«التقدم والاشتراكية» المغربي المعارض يقترح مذكرة «من أجل تعاقد سياسي جديد»

محاورها إنعاش الاقتصاد وحيوية المسألة الاجتماعية والثقافية وتعميق الديمقراطية

محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية
محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية
TT

«التقدم والاشتراكية» المغربي المعارض يقترح مذكرة «من أجل تعاقد سياسي جديد»

محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية
محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية

قال محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أمس (الاثنين)، إن تداعيات جائحة (كورونا) ستزداد حدتها في المغرب بالنظر لتزامنها مع الجفاف وآثاره، الشيء الذي يتطلب خطة طموحة لإنعاش الاقتصاد الوطني، تقوم على أسس تتمثل في تحريك الاقتصاد والرفع من وتيرة النمو، يكون هدفها الإنسان.
واستعرض بنعبد الله، الذي كان يتحدث في لقاء إعلامي عن بعد، تفاصيل مذكرة «ما بعد جائحة كورونا»، التي قدمها حزبه للحكومة، تحت عنوان «من أجل تعاقد سياسي جديد»، وجاءت كخلاصة لتفكير جماعي باشره الحزب منذ ظهور الجائحة، عبر منهجية تشاركية، تقوم على 20 إجراء، تنتظم ضمن ثلاثة محاور رئيسية.
وشدد بنعبد الله، خلال هذا اللقاء الإعلامي، في تفاعله مع أسئلة عدد من الإعلاميين، على أن الخروج من الأزمة لن يتم في 6 أشهر أو حتى في سنتين، مشيراً إلى أن الجائحة أظهرت «هشاشة» الاقتصاد و«طغيان» القطاع غير المهيكل، داعياً إلى تحديد الأولويات واتخاذ إجراءات لدعم وإعادة انطلاق عدد من القطاعات، كالسياحة والعقار والصناعة التقليدية.
وركزت المذكرة على «بلورة مخطط اقتصادي للإنعاش والإقلاع»، و«حيوية المسألة الاجتماعية والثقافية»، و«ضرورة تعميق الديمقراطية»، بحيث لا يمكن الفصل بين الأسئلة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمسألة السياسية، ضمن ربط جدلي ينعكس أي تعثر في أحدها سلباً على المستويات الأخرى، فيما تتأسس المقترحات على «قناعة راسخة» مفادها ضرورة «وضع الإنسان في قلب العملية التنموية»، و«إعادة ترتيب أولويات السياسات العمومية الوطنية»، و«اضطلاع الدولة بأدوار جديدة على مستوى التوجيه والضبط والتدخل المباشر في مجال توفير خدمات اجتماعية أساسية جيدة وضمان الولوج إليها وفي الأنشطة الإنتاجية ذات الطابع الحيوي والاستراتيجي»، مع التأكيد على «الدور الذي يمكن أن يلعبه قطاع خصوصي منتج وناجع، مسؤول اجتماعياً وبيئياً، في هذا المجهود التنموي بتكامل وتناغم مع الأولويات الوطنية المحددة من طرف الدولة».
ودعا بنعبد الله، في سياق استعراضه للخطوط العريضة لمذكرة حزبه، إلى إجراءات مستعجلة وأخرى على المديين القصير والمتوسط، ثم المدى البعيد. كما تحدث عن إجراءات لها طابع رمزي، من قبيل حديثه عن الضريبة على الثروة والإرث والأملاك الفلاحية الكبرى والأجور العالية. كما تحدث عن محاربة الغش والتملص الضريبي وضرورة هيكلة القطاع غير المهيكل.
كما أكد بنعبد الله ضرورة مراجعة اتقاقيات التبادل الحر، مشيراً إلى أنها منافية لمصالح المغرب، فضلاً عن دعوته لمحاربة الريع والفساد والمنافسة غير المشروعة.
وأشار بنعبد الله إلى الحاجة لمنافسة شفافة على مستوى تسويق الطاقة، والرفع من ميزانية الصحة ومستوى التأطير بها، ومن موازنة الثقافة مع الاستثمار في الصناعات الثقافية والإبداعية والفنية باعتبارها قطاعاً منتجاً.
ولم يفوت بنعبد الله فرصة انتقاد الحكومة الحالية، خصوصاً على مستوى نقص التماسك والحضور السياسي، مشدداً على أنه ليست هناك حاجة لتأخير الانتخابات أو الخوض في اختيارات أخرى، قبل أن يتساءل، في سياق استحضار النقاش بخصوص «حكومة الكفاءات»: «أين هي هذه الكفاءات؟»، مشيراً إلى أن الحديث عن «حكومة كفاءات» يتعين أن يكون مؤطراً بتصور سياسي، مع دعوته إلى الاستمرار في المسار الديمقراطي وتوسيع المجال الحقوقي، مع ترسيخ تلازم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مشدداً على ضرورة تقوية دور الفاعلين السياسيين عبر المصداقية والقدرة على إنتاج الأفكار والتصورات وليس بالشعارات.
وركز بنعبد الله، في تقديمه لمذكرة «من أجل تعاقد سياسي جديد»، في المحور الأول، على بلورة مخطط اقتصادي للإنعاش، يقوم على الارتكاز على دور الدولة واعتماد مقاربات مالية وموازناتية وجبائية متجددة، ومباشرة إصلاح جبائي منصف وإخراج إطار للضربية، ودعم وتمويل المقاولة الوطنية والحفاظ على مناصب الشغل في إطار ميثاق اجتماعي، والاعتماد على الإنتاج الوطني وتفضيله، والحد من الاستيراد المفرط وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالي التصنيع والفلاحة، واعتماد البعد الإيكولوجي في المسلسل التنموي للحفاظ على الثروات الطبيعية وتطوير الاقتصاد البديل المحترم للبيئة، وتموقع اقتصادي جديد للبلد وتعزيز مؤهلاته في مهن المستقبل، وإعمال الحكامة في المجال الاقتصادي.
وتحدث بنعبد الله في المحور الثاني، على القضاء على الهشاشة والفقر وإعمال العدالة الاجتماعية والنهوض بالثقافة، عبر إقرار عدالة اجتماعية ومجالية وتوزيع منصف لخيرات البلاد والاستثمار في المدرسة العمومية والتكوين المهني والبحث العلمي، والارتقاء بالصحة العمومية والمستشفى العمومي، والاستثمار في الثقافة والإبداع والنهوض بأوضاع الشباب.
فيما تم التركيز، في المحور الثالث، على تعميق المسار الديمقراطي والبناء المؤسساتي، عبر «تفعيل المبادئ والمقتضيات الدستورية الديمقراطية»، وتوسيع مجال الحريات وتقوية المجال الحقوقي، والنهوض بالمساواة، والارتكاز على الديمقراطية الترابية والنهوض باللامركزية والجهوية المتقدمة وتسريع صلاح الإدارة، وكذا تسريع إصلاح القضاء.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.