شبح الجوع يلاحق سوريين أضناهم انهيار قيمة الليرة

سوريون يشترون الخبز في بلدة بنش شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)
سوريون يشترون الخبز في بلدة بنش شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)
TT

شبح الجوع يلاحق سوريين أضناهم انهيار قيمة الليرة

سوريون يشترون الخبز في بلدة بنش شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)
سوريون يشترون الخبز في بلدة بنش شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)

خلال أكثر من تسع سنوات من الحرب، بقيت أم أحمد وعائلتها بمنأى عن المعارك والقصف، لكنها اليوم تخشى على أطفالها الخمسة من الجوع مع تآكل قدرتها الشرائية جراء الهبوط الحاد في قيمة الليرة السورية.
وتقول أم أحمد (39 عاماً) المقيمة في بلدة بنش في شمال غربي سوريا، لوكالة الصحافة الفرنسية: «منذ أن بدأت الحرب، ذقنا كل أنواع الألم والعذاب، وأعتقد أنّ المجاعة هي التي سنذوقها» في الفترة المقبلة.
وشهدت العملة المحلية هبوطاً سريعاً في قيمتها خلال الأيام القليلة الماضية في السوق الموازية، إذ ارتفع سعر صرفها مقابل الدولار بين يومي السبت والاثنين من 2300 إلى أكثر من ثلاثة آلاف، فيما سعر الصرف الرسمي مثبت على 700 ليرة. وتسبب ذلك بارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية والسلع في أرجاء البلاد كافة ودفع بعض المتاجر إلى إغلاق أبوابها وسط امتعاض واسع في صفوف السكان.
ومع ارتفاع الأسعار، تفكّر أم أحمد بشراء كيس من الطحين وإعداد المؤونة تحسّباً للمرحلة المقبلة. وتقول: «إذا استمر انهيار العملة، فنحن أمام مجاعة كبرى ولن يستطيع أحد شراء حاجاته». وتضيف بأسى: «هذه أمور كنا نسمع عنها في التلفاز في بعض دول أفريقيا».
وتتابع أم أحمد، مشيرةً إلى أن زوجها يعمل بشكل متقطع: «نعيش الآن على بعض المدّخرات... وقمنا كذلك ببيع أرض ورثناها، لكن لا أعتقد أن المال سيدوم كثيراً في ظل الغلاء الفاحش».
واضطرت بعض المؤسسات في إدلب إلى إقفال أبوابها، وفق ما شاهد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية، جراء صعوبة الاستمرار بسبب ارتفاع سعر الصرف.
وشهدت إدلب مظاهرات مؤخراً ضد هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) بسبب ارتفاع أسعار الخبز، كونها الجهة التي تحدّد ثمنها.
وتسيطر هيئة تحرير الشام مع فصائل أخرى أقل نفوذاً على نصف مساحة إدلب ومحيطها حيث يقيم ثلاثة ملايين نسمة نصفهم تقريباً نازحون من محافظات أخرى ويعيشون على المساعدات.
وتشهد سوريا بعد تسع سنوات من الحرب أزمة اقتصادية خانقة فاقمتها مؤخراً تدابير التصدي لوباء «كوفيد - 19» كما زاد الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور، حيث يودع سوريون كثر أموالهم، الوضع سوءاً.
ويشير محللون إلى أنّ المخاوف من تداعيات بدء تطبيق قانون قيصر الذي أقرته واشنطن ويفرض عقوبات على دمشق والجهات المتعاونة معها، يعدّ سبباً إضافياً في تراجع قيمة الليرة. وسيبدأ تطبيقه منتصف يونيو (حزيران).
