجن من تعتقد أنهم رموز للحراك الشعبي»، موضحاً أن الاعتقالات «لم تبدأ مع الحجر الصحي؛ لكنها طالت كثيرين خلاله، وتزامنت مع تعديلات في قانون العقوبات. وقد استحدثت السلطة وسائل قانونية لم تكن متوفرة، من أجل تحييد الأصوات التي تغرد خارج سربها وتراها نشازاً. وشابهت هذه الاعتقالات في (بيداغوجيتها) ما كان يشغل تفكير سعيد مقبل الذي كان يبحث في أسباب اغتيالات المثقفين والصحافيين، قبل أن تطاله يد الغدر عام 1994».
وقُتل مقبل، وهو رئيس تحرير صحيفة «لوماتان» الناطقة بالفرنسية (توقفت عام 2001) على أيدي متطرفين. وبحسب التقرير: «لم يعد هناك من يهدد الصحافيين والمثقفين والسياسيين بالقتل؛ لكن العنف لم يختفِ، فقط تغيرت أدواته».
وضربت الوثيقة مثالاً بالصحافي خالد درارني، مراقب منظمة «مراسلون بلا حدود»، المسجون منذ 3 أشهر، بسبب تغطيته المظاهرات. واتهم الرئيس عبد المجيد تبون، الصحافي، بأنه «ناقل أخبار للسفارة الفرنسية»، من دون ذكره بالاسم. وأثار ذلك حفيظة محاميه عبد الغني بادي الذي استنكر «التأثير على القضاة بينما الملف لا يزال قيد التحقيق». كما أكد أن قضية «التخابر» لا وجود لها في محاضر الشرطة القضائية، ولا في لائحة الاتهامات التي وجهها قاضي التحقيق للصحافي.
كما أشار التقرير إلى حجب الصحيفة الإلكترونية «ماغراب إيمارجان» و«راديو آم» التابع لها، بناء على اتهام مسؤوليهما بتلقي تمويلات من الخارج، وهو ما نفاه مدير الصحيفة قاضي إحسان.
من جهة ثانية، طالبت النقابة الجزائرية للقضاة، أمس، بإسناد رئاسة المجلس الأعلى للقضاء إلى قاضٍ منتخب، مع إعطاء رئيس الجمهورية الرئاسة الشرفية.
واقترحت النقابة، في سياق نشر الملاحظات التي سجلتها حول مسودة تعديل الدستور التي اقترحتها السلطة: «إضافة صلاحية استشارة المجلس الأعلى للقضاء في مشروعات القوانين، ضمن المادة 189 من مشروع التعديل الدستوري»، باعتبار أن «القضاة هم من يقع على عاتقهم رقابة التطبيق الصحيح للقانون من قبل كل مقومات الدولة، وهم بالدرجة الثانية ملزمون بتطبيق القانون».
ودعت نقابة القضاة، حسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية أمس، إلى تعديل للفصل المسمى «السلطة القضائية»، بدلاً من «العدالة»، وعللت أسباب التمسك بالمصطلح الوارد قبل التعديل بأن «حذف مصطلح السلطة القضائية يؤدي إلى اختلال النظم الدستورية المتعارف عليها في باب الفصل بين السلطات، كما أن استبعاد القضاء من مبدأ الفصل بين السلطات هو أمر غير مستساغ».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.