5 محاور في الحوار الأميركي ـ العراقي

TT

5 محاور في الحوار الأميركي ـ العراقي

العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق شهدت كثيراً من التقلبات صعوداً وهبوطاً خلال العام الماضي، وتتطلب اليوم اللقاء المباشر بين الطرفين مراجعة ما لها وما عليها، بعد أن وصلت إلى حِدّتها بعد مقتل اللواء قاسم سليماني قائد قوات «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني في مطار بغداد، مطلع العام الحالي، ومعه أبو مهدي المهندس، نائب زعيم «الحشد الشعبي»، إذ طالب البرلمان العراقي بسبب ذلك الحكومة بإخراج القوات الأميركية من البلاد.
وكان مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركية أعلن الشهر الماضي، مايو (أيار)، عن عقد الحوار الاستراتيجي الأميركي - العراقي، اليوم، 10 يونيو (حزيران)، إذ سيمثل الجانب الأميركي ديفيد هيل وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، وسيشمل اللقاء طرح وجهات النظر في القضايا كافة، و«أفضل السبل لدعم عراق مستقل ذي سيادة». وقال بومبيو عن هذا اللقاء، إنه سيناقش أيضا ًوجود القوات الأميركية في العراق ومستقبلها، وتراجع عائدات النفط بسبب جائحة كورونا، ما ينذر بانهيار الاقتصاد العراقي، مؤكداً على ضرورة عمل الحكومتين معاً لوقف أي انعكاس قد يضرّ بالمكاسب التي حققتها قوات التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، وتحقيق الاستقرار في البلاد.
وبحسب وثائق حكومية أميركية (حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها) فإنه من المقرر أن تقدم الولايات المتحدة دعماً للعراق يصل إلى نحو 720 مليون دولار نهاية العام الحالي أو مطلع العام المقبل، موزعة على النحو التالي؛ 600 مليون دولار من وزارة الدفاع مساعدات عسكرية وبرامج تدريبية لمحاربة «داعش»، وأكثر من 120 مليون دولار من وزارة الخارجية مخصصة للدعم الاقتصادي والبرامج الأخرى.
وكانت الولايات المتحدة قد جددت في 27 أبريل (نيسان) إعفاء العراق من العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، وسمحت له باستيراد الغاز والكهرباء من جارته لمدة 30 يوماً، ثم عادت مرة أخرى لتمدد ذلك الإعفاء 4 أشهر إضافية خلال فترة الصيف، ما يعتبرها البعض إشارات جيدة من واشنطن لعقد علاقة قوية مع بغداد، وطي صفحات الماضي.
وأوردت صحيفة «المونيتور» الأميركية أن الحوار سيركز على 5 أمور، الأول في المجال الأمني ومواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي، إذ يحتاج التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إلى تكثيف مشاركته مع العراق لمنع تكرار خطأ عام 2014 الذي ولد فيها التنظيم وانتشر.
ثانياً، ستناقش الولايات المتحدة إعادة ترتيب وإصلاح المؤسسات الأمنية العراقية وتدريب القوات العسكرية، إذ تعتبر العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة والعراق راسخة، وأساسها قوياً.
ثالثاً، ترى أميركا في العراق مركزاً أمنياً وشريكاً في المنطقة، وأنه يجب على حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المساهمة بفعالية في حل الأزمات الإقليمية والدولية، مثل مكافحة الإرهاب وغسل الأموال، والجرائم المنظمة، وكذلك تأمين الحدود.
رابعاً، مساعدة العراق اقتصادياً على تجاوز تداعيات وآثار جائحة كورونا التي أضرت باقتصاد البلاد.
خامساً، ستتحدث الولايات المتحدة والعراق بالطبع عن إيران. وبينما يعرف العراق أن مستقبله يعتمد على إضعاف قبضة إيران في الحياة السياسية والاقتصادية، فإنه يعلم أيضاً أنه لا يمكن أن يكون ساحة معركة بين الولايات المتحدة وإيران. وبالنسبة للعراق، فإن التحدي الإيراني تتم إدارته وليس حله، إذ لا يمكن للعراق أن يضع نفسه في صراع مع إيران، ويمكن للولايات المتحدة أن تتفهم ذلك وتعمل مع العراق حول أفضل السبل للتعامل مع إيران.
ويقول جون حنّا، مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس الأميركي الأسبق ديك تشيني، إنه حان الوقت لأن تعيد واشنطن تقييم سياستها تجاه العراق، فقد استغلت إيران بشكل منهجي الاقتصاد العراقي للتحايل على العقوبات الأميركية. ويوضح حنّا، في مقالة له على موقع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأميركية، أن الوضع بين الولايات المتحدة والعراق غير مستقر ولا مستدام منذ عام 2003.

وكانت الأمور تسوء عاماً بعد عام، على الرغم من أن واشنطن زودت بغداد بمئات الملايين من الدولارات من المساعدات الاقتصادية والعسكرية، فضلاً عن الدعم الدبلوماسي الحاسم، فإن النتائج لم تكن مقبولة.
وأضاف: «استند هذا الدعم إلى افتراض أن العراق سيخرج بمرور الوقت كشريك رئيسي في الحفاظ على الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط، وبدلاً من ذلك تتجه الحكومة العراقية اليوم بشكل متزايد في الاتجاه المعاكس، لذا يجب أن يقدم الحوار الاستراتيجي المقبل ما يمكن أن يكون الفرصة الأخيرة لعكس هذا المسار المدمر وإنقاذ شراكة أميركية طويلة الأمد قابلة للبقاء مع العراق، ولا ينبغي إهدار هذه الفرصة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».