كما أنّ لصراع رجل الأعمال البارز رامي مخلوف، أحد أعمدة النظام السوري اقتصادياً، مع السلطات، تداعيات سلبية على عامل الثقة.
ويرى الخبير الاقتصادي والباحث لدى «تشاتام هاوس» زكي محشي، أنّه «لا يمكن للنظام أن يسمح بمزيد من الارتفاع في الأسعار لأنه يعلم أن هذا سيؤدي إلى... اضطرابات اجتماعية لا يمكن احتواؤها».
إلا أنّه يتحدث عن «عوامل عدة تشير إلى أن الليرة السورية ستستمر في التراجع» مقابل الدولار.
وقال رئيس الحكومة السورية عماد خميس، الأحد: «ما يحدث اليوم على الليرة جزء من الحرب الكبيرة»، محمّلاً «الإجراءات القسرية» والعقوبات الأميركية على سوريا مسؤولية التدهور الحاصل.
وشنّ عدد من أعضاء مجلس الشعب هجوماً لاذعاً على حكومة خميس متهمين إياها بالتقصير.
وأثار تراجع قيمة الليرة امتعاضاً واسعاً في صفوف التجار. ودفع بالعشرات من سكان مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية في جنوب سوريا إلى التظاهر منذ الأحد احتجاجاً على الأوضاع المعيشية الصعبة. وأطلقوا هتافات مناوئة للنظام ومطالبة بإسقاطه، وفق مقاطع فيديو نشرتها شبكة أنباء «السويداء 24» المحلية.
ويعيش الجزء الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل 133% منذ مايو (أيار) 2019، حسب برنامج الأغذية العالمي.
وكتب نائب المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية حول سوريا في الأمم المتحدة مارك كاتس، في تغريدة أمس (الثلاثاء)، أنّ «أكثر من تسعة ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي في وقت تواصل أسعار المواد الغذائية ارتفاعها وتنخفض قيمة الليرة السورية بمعدّل قياسي».
في دمشق، بدأت لميس الشيخ (52 عاماً) رويداً رويداً الاقتصاد بمشترياتها الغذائية. وتقول: «الأسعار نار... ونشهد كل يوم قائمة أسعار جديدة أكثر ارتفاعاً من اليوم السابق». وتضيف: «نغيّر طعامنا اليومي حسب الأسعار. يقولون إننا ما زلنا في البداية، فليساعدنا الله»، مبدية خشيتها من أن «يأتي يوم أنزلُ فيه إلى السوق وأعود دون أن أشتري شيئاً بسبب الغلاء».
ولا يميّز الغلاء بين منطقة وأخرى بغضّ النظر عن الجهات المسيطرة.
في القامشلي، أبرز المدن في المنطقة الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية الكردية (شمال شرق)، أقفل بعض المحال وتراجع عدد الزبائن في أسواق اعتادت أن تكتظ شوارعها ومحالها ومقاهيها بالزوّار.
داخل متجره للمواد الغذائية، يدقّق راشد أومري (50 عاماً) في فواتير، مبدياً امتعاضه من وجود «سعر صباحاً وآخر بعد الظهر». ويضيف: «عندما نبيع البضائع نخسر وعندما نشتريها نخسر»، معتبراً أن «كل ما يحصل خسارة بخسارة».
ويطغى الارتفاع السريع والمتواصل لسعر صرف الدولار على أحاديث الناس في الشارع.
في سوق القامشلي، تبحث أم علاء (55 عاماً) عما يمكنها شراءه بأقل سعر ممكن.
وتقول الأم لثلاثة أولاد، أحدهم لا يزال يعيش معها، إن تكلفة الوجبات باتت مرتفعة جداً، «أليس حراماً أن يصل سعر زجاجة الزيت إلى 3500 ليرة بعدما كان 500 ليرة فقط؟».
وتضيف «هذا الانخفاض (في سعر الصرف) يقتلنا».



