مقتل 15 شخصاً بهجمات لـ«طالبان» في أفغانستان

الحركة تقتل 4 أفراد من أسرة واحدة بإقليم وردك

استنفار أمني في موقع هجوم إرهابي على مسجد وسط العاصمة كابل الأسبوع الماضي (أ.ب)
استنفار أمني في موقع هجوم إرهابي على مسجد وسط العاصمة كابل الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

مقتل 15 شخصاً بهجمات لـ«طالبان» في أفغانستان

استنفار أمني في موقع هجوم إرهابي على مسجد وسط العاصمة كابل الأسبوع الماضي (أ.ب)
استنفار أمني في موقع هجوم إرهابي على مسجد وسط العاصمة كابل الأسبوع الماضي (أ.ب)

ذكر مسؤولون، أول من أمس، أن هجمات شنتها حركة «طالبان» في 3 أقاليم أفغانية، أسفرت عن مقتل 15 شخصاً على الأقل. وقالت وزارة الشؤون الداخلية إن المسلحين هاجموا نقطة تفتيش للشرطة في منطقة جولدارا في كابل، مما أسفر عن مقتل 3 أشخاص. وتردد أن 4 رجال شرطة أصيبوا في الهجوم، لكن الوزارة لم تؤكد ذلك العدد. وذكر مسؤولون محليون أفغان، أمس (الأحد)، أن حركة «طالبان» قتلت 4 أفراد من أسرة واحدة، من بينهم شيخ قبيلة في إقليم ميدان وردك أول من أمس الجمعة، طبقاً لما ذكرته قناة «طلوع نيوز» التلفزيونية الأفغانية أمس. وقع الحادث في منطقة شاك بعد أن أطلقت حركة «طالبان» النار على شيخ القبيلة وزوجته ونجله وحفيده، طبقاً لما ذكره محب شريف زاي، أحد المتحدثين باسم حاكم الإقليم. ولم يذكر المسؤولون مزيداً من التفاصيل. غير أن «طالبان» نفت ضلوعها في الحادث، قائلة إن «الأشخاص قتلوا بالقرب من نقطة تفتيش حكومية».
من جهة أخرى، لقي 11 من المقاتلين الموالين للحكومة الأفغانية حتفهم في انفجار عبوة ناسفة كانت مزروعة على جانب طريق في شمال أفغانستان لدى مرور شاحنة قبيل فجر أول من أمس، في هجوم نسبه المسؤولون لحركة «طالبان». وكان العناصر في ولاية بادخشان لتقديم الدعم لقوات الأمن في المنطقة، بحسب المسؤولين. ومن بين القتلى قيادي محلي، حسبما أعلن المتحدث باسم حاكم الولاية صنع الله روحاني لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال العضو في مجلس ولاية بادخشان عبد الله ناجي إن حركة «طالبان» مسؤولة عن الهجوم، لكن الحركة المتشددة لم تتبنَّ العملية بعد. وغالباً ما تؤازر ميليشيات محلية قوات الأمن التي تعمل فوق طاقتها في أفغانستان، وكثيراً ما تتعرض للاستهداف من جانب «طالبان».
يأتي الهجوم بعد انخفاض وتيرة أعمال العنف عموماً في أنحاء أفغانستان في أعقاب وقف لإطلاق النار ضد القوات الأفغانية أعلنته «طالبان» لثلاثة أيام الشهر الماضي. ويتهم المسؤولون «طالبان» بالوقوف وراء عدد من الهجمات الدامية منذ انتهاء الهدنة في 26 مايو (أيار) الماضي. كما نفذ سلاح الجو الأميركي ضربتين استهدفتا الحركة المتمردة في ولايتين مختلفتين هذا الأسبوع للمرة الأولى منذ انتهاء وقف إطلاق النار. ووقعت واشنطن اتفاقاً تاريخياً مع «طالبان» في فبراير (شباط) الماضي تعهدت فيه بسحب كل جنودها من أفغانستان مقابل ضمانات أمنية من المتمردين. ويتيح الاتفاق للولايات المتحدة سحب قواتها بحلول منتصف العام المقبل وطي صفحة انتشار عسكري في أفغانستان استمر نحو عقدين من الزمن. وامتنعت «طالبان» بدرجة كبيرة عن شن هجمات عنيفة على مدن منذ الاتفاق، لكنها لا تزال تستهدف القوات الأفغانية في الأرياف. وقال البنتاغون إنه سيواصل شن ضربات دفاعية رداً على هجمات «طالبان».
من جهة أخرى، قتل مسؤول بمديرية الدفاع والأمن الوطني (الاستخبارات الأفغانية) في كمين نصبته حركة «طالبان» بإقليم خوست شرق أفغانستان، حسب عضو مجلس الإقليم، جان مير زازاي. وأضاف المسؤول أن اثنين آخرين أصيبا في الحادث الذي وقع في منطقة سابراي. وكان مسؤولون قد أفادوا في وقت سابق أول من أمس بمقتل 11 من رجال الشرطة المحلية في انفجار لغم مزروع على جانب طريق بإقليم بادخشان شمال شرقي أفغانستان. وقال سناء الله روحاني، المتحدث باسم قائد شرطة بادخشان إن قائد شرطة محلية و10 رجال آخرين هرعوا لنجدة قوات أخرى في منطقة خاش بالإقليم، عندما انفجر اللغم في سيارتهم. وأكد إحصائية الضحايا أيضاً أحمد جواد مجددي، عضو المجلس المحلي بالإقليم. وقالت شرطة بادخشان إن حركة «طالبان» تسيطر على 30 في المائة على الأقل من المنطقة.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