الأفلام القصيرة تهيمن على مهرجان السينما الفلسطينية بلندن

منطقة الشرق الأوسط تحولت إلى مركز لإنتاج الأفلام القصيرة

ملصق المهرجان
ملصق المهرجان
TT

الأفلام القصيرة تهيمن على مهرجان السينما الفلسطينية بلندن

ملصق المهرجان
ملصق المهرجان

في أعقاب الهجمات الإسرائيلية على غزة عام 2008-2009 قدم المخرج التونسي وليد مطر فيلما قصيرا بعنوان «تنديد» يدور حول مقهى يمر بظروف صعبة كي يتمكن من البقاء ويتدفق عليه الزبائن خلال الليل لمتابعة البرامج التلفزيونية التي تتناول أخبار المذابح. ويمثل الفيلم الذي لا تتجاوز مدة عرضه 15 دقيقة من الكوميديا السوداء صفعة حادة على وجه التنديدات التي أطلقها الناس من بعد ضد الهجمات التي تعرض لها الفلسطينيون آنذاك.
ويعد «تنديد» واحدا من كثير من الأفلام القصيرة الذكية المقرر عرضها خلال مهرجان الفيلم الفلسطيني في لندن الذي تبدأ فعالياته هذا الأسبوع. وتوزع الأفلام المشاركة على امتداد برنامج من الأفلام الوثائقية التاريخية والمعاصرة، بجانب مجموعة فريدة ومتنوعة من الأفلام الطويلة المنتمية للكوميديا والمغامرات والسريالية.
الملاحظ أنه بوجه عام ورغم تميزها بسرد قوي وتأثيرات إبداعية، عادة ما تجتذب الأفلام القصيرة اهتماما نقديا أقل. واللافت أن الشرق الأوسط تحول لمركز خصب لإنتاج الأفلام القصيرة بأعداد تفوق بكثير الأفلام الطويلة، ما يثير التساؤلات حول الأسباب وراء هذه الزيادة المستمرة في إنتاج الأفلام القصيرة، وما يحمله هذا من دلالات لمستقبل صناعة الأفلام.
من جهتهما، أكد مهند يعقوبي وسامي سعيد، وهما منتجان بشركة «إيديم فيلمز» في رام الله، أنه «لا نعلم في الواقع السبب وراء هذا الانتشار الكبير للأفلام القصيرة بالشرق الأوسط، لكن نعتقد أن الأمر ربما يتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي والعادات التي أفرزتها هذه الشبكات».
جدير بالذكر أنه خلال العقد الماضي، أنتجت «إيديم فيلمز» 3 أفلام طويلة وأكثر من 30 فيلما قصيرا. ومن المقرر أن يشهد مهرجان الفيلم الفلسطيني هذا العام تنظيم عرض خاص لفيلمين قصيرين من إنتاج «إيديم فيلمز»، قبل إطلاقهما رسميا للعرض الأول في دبي، إضافة إلى مزيج من 9 أفلام قصيرة بعنوان «وقت معلق» يعرض لقطات سريعة على امتداد 10 سنوات منذ اتفاق أوسلو.
يحوي برنامج المهرجان أفلاما تتناول موضوعات سياسية واجتماعية وإنسانية وتستخدم مجموعة متنوعة من التكنيكات. ومن بين التكنيكات التجريبية الجديدة استخدام نصوص شعرية أو سريالية وتصوير فترات زمنية متنافرة وصورة تنم عن حالة هيستيرية.
من الأفلام التي أنتجتها «إيديم فيلمز»: «لا خروج» ومن إخراج يعقوبي وتأليف الكاتب عمر الخيري المقيم بلندن. ويعتمد نص الفيلم على سياسات الانتظار فيما يتعلق بالعودة لغزة والفكرة التي أبدعها المؤلف المسرحي صامويل بيكيت في رائعته «في انتظار غودو» كنقطة بداية له، ويحمل المشاهدين إلى داخل وخارج أماكن ذهنيا، بينما يظلون بصريا داخل المكان بعينه - حافلة نقل ركاب في لندن. خلال الفيلم، مزج المخرج والمؤلف بين تكنيكات السينما والمسرح واهتماماتهما السياسية المشتركة، ليثمر في النهاية فيلما يروي قصة قديمة من خلال أسلوب سرد رائد. وعن الفيلم، أوضح الخيري أنه: «بالنسبة لي، عادة ما تكون القصة التي ترغب في سردها هي العامل المحدد لشكل الفيلم. وكان لدينا إصرار على عدم تقديم فيلم يسير في صورة خطية».
أما فيلم «لعبة ترانزيت» لأنا فهر فمختلف تماما، ذلك أنه نظرا لكونها مخرجة أفلام وثائقية، دمجت فهر في فيلمها قد أكبر كثير من العناصر الواقعية رغم كون هذا الفيلم أول أفلامها الروائية. تركز فهر على فكرة المنفى المتنامية داخل الشرق الأوسط من خلال جيلين من اللاجئين من سوريا وفلسطين يلتقيان على طريق جبلي منعزل في لبنان. وعن فيلمها، قالت فهر: «توجهي إزاء صنع الأفلام الوثائقية غالبا ما يضم تكنيكات السرد القصصي. لذا أرى أن التوجهين مرتبطان ببعضهما البعض على نحو معقد».
