«الوطني الليبي» يعزز قواته في مصراتة و«الوفاق» تتقدم في سرت

وزير في حكومة السراج يعلن «ضمنياً» رفض المبادرة المصرية

قوات تابعة لحكومة الوفاق تحتفل بسيطرتها على العاصمة طرابلس (رويترز)
قوات تابعة لحكومة الوفاق تحتفل بسيطرتها على العاصمة طرابلس (رويترز)
TT

«الوطني الليبي» يعزز قواته في مصراتة و«الوفاق» تتقدم في سرت

قوات تابعة لحكومة الوفاق تحتفل بسيطرتها على العاصمة طرابلس (رويترز)
قوات تابعة لحكومة الوفاق تحتفل بسيطرتها على العاصمة طرابلس (رويترز)

أعلن وزير بارز في حكومة الوفاق الليبية التي يترأسها فائز السراج، أمس، رفضه الضمني للمبادرة المصرية لحل الأزمة في البلاد، بينما استمرت المواجهات بين قوات السراج وقوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، في محاور مصراتة وسرت، في غرب ووسط البلاد.
في المقابل، عزّز الجيش الوطني من قواته الموجودة في محاور شرق مصراتة، معلناً في بيان رسمي عن تحرك سرايا القوات الخاصة (الصاعقة) من مدينة بنغازي بشرق البلاد مُتجهة إلى هناك، وأعلن في بيان لشعبة إعلامه الحربي أنه أفشل محاولة هجوم من مجموعات الحشد الميليشياوي المدعوم تُركياً والمرتزقة السوريين والأتراك؛ على مدينة سرت، مشيراً إلى أن قواته بدأت في مطاردة فلولهم، بعدما كبدتهم خسائر كبيرة في العتاد والأرواح. وأوضح البيان أن المعارك انتقلت إلى ما بعد الحدود الإدارية لمدينة سرت بتغطية جوية من قبل السلاح الجوي.
وقال اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم حفتر، إن قوات الجيش الوطني شنّت هجوماً مضاداً على الميليشيات المدعومة بقوات تركية في منطقة الهيشة، شرق مصراتة، بعد سلسلة من الغارات الجوية على المواقع المعادية من قبل المقاتلات الحربية، بالإضافة إلى الدعم الناري للقوات البرية.
من جانبها، اعتبرت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا أمس أن المآسي التي شهدتها ليبيا هي «حرب خاسرة، ولن يكون هناك منتصر حقيقي»، معربة عن «استعدادها لتسيير عملية سياسية، تشمل الجميع، يقودها الليبيون». ورأت أنه «من البوادر المشجعة على ذلك الدعوات التي أطلقها مؤخراً قادة ليبيون لاستئناف مثل هذه المحادثات بهدف إنهاء القتال ما سيمهد الطريق لحل سياسي شامل يستند إلى الاتفاق السياسي الليبي وضمن إطار خلاصات مؤتمر برلين وقرار مجلس الأمن». ودعت البعثة الأممية مجدداً الأطراف الليبية إلى الشروع سريعاً وبصورة بناءة في محادثات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» من أجل التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار.
وفيما اعتبرته مصادر مقربة من المشير حفتر بمثابة «مشاكسة سياسية» له من السفارة الأميركية لدى ليبيا، أعلنت السفارة في بيان لها أن «الولايات المتحدة تراقب باهتمام ارتفاع أصوات سياسية في شرق ليبيا للتعبير عن نفسها»، مشيرة مساء أول من أمس إلى أنها «تتطلع إلى رؤية هذه الأصوات تنخرط في حوار سياسي حقيقي على الصعيد الوطني فور استئناف مباحثات اللجنة المشتركة (5 + 5) التي استضافتها البعثة بشأن صوغ وقف إطلاق النار».
بدوره، ناقش السراج في اجتماع بقادة قواته، مساء أول من أمس، في طرابلس «الوضع الميداني، والإجراءات العسكرية المتخذة لتأمين المناطق المحررة ورصد مصادر التهديد المحتملة». وقال السراج، في بيان وزّعه مكتبه، إن الاجتماع بحث أيضاً تنظيم المؤسسة العسكرية وتطوير وتسريع آليات دمج واستيعاب التشكيلات العسكرية المساندة، فيما بدا أنه بمثابة تلميح إلى إعادة دمج الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق في كيان عسكري جديد يتبع لها. وقالت قوات حكومة الوفاق، التي استعادت بدعم تركي السيطرة على الجزء الأكبر من شمال غربي ليبيا، إنها تقدمت داخل مدينة سرت الساحلية، رغم أن قوات الجيش الوطني أعلنت تصديها للهجوم.
وقال الناطق باسم قوات الوفاق المشاركة في عملية بركان الغضب إنها قتلت 10 من قوات الجيش في 3 ضربات قتالية شرق المحطة البخارية بمدينة سرت، شمال وسط البلاد، على بعد 450 كيلومتراً شرق طرابلس، ودمّرت خلالها آليتين مسلحتين وسيارة مصفحة ومدفعاً. وقال بيان لعملية بركان الغضب لقوات الوفاق إنها تقدمت من محاور جارف والساحلي والسبعة إلى وسط مدينة سرت، كما أسقطت طائرة مسيرة للجيش في محيط مدينة سرت، بينما أكد الناطق الرسمي باسم غرفة عمليات سرت والجفرة، التابعة لحكومة الوفاق في تصريحات تلفزيونية، أن قواته أسقطت طائرة ثانية في الحدود الإدارية لسرت.
وبدا أمس أن قوات الوفاق تسعى إلى استعادة السيطرة على منطقة الهلال النفطي الاستراتيجية؛ حيث ادعى مصدر أمني مهاجمة مجموعة مسلحة مجهولة الهوية حقل الشرارة النفطي بمدينة أوباري، جنوب ليبيا، مشيراً إلى أنها لم تتمكن من اقتحام الحقل، لكن تبادلاً لإطلاق النار اندلع في الجانب الشرقي للحقل دون وقوع إصابات. وزعم أن قوات الجيش عزّزت قواتها هناك بنشر آليات ووصول دعم للقوة الموجودة داخل الحقل. وأكدت مؤسسة النفط الموالية لحكومة الوفاق، في بيان لها أمس، عودة الإنتاج بحقل الشرارة النفطي الواقع في جنوب البلاد، بعد مفاوضات طويلة لفتح «صمام الحمادة» الذي تم إغلاقه بشكل غير قانوني في يناير (كانون الثاني) الماضي والذي أدى إلى إيقاف الإنتاج.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.