تجارب لبنانية... مؤسسات تتبنى وموظفون يعترضون

تجارب لبنانية... مؤسسات تتبنى وموظفون يعترضون
TT

تجارب لبنانية... مؤسسات تتبنى وموظفون يعترضون

تجارب لبنانية... مؤسسات تتبنى وموظفون يعترضون

منذ أيام بُلّغت فاديا (36 عاما) بأنها لن تعود إلى مكتبها، وأن عملها سيصبح وبشكل نهائي عن بعد من دون المس براتبها، الأمر الذي لم يكن مفاجئا لها، فطبيعة عملها لا تحتاج مكتبا ويمكنها القيام به من حاسوبها المحمول حسب ما تقول في حديث مع «الشرق الأوسط».
تعتبر فاديا أنّ العمل من البيت مريح إلى حدّ ما، لكن التحدّي الأصعب في لبنان يكمن في خدمة الإنترنت السيئة جداً وانقطاع التيار الكهربائي، وهي اختبرت الأمر منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) تاريخ بدء العمل من المنزل بشكل مؤقت حفاظا على سلامة الفريق بسبب موقع المكتب وسط بيروت.
بالإضافة إلى الأمور اللوجيستية تعتبر فاديا أنه من العوائق التي تواجه العمل عن بعد صعوبة الحصول على الخصوصية في المنزل ليوم عمل كامل مع وجود جميع أفراد العائلة في البيت، فضلا عن القلق من عدم الأمان والثقة المطلقة في المنصات الإلكترونية والاختراقات التي قد تتعرض لها.
فاديا وهي واحدة من الكثيرين الذين سيتغير نمط حياتهم بعد وباء «كورونا» بسبب اتجاه الشركات إلى اعتماد نظام العمل عن بعد بشكل نهائي حتى بعد انتهاء الوباء حسب ما ترى مايا رحال المديرة الإدارية في منتدى MIT لريادة الأعمال في العالم العربي.
رحّال وفي حديث مع «الشرق الأوسط» أوضحت أن مفهوم العمل من المنزل كان يطبّق في عدد من الشركات في لبنان قبل وباء «كورونا»، ولكن ليس بشكل كامل، فبعض الشركات كانت تسمح لموظفيها العمل من المنزل ليومين أو ثلاثة أيام في الشهر، إلا أن «كورونا» أجبرت هذه الشركات على خوض التجربة لوقت أكبر بحكم الأمر الواقع، فتنبّه أصحابها إلى أنّه ليس من الضروري أن يكون الموظف في مكان العمل ليقوم بالعمل المطلوب منه في الكثير من المجالات لأن الأمر طبعا يرتبط بطبيعة العمل.
ورأت رحال أنّه من الطبيعي أن يتجه عدد كبير من الشركات إلى نظام «العمل عن بعد» حتى بعد انتهاء الوباء، ولا سيّما في مجالات معيّنة مثل تلك التي تتعلّق بالإبداع (كالتصميم والتصوير) أو المجالات التقنية (كالبرمجة وتقنية المعلومات...)، شارحة أنّه من الممكن أن تمرّ الشركات بفترة انتقالية بين العمل من المكتب والعمل من المنزل معتمدة نظام الدمج بينهما عبر الإبقاء على مكتب صغير يخصّص للاجتماعات وإنهاء الأمور التي تحتاج إلى وجود جسدي أو تواصل.
وما قد يلعب دورا كبيرا في توجه الشركات إلى العمل عن بعد هو النتيجة التي كانت إيجابية خلال الفترة الماضية، وذلك لاعتبارات عدة قد يكون منها أنّ الموظف كان خائفا من خسارة عمله في ظلّ الظروف الاقتصادية فعمل على إثبات نفسه وإعطاء أفضل ما عنده حتى لا يترك فرصة لربّ العمل بالتخلي عنه.
بالنسبة للشركات، وحسب رحال، يعدّ العمل عن بعد خيارا جيدا لأنه قد يحرّر صاحب العمل من إعطاء الموظفين التأمين والضمان الاجتماعي وبدل النقل، هذا طبعا يضاف إلى مصاريف كثيرة يوفرها كتكلفة استئجار المكتب وفاتورة الكهرباء والتنظيف والإنترنت والهواتف وكلّ المصاريف اليومية التي تُرصد للمكاتب.
وفي هذا الإطار تؤكد رحال على ضرورة الحفاظ على حقوق الموظف العامل عن بعد ليبقى مرتاحا وأمينا على عمله، فعلى ربّ العمل أن يساهم في المصاريف المستجدة للموظف المتعلقة بتقوية خدمة الإنترنت ومصاريف الاتصالات أو حتى فاتورة الاشتراك بالمولد الكهربائي كوننا نعاني من انقطاع في الكهرباء في لبنان، وأيضا حاجة الموظف في بعد الأحيان إلى العمل في مساحة عمل مشتركة أو في مقهى.
وفي حال اعتماد نظام العمل عن بعد يجب التنبه أيضا إلى ضرورة إعطاء الموظف الثقة وعدم اتباع «المايكرو مانجمنت» من قبل رب العمل بشكل يُربك الموظف ويخلق بيئة غير مريحة، فالأساس يجب أن يكون بالثقة المتبادلة ومن ثمّ المتابعة والمراقبة.
ومن الأمور الإيجابية التي قد تنتج عن العمل في المنزل هو تقليل فرص الاستغناء عن الموظفين في ظلّ الأزمة الاقتصادية كما تقول رحّال، فالشركات التي كانت مضطرة إلى الاستغناء عن عدد من الموظفين لأسباب مالية وفّرت من ميزانيتها التي كانت تدفعها على المكان لتبقي على الموظفين، ولكن هذا لا ينفي أيضا احتمال لجوء بعض الشركات إلى الاستغناء أو تقليل ساعات عمل مع تقليل رواتب لموظفين، إذ تنبّه بعض أرباب العمل إلى عدم حاجتهم إلى عدد كبير من الموظفين في أقسام معينة.
وعن شعور بعض الموظفين بعدم الراحة أثناء العمل من المنزل توضح رحّال أن الأمر يعود إلى سببين رئيسيين، أولهما أننا نعمل حاليا بظروف غير طبيعية، وفي وقت يوجد فيه كلّ أفراد العائلة في المنزل وتحت ضغوطات نفسية بسبب «الوباء»، وثانيهما التغيير المفاجئ إذ لم يخطّط معظمنا للعمل من المنزل بل فرض علينا الأمر، ولكن التعوّد على الأمر والتنظيم سيخففان من شعور عدم الارتياح مع مرور الوقت.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.