من بين الأفلام الدرامية القصيرة الأخرى التي تتناول وقائع سياسية واجتماعية راهنة «المنسي» لإيهاب طرابية، والذي يدور حول رجل متقدم في السن يتولى مهرب معاونته على عبور الحدود السورية. ومع تطلعه نحو العثور على منزله القديم على مرتفعات الجولان، تسيطر على ذهن الرجل أفكار تتعلق بموته وما الذي سيتبقى من ذكراه ومنزله القديم. أما فيلم «ازرقاق» لراما ماري فيصور ذروة موقف غامض من العنف الأسري، ويسلط الفيلم الضوء على الأضرار التي لحقت بمجتمع بعد عقود من أعمال القتل. ومع تناوله قضايا واقعية في إطار قصير، يعتمد الفيلم بدرجة بالغة على اللمسات الجمالية مع هيمنة اللون الأزرق عليه في ظل جو عام من الانعزال والسرية.
إلا أن أساليب العرض المبتكرة تبلغ ذروتها مع فيلم «الشجيعية: أرض الشجعان» لهديل أصالي والذي لا تتجاوز مدة عرضه 6 دقائق. وتدور أحداث الفيلم خلال ذروة الهجمات التي عانتها غزة الصيف الماضي. ويعتمد الفيلم على صوت رجل من غزة يصرخ مستنجدا بأفراد «الصليب الأحمر»، بينما تتوالى صور من صيف سابق شهد أياما أجمل.
من جهتها، قالت أصالي: «عملت على الأفلام القصيرة منذ فترة، وخضت تجارب حول كيفية توصيل المحتوى المكثف للقصص القادمة من غزة، مع تخفيف حدة الصفعة عبر عرض صور أكثر جذبا للعين». ويحمل هذا الفيلم صوتا يعبر عن الإلحاحية، في الوقت الذي تبقى فيه صورة غزة تدور حول حياة طبيعية ووجوده أطفال يمارسون حياتهم اليومية ولحظات أسرية دافئة، مما يعمق التأثير الإنساني للفيلم.
من ناحية أخرى وفيما يتعلق بغزارة إنتاج الأفلام القصيرة في الشرق الأوسط، يرى يعقوبي وسعيد أن هذا ربما يشكل أساليب جديدة لكيفية رؤية المشاهدين للأفلام، منوهين بأن تنامي إنتاج الأفلام القصيرة يشي بزيادة مستويات المشاهدة عبر الإنترنت والهواتف الجوالة. إلا أنه على الجانب الآخر فإن المنطقة ربما تشهد قريبا ازدهارا في إنتاج الأفلام الروائية الطويلة. وعليه فإن ما نعاينه الآن من تنامي في إنتاج الأفلام القصيرة قد يكون مرجعه لحرص المخرجين الناشئين على التدريب وشحذ قواهم قبل المغامرة بإخراج أفلام أطول.
في هذا الصدد، اعترفت فهر بأنه: «لدي بالفعل فكرة لفيلم روائي طويل مستوحاة في الجزء الأكبر منها من فيلمي القصير». ويحمل الخيري بداخله طموحات مماثلة، حيث قال: «أعمل حاليا في فيلم قصير جديد، يحمل طابعا تلفزيونيا تقليديا أكبر من (لا خروج) - مع مداعبة فكرة صناعة فيلم روائي طويل لمخيلتي بالفعل».
ومع ذلك، يحمل هذا الأمر دلالات مختلفة تماما من منظور صناعة الأفلام بالنسبة ليعقوبي وسعيد باعتبارهما منتجين، حيث أعربا عن عدم اتفاقهما مع الرأي القائل بأن موجة الازدهار الراهنة في إنتاج الأفلام القصيرة في العالم العربي تمثل مؤشرا على ازدهار وشيك في صناعة الأفلام الطويلة. وأشارا للحاجة إلى مشاركة موزعين أوروبيين كي تتمكن الأفلام من جني أموال. إلا أنهما استطردا مؤكدين أن الصورة ليست «مظلمة تماما»، حيث يحاول الكثير من المنتجين والمخرجين تجريب أشكال جديدة واستغلال فرص التوزيع الرقمي، بجانب توافر مزيد من التمويل من قبل موارد ومؤسسات محلية خلال الأعوام الـ5 الماضية وإبداء شركات خاصة ومؤسسات أكاديمية اهتمامها بالمشاركة في إنتاج الأفلام.
انطلقت فعاليات مهرجان الأفلام الفلسطينية بلندن في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 11 ديسمبر (كانون الأول) داخل مركز باربيكان وجامعة لندن.
لمزيد من المعلومات ترجى زيارة الموقع التالي:
Palestinefilm.org



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».