«سيتي سكيب العالمي» بالسعودية سيضخ أكثر من 100 ألف وحدة سكنية 

جانب من النسخة الثانية لمعرض «سيتي سكيب العالمي» في الرياض (واس)
جانب من النسخة الثانية لمعرض «سيتي سكيب العالمي» في الرياض (واس)
TT

«سيتي سكيب العالمي» بالسعودية سيضخ أكثر من 100 ألف وحدة سكنية 

جانب من النسخة الثانية لمعرض «سيتي سكيب العالمي» في الرياض (واس)
جانب من النسخة الثانية لمعرض «سيتي سكيب العالمي» في الرياض (واس)

من المقرر أن يضخّ معرض «سيتي سكيب العالمي»، الذي يفتتح أبوابه للزوار يوم الاثنين المقبل في العاصمة السعودية الرياض، أكثر من 100 ألف وحدة سكنية، وعروضاً للقروض التمويلية، تبدأ من 2.59 في المائة، إلى جانب خصومات تصل إلى 100 ألف ريال (26.6 ألف دولار) في عدة مشاريع، كما سيقام أحد أكبر المزادات العقارية في الشرق الأوسط بقيمة تقديرية تتجاوز مليار ريال (266.6 مليون دولار).

جاء ذلك على لسان الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للعقار، المهندس عبد الله الحماد، خلال كلمته في اللقاء التعريفي لـ«سيتي سكيب العالمي»، الخميس في الرياض، مؤكداً أن استضافة المملكة لهذا الحدث العقاري الضخم تعكس النهضة الاقتصادية التي تشهدها السعودية، في إطار «رؤية 2030».

وأضاف أن المعرض يهدف إلى تعزيز التواصل والتعاون بين مختلف المطورين والمستثمرين العقاريين، فضلاً عن تحفيز الابتكار والتطوير في القطاع.

الفرص الاستثمارية

وأوضح الحماد أن المعرض يساهم بشكل كبير في استكشاف الفرص الاستثمارية من خلال تقديم رؤى شاملة حول اتجاهات السوق العقارية، لافتاً إلى أن المملكة تشهد نمواً غير مسبوق في تطوير المشاريع العقارية والاقتصادية.

وبيّن أن المعرض سيركز بشكل رئيسي على المشاريع الكبرى في المملكة، مع مشاركة أكثر من 400 جهة عارضة، و100 مستثمر مؤسسي، وما يزيد عن 500 قائد في القطاع العقاري من مختلف أنحاء العالم.

وأكمل الحماد أن هذا التجمع الكبير يسهم في تسهيل الوصول إلى الفرص الاستثمارية المتنوعة في السوق العقارية السعودية، ما يعزز جذب الاستثمارات الأجنبية، ويسهم في تنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز التنمية المستدامة.

وأوضح أن النسخة السابقة من معرض «سيتي سكيب» شهد حضور أكثر من 160 ألف زائر، وتوقيع مشاريع واتفاقيات استثمارية تجاوزت قيمتها 110 مليارات ريال (29 مليار دولار)، مع استثمارات أجنبية وخارجية وصلت إلى 19 مليار دولار.

وأكد الحماد أن النسخة الثانية من المعرض ستشهد زيادة ملحوظة بنسبة 50 في المائة في حجم المعاملات والمشاريع والاتفاقيات.

المطورون العقاريون

من جانبه، قال وكيل وزارة البلديات والإسكان لتحفيز المعروض السكني والتطوير العقاري، عبد الرحمن الطويل، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحدث العقاري المرتقب سيشهد حضور عدد من الأسماء الكبيرة على مستوى العالم في مختلف مجالات القطاع العقاري، سواء في التطوير أو التصميم أو التشغيل.

وأضاف: «من المتوقع حضور عدد كبير من المطورين العقاريين الدوليين إلى المملكة، حيث بدأ أكثر من 10 مطورين بالفعل في تنفيذ مشاريعهم داخل السعودية، مع الطموح لجذب مزيد من المطورين، بالتعاون مع المطورين المحليين».

جانب من النسخة الثانية لمعرض «سيتي سكيب العالمي» في الرياض (واس)

استقطاب الشركات العالمية

ويرى الطويل أن بيئة المملكة العقارية والاستثمارية تتمتع بجاذبية كبيرة، حيث توفر فرصاً واعدة وسهلة للمستثمرين، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل على خلق بيئة متنوعة، حيث يتم التركيز على استقطاب الشركات العالمية للاستثمار في السعودية.

وكشف عن تنظيم ورشة عمل خاصة خلال المعرض لاستعراض الفرص الاستثمارية العالمية في السعودية، حيث من المتوقع أن يكون الرقم الإجمالي للاستثمارات كبيراً جداً، ما يعكس رغبة قوية من المستثمرين الأجانب في دخول السوق المحلية.

ويشارك في المعرض نخبة من الخبراء والرؤساء التنفيذيين، ويضم في نسخته الحالية منتدى مستثمري العقار، الذي يستضيف 150 مستثمراً من 22 دولة، إذ يأتي الحدث بهدف تعزيز التعاون في المشاريع الاستثمارية، ليمثل مركزاً مهماً للفرص والاستثمار.