من المقرر أن يستأنف الدوري الإنجليزي الممتاز موسم 2019 - 2020 في 17 يونيو (حزيران) الجاري، لكن جميع المباريات المتبقية ستُلعب بدون جمهور، وبالتالي يبدو أننا سنشاهد شيئاً لم نره من قبل. ومن المؤكد أن هذا كان هو الخيار الوحيد لكي يتم استئناف المباريات في ظل انتشار فيروس كورونا.
وأنا متأكد من أن الجمهور يتفهم هذا الأمر تماماً، حيث إن من بين هذا الجمهور من فقدوا أصدقاءهم وأحباءهم بسبب هذا الفيروس، وبعضهم يعمل في الخطوط الأمامية لمواجهة هذا الوباء مع هيئة الخدمات الصحية الوطنية أو في مجال الرعاية الصحية بشكل عام. وعلاوة على ذلك، فقد قدم الجميع تضحيات كبيرة بالالتزام بالعزل المنزلي، وكلنا نعرف خطورة هذا الفيروس وأهمية الالتزام بالتدابير التي تهدف للقضاء عليه. ويعرف هذا الجمهور، كما تعرف «صناعة» كرة القدم كلها، أن كل الأمور قد تغيرت بشكل دراماتيكي.
وفي المقابل، فإن الإصرار على أن تُلعب بعض المباريات في ملاعب محايدة يعني أن الجهة الوحيدة التي ظلت تفكر بالطريقة نفسها التي كانت متبعة قبل تفشي الوباء هي الشرطة، وعلى وجه الخصوص مجلس رؤساء الشرطة الوطنية، الذي قاد الدعوة إلى خوض بعض المباريات بعيداً عن ملاعب بعض الأندية من أجل تجنب خطر أو «تهديد» تجمهر الجمهور واحتمال تورطه في أعمال فوضى. وبالنسبة لمجلس رؤساء الشرطة الوطنية، يمثل هذا تهديداً مزدوجاً: خطر حدوث اضطراب محتمل والتهديد بأن خدمات الطوارئ ستكون في حالة «ارتباك» إذا تم تنظيم المباريات بأي طريقة أخرى بخلاف توصية الشرطة بإقامتها في ملاعب محايدة، نظراً لأن خدمات الطوارئ تعمل بكامل طاقتها بسبب تفشي الفيروس.
وعندما استأنف الدوري الألماني الممتاز مبارياته بنجاح وأمان، كان تركيزه الأساسي على الصحة، ولم يواجه مشاكل كبيرة فيما يتعلق باضطرابات أو شغب من قبل الجمهور. وبهذا المعنى، فإن حجة إقامة المباريات على ملاعب محايدة تستند على الخوف غير الواقعي من تجمع المشجعين غير المنظمين بشكل جماعي خارج ملاعب كرة القدم التي تشهد إقامة المباريات بدون جمهور.
وإضافة إلى ذلك، لا تعكس إقامة المباريات على ملاعب محايدة ثقافة الجمهور الإنجليزي، فعلى سبيل المثال، عندما يحسم ليفربول فوزه بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، أو إذا ضمن ليدز يونايتد صعوده من دوري الدرجة الأولى، فإن هذا يعني أن مدناً بأكملها وعشرات الآلاف من الجماهير سوف تحتفل بذلك. ومن المحتمل أن تكون هذه الاحتفالات في الشوارع وفي المنازل وفي الحدائق العامة، بغض النظر عن المكان الذي ستقام عليه المباراة التي يحسم فيها ليفربول فوزه باللقب أو ليدز يونايتد صعوده للدوري الإنجليزي الممتاز. كما أن القيود المفروضة حالياً لمواجهة تفشي فيروس كورونا سوف تسمح لمجموعات متعددة تضم كل منها 6 أشخاص بحد أقصى بالاحتفال في الحدائق والمساحات المفتوحة على أي حال، شريطة الحفاظ على قواعد التباعد الاجتماعي. وبالتالي، فمن غير الواضح تماماً كيف ستساعد الملاعب المحايدة على التعامل مع مثل هذه الأمور.
وأيضاً إضافة لما سبق، تفترض حجة الملاعب المحايدة أن المشجعين سيجتمعون مسبقاً بأعداد كبيرة خارج الملاعب التي تقام عليه المباريات بدون جمهور، لكن لا يوجد أي دليل على أن هذا الأمر سيحدث من الأساس. ووصف جيف بيرسون، خبير في ثقافة الجمهور، هذه الفكرة بأنها «خيالية». ولا يزال الكثيرون مقتنعين بأن أعداداً غفيرة من المشجعين ستجتمع خارج الملاعب التي تقام عليها المباريات بدون جمهور، خاصة أن المديرين الفنيين واللاعبين ومسؤولي الأندية يناشدونهم بالبقاء في منازلهم.
في الواقع، يتمثل الخلل الرئيسي في التفكير في إقامة المباريات على ملاعب محايدة في الافتراض المسبق بأن مشجعي كرة القدم هم أشخاص غير منظمين من الأساس، وأن هذا الأمر يمثل مشكلة يجب التعامل معها. لقد فشلت استراتيجية الملاعب المحايدة في إدراك أن الغالبية العظمى من مشجعي كرة القدم هم أناس يتحلون بالمسؤولية تجاه المجتمع وسوف يتفهمون تماماً ضرورة الابتعاد عن الملاعب التي تقام عليها المباريات.
ويجب أن نعلم أن هؤلاء هم المشجعون الذين يديرون بنوك الطعام، ويتحركون بنشاط لدعم الضعفاء، ويجمعون الأموال للأعمال الخيرية، ويقدمون الدعم اللازم لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، مثل أي شخص آخر في البلاد. وإذا لم يكن بإمكان هذه الجماهير أن تسافر بسهولة وتدخل إلى الملاعب للاستمتاع بالمباريات، فلماذا تعتقد الشرطة أن هذه الجماهير ستتجمع خارج الملاعب في الوقت الذي ستذاع فيه هذه المباريات على شاشات التلفزيون على أي حال؟
وإذا تخلت الشرطة عن لغة الخوف، فلا يوجد أي سبب مقنع للجوء إلى خيار إقامة المباريات على ملاعب محايدة. ويجب أن ندرك أن قيام الأندية بإرسال لاعبيها وموظفيها إلى ملاعب محايدة يعني أن مسؤولية الحفاظ على سلامة هؤلاء الأشخاص ستتداخل مع أشخاص آخرين في أماكن أخرى! كما أن هذه الملاعب المحايدة ستستضيف العديد من المباريات وسوف يدخل مسؤولو ولاعبو هذه الأندية المختلفة من أبواب هذه الملاعب بشكل أكثر تواتراً، وهو أمر ليس مثالي بالطبع للحفاظ على القواعد اللازمة للنظافة والصحة.
خيار الملاعب المحايدة يفترض فوضوية مشجعي كرة القدم
غالبيتهم العظمى من الأفراد المتحمسين ولا يختلفون عن بقية عناصر المجتمع
خيار الملاعب المحايدة يفترض فوضوية مشجعي كرة القدم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة