خطة حكومية لمواجهة الأزمة المالية تثير جدلاً في العراق

محتجزو «رفحاء» يقطعون طريقاً دولية احتجاجاً على خفض مرتباتهم

احتجاجات ضد الحكومة المحلية في النجف أول من أمس (رويترز)
احتجاجات ضد الحكومة المحلية في النجف أول من أمس (رويترز)
TT

خطة حكومية لمواجهة الأزمة المالية تثير جدلاً في العراق

احتجاجات ضد الحكومة المحلية في النجف أول من أمس (رويترز)
احتجاجات ضد الحكومة المحلية في النجف أول من أمس (رويترز)

تواجه خطة حكومية موسعة لمواجهة الأزمة المالية الحادة في العراق ممانعة واسعة من قبل شرائح الموظفين والمستفيدين من بعض أوجه الإنفاق الحكومي، ولا يستبعد كثيرون حدوث اضطرابات شعبية يقودها الموظفون في القطاع العام في حال سريان مفعول الخطة الجديدة وتنفيذها عبر مجموعة استقطاعات وخصومات من رواتب الموظفين.
وظهرت، أمس، بوادر تلك الاضطرابات عبر قيام بعض المستفيدين من مرتبات السجناء السياسيين والمحتجزين في معسكر «رفحاء» في المملكة العربية السعودية قبل 2003، إلى قطع الطريق الدولية الرابطة بين البصرة والناصرية احتجاجاً على ما طرحته الخطة الحكومية من تخفيض في مرتباتهم أو منع تلقي المستفيد مرتبين في الوقت نفسه.
وتقول الحكومة إن خطتها التي تثير حفيظة قطاعات واسعة من الموظفين تهدف إلى «سد عجز كبير في تمويل الموازنة العامة للدولة نتيجة انخفاض الإيرادات النفطية وغير النفطية، ما سبب أزمة مالية حادة». واتخذ مجلس الوزراء في جلسة الأحد الماضي، عدداً كبيراً من القرارات التي قال إنها تهدف إلى «تقليل آثار الأزمة المالية» التي توقع أنها «ستستمر لفترة غير قصيرة».
ومن بين ما ورد في الخطة الجديدة «إيقاف التعيينات كافة وإعادة التعيين على الملاك الدائم والملاك المؤقت، وإيقاف النفقات الحكومية غير الضرورية في الدوائر الممولة مركزياً أو ذاتياً، كذلك إيقاف الترفيعات لجميع موظفي الدولة في الدرجة الأولى فما دون والترقيات لكل العسكريين والأجهزة الأمنية الأخرى». وأقرت الخطة أن يكون تمويل ذوي الشهداء والسجناء السياسيين ممن يتسلم أكثر من راتب من الدولة بما لا يزيد شهرياً على مليون وخمسمائة ألف دينار لذوي الشهداء، ومبلغ مليون دينار للسجناء أو يتسلمون الراتب والمخصصات الأعلى فقط، أما بالنسبة للمستفيدين من محتجزي معسكر «رفحاء» فيكون تمويل مستحقاتهم بـ«الحد الأدنى للراتب التقاعدي المنصوص عليه في قانون التقاعد الموحد» وضمن شروط محددة وضعتها الخطة. ومنعت الخطة الحكومية الجديدة حصول الأشخاص على مرتبين أو ثلاثة في الشهر الواحد، وهُددوا بمحاسبتهم وفق القانون.
وتعد قضية «ازدواج المرتبات» من بين أكثر المواضيع إثارة للسخط الشعبي في العراق منذ سنوات، وينتقد كثيرون حصول بعض الفئات والشخصيات على مرتبات مزدوجة تصل في بعض الأحيان إلى 4 أو 5 مرتبات في الشهر، فيما لا تحصل قطاعات واسعة على أي مرتب أو معونة حكومية.
ومن بين البنود الكثيرة التي أقرتها الخطة الحكومية لمواجهة الأزمة المالية؛ تشكيل لجنة برئاسة وزير النفط لـ«التفاوض مع شركات جولات التراخيص النفطية العاملة في العراق من أجل مراجعة العقود التي أبرمت معها، وكذلك تخفيف الأعباء المالية المترتبة على تلك العقود». كما تقرر تنشيط جباية أجور الكهرباء وتحسين أداء شركات توزيع الطاقة والحد من الضائعات في الطاقة الكهربائية. وتقديم حوافز مالية لجباة الأجور بهدف حثهم على العمل.
وفيما أكدت خطة الحكومة «عدم المساس بالرواتب الاسمية للعاملين في مؤسسات الدولة كافة والمخصصات المنصوص عليها في قانون رواتب موظفي الدولة»، أثار موضوع الاستقطاعات الكبيرة في المخصصات العادية ومخصصات المناصب الحكومية الكبيرة انتقاد قطاعات واسعة من الموظفين. إذ قررت الخطة في بعض الحالات استقطاع ما نسبته 80 في المائة من مخصصات كبار المسؤولين التي تزيد في بعض الأحيان على 5 ملايين دينار عدا الراتب الاسمي.
الضجة الكبيرة التي أثارتها الاستقطاعات خلال اليومين الأخيرين، دفعت مستشار رئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أمس، إلى نفي الموضوع والقول إنه «لا استقطاعات في رواتب الموظفين، ولكن قد تفرض ضريبة الدخل فقط، وسيتم إعفاء أصحاب الدخل القليل من ضريبة الدخل هذه».
كان صالح تحدث أول من أمس، بمرارة عما سماه «الإخفاقات المالية» التي تعاني منها البلاد، وأن الموارد المتاحة «لا تكفي لمرتبات الموظفين حتى». وتساءل في حوار تلفزيوني معه: «هل تعرفون كيف استطعنا توفير رواتب الشهر الماضي؟ لا أحد يعرف طبعاً، لقد تدبرناها من إيرادات النفط البسيطة والإيرادات غير النفطية البسيطة أيضاً، ومن تراكمات الصندوق الصيني الذي كنا قد وضعنا فيه نحو مليار دولار، اضطررنا للتصرف بها وأبقينا على جزء قليل كي يستمر الاتفاق مع الصين لأغراض الاستثمار».
إجمالاً، يتحدث غالبية المراقبين عن أن الحكومة العراقية تواجه مشاكل اقتصادية بالغة الصعوبة نتيجة انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا تضعها في مواجهة صعوبة تأمينها مرتبات «جيش موظفيها» الذي يزيد على الثلاثة ملايين موظف، عدا المتقاعدين والمستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية الذين لا تقل أعدادهم عن أعداد الموظفين الذين ما زالوا مستمرين في الخدمة.
ومع استمرار المشاكل المالية واحتمالات تصاعد حالة التذمر الشعبي، يواصل منذ أيام كبار المسؤولين والمستشارين في الحكومة العراقية الحديث علناً عن واقع ما تواجهه الدولة والحكومة من صعوبات في تأمين مرتبات الموظفين وبقية أوجه الإنفاق الحكومي، حيث كشف وزير المالية علي عبد الأمير علاوي، أول من أمس، عن حجم العجز الحاصل في إيرادات العام الحالي، قياساً بالمبالغ التي تحتاجها الدولة لتأمين الرواتب، وقال في مؤتمر صحافي إن «التراكمات من السياسات الخاطئة منذ عام 2003 إلى يومنا هذا أدت إلى مشاكل حقيقية في البنية الاقتصادية التحتية للعراق، وأن الحكومات السابقة لم تواجه الجانب الاقتصادي بالجدية المطلوبة». وأضاف: «نعمل الآن على مواجهة هذه التراكمات وحلها من خلال تعاون الجميع من أجل عبور هذه الأزمة الاقتصادية وندخل ضمن فضاء اقتصادي جديد». وبيّن أن «الأزمة الاقتصادية حدثت بسبب هبوط إيرادات النفط بشكل واطئ جداً، وحتى بعد الارتفاع النسبي ستكون واردات الحكومة 3 تريليونات دينار خلال الشهر الواحد، فيما نفقات الدولة خلال كل شهر تصل إلى 7 تريليونات دينار».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.