إيران: الإعدام قريباً لـ «جاسوس» ساعد واشنطن على تتبع سليماني

أدين قبل شهور من مقتل القيادي في «الحرس»

إيران: الإعدام قريباً لـ «جاسوس» ساعد واشنطن على تتبع سليماني
TT

إيران: الإعدام قريباً لـ «جاسوس» ساعد واشنطن على تتبع سليماني

إيران: الإعدام قريباً لـ «جاسوس» ساعد واشنطن على تتبع سليماني

في خطوة مفاجئة، أعلنت إيران، أمس، أنها ستعدم مقرباً من الجنرال قاسم سليماني بعد إدانته بالتجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل وتقديم معلومات أمنية عن «فيلق القدس»، أهمها تنقلات سليماني الذي قتل في ضربة جوية أميركية.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن إيرانياً أدين بالتجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل عبر مساعدة واشنطن على تحديد موقع سليماني الذي قُتل بطائرة مسيّرة مطلع العام الحالي.
وقال المتحدّث باسم القضاء الإيراني، غلام حسين إسماعيلي، خلال مؤتمر صحافي متلفز، إن «محمود موسوي مجد أدين بالتجسس على القوات المسلحة الإيرانية، خصوصاً (فيلق القدس) ومكان وجود وتنقلات الجنرال قاسم سليماني» لقاء مبالغ كبيرة من الدولارات دفعها كل من جهاز الموساد الإسرائيلي، ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.
وقال إسماعيلي إن المحكمة العليا أيّدت الحكم الصادر بحقه والذي «سينفّذ قريباً».
وقُتل سليماني، الذي كان يقود «فيلق القدس» المكلّف عمليات «الحرس الثوري» الإيراني الخارجية، بضربة نفّذتها طائرة أميركية مسيّرة قرب مطار بغداد في يناير (كانون الثاني) الماضي. وردّت إيران بإطلاق وابل من الصواريخ الباليستية على القوات الأميركية المتمركزة في العراق، في هجوم اختار الرئيس الأميركي دونالد ترمب عدم الرد عليه عسكرياً.
وقال إسماعيلي إن الجاسوس الذي يكشف للمرة الأولى عن هويته «سيواجه عواقب أفعاله وسيشهد أسياده كذلك على عزم وقوة الجمهورية الإسلامية وإمكاناتها الاستخباراتية».
وشدد إسماعيلي على ضرورة «محاسبة العناصر الفاسدة داخل النظام»، ووجه تحذيراً تحت عنوان «نصيحة أخلاقية» إلى وسائل الإعلام والتيارات السياسية وآخرين «بألا يستخدموا هذه القضية ذريعة ووسيلة لتصفية الحسابات الشخصية والجماعية»، داعياً إلى «تجنب تشويه الآخرين والإساءة لهم، أو السماح للنفس بالتدخل في الموازين القضائية»؛ وفق ما نقلت وكالة «إيسنا» الحكومية.
ولاحظت وكالة «رويترز» في تقريرها أن إسماعيلي لم يذكر ما إذا كانت المعلومات التي قدمها موسوي مجد، لها صلة بمقتل سليماني.
وبعد لحظات قليلة من تفاعل وسائل الإعلام مع إعلان القضاء الإيراني، قال مدير وكالة «ميزان»، الناطقة باسم القضاء، مهدي كشت دار، إن واحدة من «الاتهامات الإجرامية هي الكشف عن تنقلات وإقامة القادة العسكريين؛ بمن فيهم سليماني، في فترات مختلفة»، لكنه نوه بأن المتهم «كان معتقلاً لحظة مقتل سليماني، ولم يكن السبب في تسريب وصول سليماني وأبو مهدي المهندس إلى مطار بغداد».
وبعد التغريدة، أفادت وكالة «ميزان»: «لا صلة لملف موسوي بمقتل سليماني بالعراق». وقالت إن جميع مراحل القضاء «جرت قبل مقتل سليماني، وأصدر الحكم الأول بحق موسوي في 24 أغسطس (آب) الماضي».
وكانت مصادر قد أفادت بعد 24 ساعة على مقتل سليماني، باعتقال «شخصين؛ أحدهما عراقي والآخر سوري، يُشتبه بتعاونهما مع الوحدة الخاصة الأميركية التي استهدفت موكب سليماني والمهندس». وأشارت أيضاً إلى «اعتقال مجموعة أخرى من الموظفين والضباط في مطار بغداد، يُعتقد أن لهم صلة بالحادث». ومقابل ذلك، كانت مصادر أخرى ترى أن الولايات المتحدة «تعرف تماماً تحركات سليماني وترصدها منذ فترة طويلة، وكانت على علم مسبق ببرنامج سفره من سوريا إلى العراق قبل يومين من العملية».



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».